«مرسي».. سنة واحدة تكفي.. أول حاكم مصري يؤدي اليمين الدستورية 4 مرات.. ويحكم عاما واحدا.. 12 شهرا من الأخطاء يطيح برجل الإخوان من الحكم.. وفنكوش النهضة أشهر الكوارث
2012 كان عامًا حاسمًا في تاريخ مصر؛ حيث شهد وصول جماعة الإخوان لحكم البلاد، متمثلة في شخص الدكتور محمد مرسي.
تحديدًا في 30 يونيو الموافق السبت من عام 2012 كان موعد تنصيب مرسي، رئيسًا لمصر بعد أن حصل في الانتخابات على 51.73% من الأصوات مقابل 48.27% حصل عليها منافسه أحمد شفيق.
الانضباط
ولأن احترام المواعيد دليل على انضباط الشخصية فإن مرسي كشف منذ الوهلة الأولى عدم انضباطه بعد أن تأخر عن موعد حلف اليمين نحو ساعة ونصف الساعة، كما أعطى تعليمات للتليفزيون المصري بعدم البث المباشر؛ ما أدى إلى انسحاب 3 من قضاة المحكمة الدستورية، احتجاجًا على ذلك، وأعلنوا عدم المشاركة في حضور أداء القسم، وهم المستشارة تهاني الجبالي والدكتور حسن البدراوي والدكتور عادل عمر الشريف.
ولأن الأحداث لم تسر في هذا اليوم على النحو المطلوب فقد تمت مراسم حلف اليمين في الواحدة ظهرًا رغم وصول مرسي للمقر في الحادية عشرة والنصف صباحًا، في حين أن القسم الدستوري لم يستغرق سوى 20 دقيقة فقط، وفقًا للبروتوكول.
وحاول القائمون على المراسم أن يمر اليوم بسلام، لأنه كان مهددًا بالإلغاء لأن مرسي قضى ساعة ونصف الساعة قبل أداء القسم في مفاوضات لرفضه إذاعة القسم بالبث المباشر.
مراسم التنصيب
وقبل أن يلقي كلمته استمع إلى كلمة المستشار ماهر سامي، نائب رئيس المحكمة المتحدث الرسمي لها، ثم المستشار فاروق سلطان، رئيس المحكمة، ولم يشارك في مراسم تنصيب الرئيس الجديد أي من الشخصيات العامة أو المسئولين.
ومن أبرز المواقف اللافتة في هذا اليوم هو انصراف الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، معللًا انسحابه أن وفد مشيخة الأزهر لم يجد مكانا مخصصا لشيخ الأزهر ضمن كبار الضيوف وانتظاره طويلا والجلوس فترة في مقاعد الصالة العامة رغم ما اتفق عليه مع القائمين على تنظيم الحفل.
4 مرات
وحلف مرسي اليمين، خلال ولاية واحدة له لم يستطع أن يكملها حتى نهايتها، نحو 4 مرات، إذ حلف أول يمين دستورية بعد انتخابه في ميدان التحرير، يوم 29 يونيو، ثم كانت المرة الثانية يوم 30 يونيو بالمحكمة الدستورية العليا، بعد الحكم بحل مجلس الشعب، وبعدها بساعات قليلة حلف اليمين الثالث خلال حفلة تنصيبه بجامعة القاهرة خلال أول كلمة له، وهو رئيس جمهورية أمام نواب مجلس الشعب المنحل، ونواب مجلس الشورى وأعضاء المجلس العسكري، كما أنه أدلى بألفاظ القسم للمرة الرابعة، وبشكل غير رسمي، خلال كلمته الموجهة للشعب للتصديق على الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 26 ديسمبر 2012.
الوصول للحكم
وكانت ملابسات وصول مرسي للحكم مثيرة للغاية، لأن الناخبين كانوا بين خيارين كلاهما أسوأ من الآخر، من وجهة نظر غالبية المصريين، لأن جولة الإعادة كانت بين مرسي ممثل الإخوان وشفيق الذي يجسد نظام مبارك، لذا قرر الناخبون اختيار نظام الإخوان كرهًا في مبارك وليس حبًا في نظام المرشد؛ ما جعل مرسي يحصل على أصوات 13 مليون مواطن مقابل 12 مليونا حصل عليها شفيق وهو فارق طفيف، دلل على عدم وجود شعبية للإخوان لكن ظروف البلاد وقتها هي التي سمحت بوصول مرسي للحكم، وهو ما دفع البعض لاعتبار ترشح شفيق سهَّل فوز الإخوان وأفسد فرصة فوز المرشحين المستقلين مثل حمدين صباحي.
