«ناصر».. حبيب الملايين.. أدى اليمين الدستورية 3 مرات في 8 سنوات.. «الإصلاح الزراعي» و«السد العالي» من أبرز إنجازاته.. والخلافات في الحكم أبرز مساوئ عصر الزعيم
في 14 نوفمبر 1954 قرر مجلس قيادة الثورة إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه، وتولى المجلس الذي كان يرأسه جمال عبد الناصر، إدارة شئون البلاد، وفي 24 يونيو 1956 انتخب عبد الناصر رئيسًا للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقا لدستور 56 وحصل على 99.7% من أصوات المشاركين في الاستفتاء وقتئذ حتى تحول مع الوقت إلى حبيب الملايين.
وخطب عبد الناصر يوم 25 يونيو في حفل تكريمه بعد أن أصبح رئيسًا للجمهورية بنادي الضباط وقال: “في هذا اليوم الذي أعلن فيه شعب مصر للعالمين أنه قد آلى على نفسه أن يسير قدمًا في زحفه المقدس في سبيل حريته وفي سبيل حياته، في هذا اليوم الذي تقابله مصر للمرة الأولى في تاريخها، فلأول مرة يجرى الاستفتاء على الدستور في مصر، ولأول مرة يجرى الاستفتاء في مصر على الرئاسة لأحد أبناء مصر”.
أول جلسة
في عام 1957 عقدت أول جلسة لمجلس الأمة عقب ثورة يوليو وترأسها الراحل محمد أنور السادت، فحلف عبد الناصر اليمين الدستورية أمام هذا المجلس يوم 23 يوليو في الذكرى الخامسة للثورة.
وفي فبراير 1958 أعيد اختيار عبد الناصر لكن كرئيس للجمهورية العربية المتحدة بعد وحدة مصر وسوريا، وذلك في استفتاء شعبي بين مواطني الشعبين المصري والسوري، وبلغت نسبة الموافقين على رئاسة عبد الناصر 99.99%، حيث لم يصوت ضده سوى 452 شخصًا.
وفي مارس 1965، اختير عبد الناصر للمرة الثالثة كرئيس للجمهورية، في استفتاء جديد صوت بنسبة 99.99% من المشاركين فيه بالموافقة وحلف اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
أزمات سياسية
من جانبه يرى الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس، أن مصر قبل ثورة 52 تحديدا في الفترة من 1942 حتى ثورة يوليو 1952 كان تمر بالعديد من الأزمات السياسية، فضلًا عن أن النظام الملكي فشل في الحصول على الاستقلال، وفشل في السيطرة على حريق القاهرة، كما أنه فشل أيضًا في علاج الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت منتشرة في المجتمع آنذاك.
وأضاف شقرة: مسألة القضاء على الأحزاب كان أمرا لا بد منه لأنها كانت أحزابا فاسدة لديها أجندات خاصة وتخالف مصالح الشعب، فكان لزامًا على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حلها، وعبد الناصر خطى خطوات إصلاحية كان لا بد منها، وكان يحارب على كل الجبهات.
أزمات اقتصادية
شقرة أكد أن مصر كانت بعد انتهاء الحكم الملكي دولة فقيرة زراعيا ومتخلفة صناعيًا، حيث كانت مجتمعا تسوده الإقطاعية والرأسمالية وكان المحتل البريطاني يسيطر على كل مقدرات البلاد، ومحصولها الأساسي هو القطن الذي كان حكرًا على الإقطاعيين، وكان الاقتصاد المصري عاجزًا لارتباطه بالمصالح الأجنبية، مضيفا: ”هناك مقولة لعالم الاقتصاد المصري الدكتور عبد الجليل العمري تلخص الأحوال حينها قال فيها: “لقد كان الاقتصاد المصري كبقرة ترعى في أرض مصر، لكن ضروعها كانت كلها تحلب خارج مصر”، كما تؤكد بعض الوثائق التاريخية أن آخر ميزانية للدولة عام 1952 كان بها عجز يقدر بـ39 مليون جنيه.
وأوضح شقرة أنه بعد تسلم جمال عبد الناصر الحكم في مصر وأوضاعها بهذا الشكل المأساوي، أصدر قانون الإصلاح الزراعي الأول في 9 سبتمبر 1952، وحددت المادة الأولى الحد الأقصى للملكية الزراعية بـ200 فدان للفرد، وقرر القانون أيضًا توزيع الأراضي الزائدة على صغار الفلاحين بواقع (2 إلى 5 أفدنة)، مشيرًا إلى أن السد العالي أيضًا يعد من أضخم وأهم المشروعات.
الخلاف مع عامر
أوردت بعض الوثائق التاريخية أن عبد الناصر كان على خلاف مع عامر بشأن مجموعة من الأحداث، إذ كان يعتبر الأخير سببًا رئيسيًا من أسباب الانفصال وفشل تجربة الوحدة مع سوريا، فحاول الحد من اختصاصاته باتخاذ قرار من مجلس الرئاسة، لكن عامر قدم مشروعًا يطلب فيه زيادة صلاحياته ومنحه سلطة رئيس الجمهورية، فغضب جمال من تفكير عامر وتقديمه لمشروعه وقال لـ”عبد اللطيف بغدادي” إنه لن يحضر جلسة مجلس الرئاسة ولن يقوم بعمله كرئيس للجمهورية إلى أن يبت في هذا الموضوع، غير أن عامر انسحب من جلسة مجلس الرئاسة التي نظرت في قرار يحد من سلطته وخرج ليقدم استقالته، بعد أن غادر القاهرة إلى مرسى مطروح دون أن يبلغ أحدًا عن مكان إقامته، ولم تهدأ النفوس إلا بعد تراجع عبد الناصر عن قبول الاستقالة وتنفيذ القرار.
وفي 25 أغسطس 1967، وفي حضور أعضاء مجلس قيادة الثورة، اتهم عبد الناصر صديق عمره المشير عامر بالتآمر، فلم يتمالك عامر أعصابه وبدأ ينفعل بشدة، فقال له عبد الناصر: “الأمور واضحة، أنت رجل متآمر، وعليك أن تُقدِّر الموقف الصعب الذي نمر فيه وعليك أن تلزم بيتك من الليلة”.
وتطورت الأمور بعد ذلك وجرت في النهر مياه كثيرة حتى استيقظ المصريون على نبأ وفاة ناصر في العام ١٩٧٠ وودعوه في مشهد جنائزي مهيب لن ينساه التاريخ، كما أنه بنظر مؤيديه أوفى بكثير مما وعد به ولم يحنث باليمين الدستورية.