رئيس التحرير
عصام كامل

«مرصد الأزهر» يحدد أوجه الشبه والاختلاف بين مظاهر الإسلاموفوبيا بالغرب

فيتو

من المحاور الأساسية التي يعمل عليها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف هو متابعة أحوال المسلمين حول العالم، بما في ذلك المقيمين منهم في بلدان غير إسلامية، وبخاصة ما يتعرضون له من مشكلات تهدد أمنهم وسلامتهم، وتعد قضية الإسلاموفوبيا من أهم هذه القضايا، حيث تؤثر مظاهرها وتجلياتها تأثيرًا مباشرًا في العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في تلك البلدان ومستوى اندماجهم في المجتمع.


وفي هذا السياق، رصدت وحدة اللغة الإنجليزية بالمرصد مقالًا بموقع «The Conversation» الأكاديمي يتناول بالمقارنة قضية الإسلاموفوبيا في كل من العاصمة البريطانية، لندن، والعاصمة الفرنسية، باريس، تواجه بريطانيا وفرنسا تحديات متشابهة على العديد من الأصعدة؛ حيث إنهما تقعان غرب أوروبا وتوجد بكل منهما جالية مسلمة كبيرة نسبيًا تصل إلى 5.7 مليون مسلم في فرنسا و2.7 مليون مسلم في بريطانيا ووفقًا للمقال، ارتفع مؤشر الإسلاموفوبيا في فرنسا وبريطانيا على مدار السنوات الأخيرة، خاصة عقب الهجمات الإرهابية، مثل هجوم شارلي إيبدو في باريس وهجوم جسر لندن، مما دعا تريزا ماي وإيمانويل ماكرون إلى الالتقاء في يناير 2018 والاتفاق على سبل مكافحة الإرهاب المشتركة بين البلدين. وعلى الرغم من التشابه بينهما في هذا الصدد، إلا أن الإسلاموفوبيا تتجلى في كل منهما بصورة مختلفة قليلًا عن الآخري.

ويستعرض المقال أماكن وقوع حوادث الإسلاموفوبيا في كل من لندن وباريس؛ حيث يرى المقال أنه في البلدين على السواء، تقع حوادث الإسلاموفوبيا في العاصمتين بشكل أساسي.إلا أنه في باريس غالبًا ما تقع الأعمال العدائية ضد المسلمين وسط باريس لكنها تنخفض تدريجيًا كلما ابتعدنا عن مركز العاصمة. وهذا يختلف عن لندن، حيث تقع الأعمال العدائية ضد المسلمين في مركز العاصمة وعلى أطرافها على السواء، فكثيرًا ما تقع أعمال الإسلاموفوبيا في الأتوبيسات أو القطارات أو محطات النقل.

وفي فرنسا، تكون غالبية أعمال الإسلاموفوبيا في المؤسسات العامة مثل المدارس والمستشفيات. ويرجع سبب انتشار الإسلاموفوبيا في المؤسسات العامة، وفقًا للمقال، إلى تأثير قانون عام 2004 الذي يحظر ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية، وهو ما يجعل بعض االموظفين العمومين يعتقدون أن نطاق هذا القانون يمتد ليشمل جميع مستخدمي المؤسسات العامة وليس المدارس فقط. ومع أن النقاب كان قد تم حظره في فرنسا في الأماكن العامة منذ 2010، فإن الحجاب لا ينطبق عليه ذلك.

والضحايا الرئيسيون في كلا البلدين هم المحجبات، والكثير منهن من الطالبات. ويرجع الضحايا في بريطانيا إلى أصول جنوب آسيوية، على عكس ضحايا الإسلاموفوبيا في فرنسا الذين ترجع أصولهم إلى منطقة شمال أفريقيا، وربما يكون ذلك له علاقة بتاريخ الهجرة والمناطق التي احتلتها كل بلد من البلدين. وغالبًا ما يكون الرجال من أصحاب البشرة البيضاء هم منفذي حوادث الإسلاموفوبيا في بريطانيا. أما في فرنسا فالأمر على التساوي؛ فقد يكون المعتدي رجلًا أو امرأة.

وفقًا للمقال، فإن النموذج الجمهوري الفرنسي لا يفرق بين المواطنين ويعتبرهم جميعًا فرنسيين، ومن ثم لا يمكن التفريق بينهم على أساس الدين أو العرق، وهذا قد يفسر إلى حد ما، حسب المقال، سبب عدم الإبلاغ عن أعمال الإسلاموفبيا في فرنسا، حيث إنه من الصعب التقدم بدعوى على عدم التسامح الديني أو تمييز عرقي في حين أن الدولة نفسها لا تعترف بمثل هذه الفروق.

أما بريطانيا فهي تتبنى نهجًا قائمًا على التعددية الثقافية وتعزيز تنوع المجتمعات العرقية والدينية، ولكن لسوء الحظ يعارض بعض البريطانيين هذا النهج التعددي ويمارسون العنصرية ضد كل من يشعرون أنه لا ينتمي إلى بريطانيا. ومن المرجح أن هذه العوامل هي التي تشكل طريقة تفاعل المسلمين في السياسة ومشاركتهم المجتمعية، وحسبما ورد في المقال.

ويأمل مرصد الأزهر أن يتم اتخاذ اجراءات أكثر صرامة في مواجهة قضايا الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية التي تهدد أمن المسلمين وسلامتهم في المحتمعات الغربية وتنعكس سلبا على روح المحبة والإخاء التي ينبغى أن تسود في هذه المجتمعات، ويؤكد المرصد على ضرورة أن يتمتع جميع المواطنين بحقوق متساوية دون أي تمييز بينهم على أساس العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو صفة أخرى، كما يؤكد على ضرورة نشر الوعى بين المواطنين بخطورة الإسلاموفوبيا ومدى تأثيرها على تماسك المجتمع وتهديد أمنه واستقراره.
الجريدة الرسمية