رئيس التحرير
عصام كامل

السكك الحديدية تطرد نصف مليون راكب من قطاراتها.. 5 ملايين جنيه زيادة يومية لـ«الميكروباص».. وقيادات الهيئة تؤكد: «عايزين نوفر الأمان».. وخبير طرق: الهدف زيادة رحلات البضائع لتعويض

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

“حاولت حل الأزمة فصنعت أزمة أكبر”.. هكذا يمكن تلخيص خطة التطوير التي بدأت قيادات وزارة النقل، والهيئة القومية للسكك الحديد، في تنفيذها خلال الأسابيع القليلة الماضية، فالهيئة التي تنقل ما يزيد على مليون ونصف المليون راكب، منهم مليون راكب يستقلون الخطوط المميزة والدرجة الثالثة، في إطار سعيها لـ”تقليل الخسائر” قررت إلغاء عدد كبير من رحلاتها بواقع 4% من إجمالي الرحلات اليومية البالغة 900 رحلة، ومن المقرر إلغاء عدد جديد من الرحلات مع منتصف العام الجاري، على أن يصل عدد الرحلات الملغاة 100 رحلة تقريبا في المراحل الأولى لتطبيق خطط الإلغاء، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الرحلات تنقل ما يقرب من نصف مليون راكب.


أزمة “السكك الحديد” التي ترى أن “إلغاء الخطوط” أول خطوة في طريق الحل، يمكن القول إنها ستتحول إلى كارثة، خاصة أن الراكب الذي تخلت عنه الهيئة سيلجأ إلى “الميكروباص”، الأمر الذي سيؤدي بالتبعية إلى اتجاه أصحاب سيارات النقل تلك لرفع الأجرة، ومن المتوقع ارتفاع إيرادات الميكروباص بواقع 5 ملايين جنيه يوميا لانتقال نصف مليون راكب من السكك الحديد للميكروباص بإيرادات سنوية مليارا و825 مليونا، ليس هذا فحسب، فإن زيادة نصف مليون راكب مرة واحدة، يعني زيادة عدد الرحلات التي كانت تقوم بها سيارات الميكروباص تلك، ما يعني زيادة معدلات الازدحام، وارتفاع معدلات الضغط على شبكة الطرق وزيادة معدلات الحوادث والاختناقات المرورية، ومن المتوقع أن تزداد نسب الزحام بكافة الطرق فور تطبيق الإلغاء لهذا الكم من الرحلات ما يهدد بأزمة فعلية.

الغريب في الأمر هنا، وما يؤكد أن الهيئات المسئولة لا تزال تعمل وفق سياسة “الجزر المنعزلة”، فإنه في الوقت الذي قررت فيه السكك الحديد إلغاء عدد كبير من رحلاتها، فإن كافة المحافظات لم تفتح باب الترخيص لسيارات الأجرة منذ عدة سنوات، وبالتالي ظهرت خلال السنوات الأخيرة عشرات بل آلاف السيارات التي تحمل أرقام “خاص وملاكي” التي تقوم بأعمال الأجرة وتنقل الركاب بالأجر، وتخشى هذه السيارات دخول المواقف الرسمية بسبب الغرامات، وهو ما دفعها لتكوين مواقف عشوائية لها بعيدا عن أعين الشرطة وبعيدا عن يد القانون.

وتعقيبًا على قرار “إلغاء الرحلات” الذي بدأت “السكك الحديد” في تطبيقه فعليًا، قال الدكتور حسن مهدي، أستاذ الطرق في كلية الهندسة، جامعة عين شمس: قرار إلغاء عدد كبير من رحلات السكك الحديد، لن يكون القرار الأخير في هذا الشأن، ومن المقرر أن تقوم السكك الحديد بإلغاء رحلات أخرى على أكثر من دفعة، والهدف الرئيسي لإلغاء الرحلات إفساح المجال لتشغيل خطوط نقل البضائع كبديل للخطوط الحالية للركاب، ما يضمن زيادة موارد السكك الحديد خلال الفترة المقبلة.

مضيفًا: الاتجاه العام الذي تتبناه قيادات “النقل” والهيئة القومية للسكك الحديد، يتمثل في التوسع في عمليات نقل الحاويات بالسكك الحديد مع تخفيض النقطة السلبية الخاصة بالخسائر التي تنتج عن الركاب.

في السياق.. قال حسني عبد الله، نائب رئيس السكك الحديد للماليات: تكلفة نقل الركاب على الكيلو متر تحسبها السكك الحديد بنحو 25 قرشا وتصل تكلفتها الحقيقة 75 قرشا، وبالتالي فإن نقل الركاب هو السبب الرئيسي في خسائر السكك الحديد، وحتى يتم إصلاح الهيئة لا بد أن يتم تقليل الاعتماد على نقل الركاب والتوجه لنقل البضائع، مع الأخذ في الاعتبار أن البديل عن ذلك زيادة أسعار تذاكر القطارات للركاب، بواقع يضاهى فرق سعر الخدمة والذي يصل لثلاثة أضعاف، كما أن توجهات الحكومة والعنصر الأول في اهتمام السكك الحديد هو عنصر الأمان ولتحقيقه لا بد من العودة برحلات الركاب إلى الحد الآمن.

وتابع: قيادات التشغيل وجدت أن عدد الرحلات يزيد على طاقة التشغيل الآمن بنسب كبير، وهو ما دفع الهيئة لاتخاذ القرار الخاص بالنزول بعدد الرحلات، لتتمكن السكك الحديد من نقل الركاب بشكل آمن خلال الفترة المقبلة، والعمل على تقليل نسب الحوادث التي تنتج بسبب هذه الأزمة.

من جهته قال المهندس أشرف رسلان، نائب رئيس السكك الحديد للمسافات الطويلة: إلغاء بعض الرحلات ليس نهائيا ومن المقرر أن تعود رحلات بديلة بعد عام ونصف العام من الآن، وفور الانتهاء من تطوير الإشارات الخاصة بالقطارات بما يساعد في تشغيل عدد أكبر من رحلات القطارات خلال الفترة المقبلة وبمعدلات أمان مرتفعة للغاية.

وأوضح أن “النجاح الذي تستهدف السكك الحديد تحقيقه لا بد أن يصحبه العمل على توفير رحلات آمنة بالقطارات، وذلك لن يحدث بدون ضغط عمليات تطوير البنية الأساسية التي تتم في الوقت الحالي”.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية