روشتة الرئيس!
بعيدًا عن هبل المهابيل وتفاهة التافهين دعونا نضع كلمة الرئيس تحت المجهر.. فماذا قال الرئيس أمس؟ الرئيس يحضر القمة الثانية في السعودية خلال أشهر بعد قمة الرياض ومع ذلك يفعل الآتي: يضع الموقف من إيران في حجمه الطبيعي كأحد التحديات التي تواجه "الأمن القومي العربي"؛ بسبب اختراقه بالكامل بعد أن تم ضرب مفهوم الأمن العربي في مقتل على يد بعض العرب أنفسهم!
ولكن الرئيس أكمل الصورة ولم يعتبر إيران التحدي الوحيد.. فيعيد التأكيد على الثوابت الصحيحة لحل الصراع في سوريا وهي الشعب السوري وحده من يحدد مصيره ولا تدخل في شئون سوريا إلا لحل الأزمة وتعمير البلد الشقيق مع ضرورة الحفاظ على كيان الدولة السورية ومؤسساتها.. وهي الثوابت نفسها لحل الأزمات في ليبيا واليمن! لكن في الملف السوري يرفض الرئيس باسم مصر كلها العدوان عليها ويرفض كذلك استمرار نزيف الدم!
هذا الكلام لا يرضي السعودية التي لا تقبل إلا بتأييد موقفها من كل القضايا العربية فكان ضروريًا إرضاؤها في آخر الكلمة برفض ضربها بالصواريخ من اليمن!
الكلام عن تركيا واضح جدًا لا لبس فيه.. الكلام عن فلسطين كان مفتتح الكلمة وفيها حيا تضحيات شعبها المستمرة كل يوم.. وعن الإرهاب يكرر الرئيس الكلام عنه ويلعنه ويلعن من يموله ويدعمه إعلاميًا وماديًا وسياسيًا!
أما ما التبس على الناس فهما نقطتان أساسيتان عند الكلام عن سوريا تحديدًا:
الأولى رفض الرئيس استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا لكن الرئيس لم يتهم الجيش السوري باستخدامه وإلا ما طالب بعدها على الفور بإجراء تحقيق متخصص ومحايد، وهو نفسه ما تطالب به روسيا بل هو عينه ما تطالب سوريا نفسها لإصرارها على أن الإرهابيين عملاء أمريكا وإسرائيل هم من استخدموه!
النقطة الثانية هي كلام الرئيس عن جهود بذلتها مصر والسعودية لتوحيد المعارضة السورية، وهذا لا يعني دعم مصر للمعارضة، إنما يعني دعم مصر للحوار بين كل الأطراف هناك والمعارضة المقصودة هي المعارضة الوطنية وليست فقط المعتدلة.. فلا معنى لأن لا تحمل السلاح لكن تتآمر على بلدك.. إنما المعيار -على الأقل عند مصر- هو التعامل مع معارضة تريد دولة وطنية ديمقراطية، لكن دون تبني أجندات خارجية وتلقي تعليمات وأموال من أطراف أجنبية ودون حمل السلاح ضد الجيش السوري! وهذه المعارضة بعضها مقيم داخل سوريا ودمشق نفسها!
تتبقى إشارتان في منتهى الأهمية: الأولى سنقولها وهي احتساب الرئيس عمر الدولة الوطنية الحديثة منذ "مرحلة التحرر الوطني"، أي فترة الاستقلال من الاستعمار الأجنبي ورحيله عن المنطقة.. أما الثانية وهي الأهم فتحتاج مقالا مستقلا!
بعيدًا عن نتائج القمة أو أي أمل من ورائها إلا أننا نقف أمام رئيس عبر عن إرادة شعبه وأرضى ضميره دون أي اعتبار آخر!