رئيس التحرير
عصام كامل

مؤامرات عربية!


أقر وأعترف أننى لا أتحمل مواقف كثيرة ببرود مثل رجال السياسة، وأخشى من كثرة الكتابة في بعض الموضوعات حتى لا يشعر القارئ بالملل، لأن تكرار الشيء أحيانا يفقده قيمته، السبب أن ما نراه على الساحة العالمية والعربية يثير العقل وربما يفقده الصواب، عشنا زمن الحرب الباردة بين القطبين، وتابعنا ما حدث من الأمريكان في فيتنام وأفغانستان والعراق، وقبلها لبنان والصومال وليبيا، وغيرها من الجرائم الأمريكية وفى جميعها كان الغرب له من الأسباب الكاذبة والتي يخادع بها العالم.


ويصدقها السذج في كل مرة، مستغلا عدم اهتمام شعوبهم كثيرا بهذه الدول وباستثناء ما حدث للأمريكان في فيتنام من هزيمة منكرة وسقوط عشرات الآلاف قتلى وسقوط الطائرات الأمريكية مثل الذباب، لهذا خرجت المظاهرات ضد الحرب في فيتنام وربما من أهم أسباب نجاح نيكسون في انتخابات الرئاسة الأمريكية هو الإعلان عن سحب الجيش الأمريكى في فيتنام وقد حدث. 

أما عدا هذا فقد خدع قادة الغرب شعوبهم باسبابهم في حروبهم الآخرى، السؤال: لماذا تفكر الولايات المتحدة والغرب في ضرب سوريا؟! سوريا المنهكة من حرب سبعة سنوات هل لأن ترامب وعصابته من قادة الغرب فعلا يريدون تأديب النظام السورى لاستخدامه السلاح الكيماوى؟ وهل أمريكا عندما بلطجت وضربت دولا مثل فيتنام أو أفغانستان أو العراق كان هناك مبررا يمكن تصديقه بأى معيار؟ أليست هذه الدول كانت مجرد حقل تجارب بأسلحتها الجديدة من كل نوع !؟

أليست أمريكا هي التي أقامت أبشع مجازر وانتهاكات للإنسانية في سجون أبو غريب؟ أليست التي أنشأت للآلاف من الأسرى الأفغان ونكلت بهم في سجون جواتنامو التي أقيمت لهم خاصة لينالوا أبشع تعذيب؟ بأى قانون أو منطق كل هذا سوى قانون البلطجة! القضية أن نظام بشار الأسد لم يسقط بالرغم من سبع سنوات من الحرب التي يمولها دول عربية وبأسلحة غربية ومقاتلين مستأجرين. 

ولهذا لابد أن ينتهى أمريكا والغرب من هذا الأسد الذي لا يزال لديه قوات يحاول أن يقف على قدمه في مواجهة أمريكا والغرب! هذا ليس لأن بشار الأسد دمه ثقيل أو لخلاف على ميراث ولكن لا بد من تدمير الدولة السورية جيشا أولا من أجل الكيان الصهيونى.. وتمزيق الأرض لتكون مشاعا لتركيا والقوات المتناحرة، وبهذا يكون السيناريو قد قاب قوسين من نهايته، ليكون الدور على الجائزة الكبرى، وهى مصر!

هنا يأتى السؤال الذي أجاب عليه ابن خلدون من مئات السنين، الذي نحن حتى الآن عاجزين عن استيعابه، قالها ابن خلدون وكتبتها مرات ومن المؤكد كتبها غيرى بصور مختلفة، قال: التاريخ هو العظة والاعتبار.. وقلنا إن ذاكرة الأمة في خطر من سنوات طويلة، نبهنا ابن خلدون إلى أهمية التاريخ لنتعلم منه ونستخلص منه العبر، ولكن لا فائدة، ربما يكون هناك من تفاجىء بما يحدث على الساحة العربية وخاصة سوريا.

الغريب أن السيناريو الذي بدأ تنفيذه بعد غزو العراق للكويت هو نفسه السيناريو الذي أعلنه الفريق الشهيد عبدالمنعم رياض ومسجل في جامعة الدول العربية في اجتماع قادة الجيوش العربية في ١٩٦٩، وكأنه كتب السيناريو بالضبط، حذر ونبه إلى المخطط الذي أعده الأعداء للأمة العربية، المدهش أن جميع ما حذر منه الشهيد عبد المنعم رياض يحدث بالضبط، من حيث تسلل الاختراق لنا من الخليج ثم العراق ثم سوريا وأخيرا مصر.

والهدف توفير الأمن للكيان الصهيونى وترسيخ السيطرة على خيرات المنطقة من بترول وغاز وأموال وغيرها من تاريخ وحضارة لا بد من تحطيمها، نحن لم نتعلم من الأحداث التي نراها رؤيا العين، وأحداث متتابعة وليست صدفة وبالرغم من هذا لا نتعلم، أدهشنى الاعتراف الذي أعلنه مسئول سعودى كبير أن بلاده وقفت ضد جمال عبد الناصر في الستينيات لأنه شيوعى!

بالرغم أن هذا الزعم غير صحيح ولكن، وكان عليه أن يخجل لأنه دعم أعداء الأمة العربية هو وغيره من الدول العربية سواء في حرب اليمن أو حرب يونيو 1967، نحن لا نتعلم، وبالماضى القريب تم تدمير العراق أمام أعيننا لأسباب وهمية كاذبة، ولم نتعلم، وأمامنا اليمن وقد دمرت، ولم نتعلم، ليبيا تمزقت، ولم نتعلم، السودان أصبح أربع دول، ولم نتعلم، متى أيها العرب سنتعلم؟! التاريخ يعطينا الدرس والعظة ونحن نرفضها.

أين أنتم أيها العرب!؟ أين قبوركم لنترحم عليكم أن وجدت لكم قبور!
الجريدة الرسمية