وكان واقع وحال مصر خلال انتخابات الإخوان غير مستقر، في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بنظام مبارك دون أن تقدم قيادة سياسية بديلة قادرة على احتواء الموقف، كما أن معظم المواطنين تمنوا فوز مرسي لكي تهدأ الأوضاع في مصر لأنه كانت هناك مخاوف وشائعات من أنه في حالة خسارة مرشح الإخوان أمام شفيق فإن الإخوان سوف يحرقون مصر.
كارهي الإخوان
حتى من كان يكره الإخوان لم يرفض فوزهم وتعايش مع النتيجة أملًا في أن يحققوا ما وعدوا به، رغم تشكيك الشعب في نزاهة الانتخابات، لكن طبيعة اللحظة التي مرت بها مصر في أعقاب ثورة يناير حولت الإخوان من فصيل معارض إلى كرسي الحكم، غير أنهم لم يدركوا أنهم لم يكونوا ضحية مؤامرات الدولة العميقة إنما الشعب هو الذي لم يكن يقبل بهم ولكنه منحهم الفرصة ليثبتوا العكس في مرحلة حاسمة في تاريخ البلاد.
وأقيمت الجولة الأولى من الانتخابات التي فاز فيها مرسي يومي 23 و24 مايو من عام 2012، وأقيمت الجولة الثانية يومي 16 و17 يونيو. مواعيد الانتخابات حُدِّدت طبقًا لما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات؛ بعد استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لطلب تسريع نقل السلطة جراء المظاهرات بشارع محمد محمود في نوفمبر 2011.
قبل وصول الإخوان للحكم دعموا طرح تعديلات دستورية صاغتها لجنة مختصة برئاسة المستشار طارق البشري للاستفتاء في يوم 19 مارس 2011، وكانت نتيجة الاستفتاء موافقة 77.2 بالمائة من أكثر من 18.5 مليون ناخب شاركوا في هذا الاستفتاء.
الإطاحة بمرسي
والأحداث التي سهلت الإطاحة بمرسي كثيرة ولا حصر لها، خاصة أن الشعب شعر أنه أمام أكبر خدعة له في التاريخ، لأن مشروع الإخوان الذي تم الترويج له للنهوض بمصر تبين أنه “فنكوش”، وكل ما كان يهمهم هو الاستحواذ على الدولة وتحقيق أهدافهم الشخصية دون مراعاة لحقوق ومطالب الشعب، فضلًا عن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت بحق مصر وكذلك تحويل مرسي مؤسسة الرئاسة إلى تكية للإخوان.
لم تستطع الجماعة التي عاشت في الجحور أن تتعامل بشكل طبيعي وعلني بعد وصولها للحكم، لكنها حافظت على السرية حتى داخل الوزارات ما أثار حفيظة المصريين وغضبهم، وتسبب في رفض شعبي غير مسبوق أدى في النهاية إلى خسارتهم المعركة بمنتهى البساطة.
لم يكتف مرسي بذلك فقط بل عزز تعاونه مع كل الدول التي تحتضن الجماعة الإرهابية مثل قطر وتركيا، كما أنه لم يمانع تعزيز علاقاته مع الكيان الإسرائيلي، وتجلى ذلك في الخطاب الذي بعثه لرئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي السابق، شيمون بيريز، الذي حمل توقيع وإمضاء مرسي، وأيضًا توقيع رئيس ديوان رئيس الجمهورية وهو الخطاب الشهير الذي اختتمه بـ”صديقي الوفي بيريز”.
الفترة من 24 يونيو 2012 حتى 3 يوليو 2013، كانت الحقبة التي تقلدت فيها جماعة الإخوان، مقاليد الحكم في مصر، فالأمر لم يتعدَ العام، حتى عُزل الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة المنحل، عن منصب رئيس الجمهورية، ولم تكن الأخطاء التي ارتكبها المعزول وجماعته خلال عام الحكم وحدها سببًا في الرفض الشعبي، الذي انحاز له وزير الدفاع، آنذاك، الفريق عبد الفتاح السيسي، وأصدر بيانه الشهير في 3 يوليو 2013 بتعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، وأن يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.
عام الأخطاء
وخلال عام من حكم مرسي توالت الأخطاء التي وصفتها المعارضة الشعبية بالكارثية، لجماعة الإخوان التي لم تقتصر على عدم قدرة الجماعة على احتواء القوى المدنية والليبرالية، بل تخطتها إلى سوء الإدارة ومحاولات الجماعة أخونة مؤسسات الدولة، وإفساد كل شيء، وهى الأمور التي جعلته حانثا باليمين الدستورية وموصوفا بـ«المعزول» بإرادة شعبية خالصة.