رئيس التحرير
عصام كامل

"بن لادن" فى القاهرة!


ليست هى المرة الأولى التى تُرفع فيها أعلام تنظيم القاعدة وصور مؤسسها وزعيمها "بن لادن" فى قلب القاهرة.. لقد سبق رفع أعلام القاعدة وصور "بن لادن" قبلها بشهور، أمام وفوق مبنى السفارة الأمريكية فى "جاردن سيتى"، وقبلها حدث ذلك أمام مبنى وزارة الدفاع بالعباسية، حينما حاول المتظاهرون اقتحامه.


وهكذا.. صار رفع أعلام القاعدة وصور "بن لادن" أمرًا متكررًا ومألوفًا من بعض هؤلاء الذين ينتمون لتيار الإسلام السياسى.. وكأن القاعدة ليست تنظيمًا عالميًّا إرهابيًّا، وكأن زعيمها ومؤسسها "بن لادن" يستحق التكريم وليس الإدانة!

وما كان يحدث ذلك إلا فى ظل الحماية التى صار يدرك هؤلاء المتطرفون أنهم يحظون بها من قبل الأخ الأكبر وهو جماعة الإخوان!

ففى الوقت الذى يسارع فيه المتحدثون باسم جماعة الإخوان بشن ما تيسر لهم من هجوم على أية مظاهرات سياسية ينظمها معارضون، أو احتجاجات فئوية ينظمها عمال وموظفون، فإنهم لا يفتحون أفواههم بكلمة نقد، ولو رقيقة، لهؤلاء الذين يروّجون لأخطار الإرهاب، ويشيدون فيها بزعيم أكبر وأشهر تنظيم إرهابى دينى حتى الآن.. والمعروف أن السكوت عادة هو "علامة رضا" وقبول بما يفعله هؤلاء.

ومعنى ذلك خطير ومفزع؛ لأنه يشير إلى أنه لا توجد خلافات جوهرية أو ذات بال بين الإخوان وباقى الجماعات الإسلامية المتطرفة الأخرى، التى لا تمانع فى استخدام العنف تجاه المعارضين والمجتمع ومؤسسات وأجهزة الدولة.. فالإخوان هنا يتركون لهذه الجماعات المتطرفة التى تؤمن باستخدام العنف القيام بما لا يستطيعون القيام به بأنفسهم.. أى أننا إزاء عملية توزيع أدوار ومهام سياسية ومجتمعية بين كل فرقاء وجماعات الإسلام السياسى.

الإخوان يتحدثون بلسان حلو عن المؤسسة العسكرية، ويتركون لـ"حازم أبو إسماعيل" التهجم على قيادتها.. والإخوان يتحدثون عن الدور المهم لجهاز المخابرات، ويتركون لـ"أبو العلا ماضى" مهمة تلطيخ سمعة هذا الجهاز.. والإخوان يقسمون بأغلظ الأيمان أنهم يحرصون على استقلال القضاء، بينما يتركون لـ"عصام سلطان" مهمة التشهير بالقضاء ومحاولة التخلص من آلاف القضاة.

وهكذا.. تمضى اللعبة.. يتظاهر الإخوان بأنهم قد طلّقوا العنف طلاقًا بائنًا منذ عقود، بينما هم يَرْعَوْن ويحمون من يجاهر بالدعوة للعنف، ويحتفى بأكبر تنظيم إرهابى ويرفع راياته فى قلب القاهرة.

إذن نحن لا نعيش فقط تحت حصار سياسى من جماعة تريد أن تستأثر بكل شىء، وتفرض هيمنتها على المجتمع، إنما - وهذا هو الأخطر- يهددون بإرهاب يتربص بنا، وعنف بدأ يطالنا بالفعل.
الجريدة الرسمية