المرأة والقضاء
مازلنا نقف عند نفس النقطة.. نتساءل.. نتحاور.. لا نمل من التكرار.. لا نلتفت إلى العالم الذي يمضي من حولنا غير عابئ بنقاشنا.. فلقد حزم أمره بعد أن رأى الطريق الصحيح منذ زمن وسار فيه.. أما نحن فمازلنا في مناقشاتنا.. يتردد في فضائنا المحلي ذات العبارات الرنانة من عينة "المرأة لا تصلح للعمل في القضاء".. العمل شاق ومضنٍ كيف تتحمله النساء.. لا توجد أماكن عمل لائقة تناسب المرأة في دور العدالة.
تتردد هذه الحجج وكأننا في عام 1953 عندما صدر حكم بأن الوقت غير مناسب بعد لتعيين الإناث في القضاء وكأننا لسنا في عام 2018.. كأن الزمن توقف طيلة السبعين عاما الماضية فظللنا نصرخ في وجه امرأة عام 2018 بذات ما قيل لامرأة عام 1953.. يتردد ذلك وكأن السبعين عامًا الماضية لم تمض وكأنها كانت سرابًا.. رغم أن كل ما في المجتمع تغير، ولم يعد هناك أي شبه بين مجتمع عام 1953 ومجتمع عام 2018..
يقال ذلك وكأن الدستور المصري لعام 2014 لم ينص لأول مرة على كفالة حق المرأة في التعيين بالجهات القضائية.. يقال ذلك وكأن المرأة لم تعين بالفعل في المحكمة الدستورية والمحاكم الابتدائية والاستئناف وأثبتن كفاءة.. يقال ذلك وكأن المرأة لم ترأس لجان الانتخابات بمنتهى الجَلد والكفاءة التي لا تقل بأي حال من الأحوال عن الرجل، وهو ما ينكره البعض الذي يغبن المرأة حقها وينكر دورها، فيقول بتبجح إن العمل شاق لا يناسب المرأة وهي التي باشرت أعمال الانتخابات لمدة ثلاثة أيام متواصلة لأكثر من 12 ساعة يوميًا ولا أحسب أن هناك مشقة أكثر من ذلك..
يقال ذلك وكأن المرأة لم تعتلِ منصة القضاء في أغلب الدول العربية والإسلامية، فالمرأة قاضية في المغرب منذ عام ١٩٥٩ حتى بلغ عدد القاضيات بالمغرب 500 قاضية.. كما عينت المرأة بالقضاء في السودان منذ عام ١٩٦٥ وفى تونس منذ عام 1968 وفي سوريا منذ عام 1975 وفى اليمن منذ عام 1990 وفى لبنان منذ عام 1966 وفى الأردن منذ عام 1995 وفى الجزائر منذ عام 1990 وفى سلطنة عمان منذ عام 1997 وفى الكويت عينت المرأة بالنيابة العامة منذ عام ٢٠٠٦، أما نحن في مصر، فمازلنا نتناقش ثم نتناقش ثم نتناقش.. وتمضى الأيام.. والنقاش لا ينتهى..