رئيس التحرير
عصام كامل

نزاهة ضباط الشرطة وراثة.. وثائق تكشف أقدم قضية لرفض رشوة ودور التحريات في فك طلاسمها.. بلاغات كيدية.. ومنزل مغتصب ورشوة ضابط ملامح أقدم قضية بالعصر البطلمي

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

نطالع عناوين نراها شبه يوميا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى «ضابط شرطة يرفض رشوة مالية»؛ نزاهة الشرطة ليست حديثة، تضرب بجذورها في عمق التاريخ قبل عام 284 قبل الميلاد عبر العصور المختلفة، يظهر دور الشرطة في كشف الحقائق وتنفيذ القانون دون التقاعس عن أدائه.. الوثائق التاريخية تكشف أشهر قضية شغلت الرأى العام المصرى واليونانى في نزاع على ملكية منزل، وأول جريمة رشوة رفضها ضابط شرطة، ولعبت التحريات دورا كبيرا في فك طلاسمها.


داخل منزل كبير يقيم رجل يدعى بطليموس مع زوجته في بيته ورثته من أبيها، تمكن بعض الثوار المصريين بمدينة طيبة من القيام بما يشبه الانقلاب وإعلان الإستقلال وقاموا بطرد الأجانب من طيبة من بينهم بطليموس، وزوجته وحفيده هرمون بن هرمياس.. هجر بطليموس المنزل متجهًا إلى كوم أمبو.

مرت السنوات ولم يفكر في العودة مرة أخرى.. وبدأ أقاربه يقيمون في طيبة بتقسيم البيت بينهم وباعوا أجزاء منه، حتى بيع البيت بأكمله لمجموعة من المصريين مهنتهم تقديم «القربان إلى الموتى».. لم تمض فترة طويلة وقاموا بإعادة بناء البيت وتصميمه بشكل جميل.. علم هيرماس بن بطليموس بهذا الأمر ورفع قضية ونجح بمقتضاها الحصول على جزء من البيت.

عاد هرمياس في تقديم بلاغا ضد السكان ولكنه تفاجئ ببيع المنزل مرة أخرى لسيدة تدعى "لوبايس" فتقدم ببلاغ ضدها، وبإجراء الشرطة التحريات، أكدت بأنها واحدة من ضمن عشرات اشتروا المنزل على مدار 40 عاما، فأصدرت المحكمة قررا برفض الدعوى.

لم يدع اليأس يتملكه فلجأ إلى حيلة أخرى « يقطعون الجثث ولا يقدمون القربان للموتى... يمارسون الأفعال المشينة للعادات ويجب اخراجهم من المنزل وارجاعه» هكذا ذكر في بلاغ كيدى للزج بهم في السجن، فجاءت تحريات رجال الشرطة بعدم صحة الواقعة فرفضت المحكمة طلبه.

حيلة ماكرة
حيلة ماكرة لجأ إليها هرمياس.. رشوة ضابط الشرطة القائم على إجراء التحريات حول قضيته، فعرض عليه مبلغ مالى مقابل مساعدة في ارجاع منزله... فرفض الضابط مؤكدًا بأنه سيطبق القانون.. فعرض عليه المنزل رشوة مقابل أن يكسب القضية وطردهم لحين الفصل في الواقعة، وغادر هرمياس طيبة عائد إلى كوم أمبو مطمئنا بان الضابط سيساعده في خطته، ولكن بعد فترة تفاجئ هرمياس بعودة المصريين ثانية إلى البيت ورفض الضابط الرشوة.

"ما ضاع حق وراؤه مطالب"، عبارة رددها في نفسه، محاولات فاشلة ولكن عزم على تقديم مذكرة أخرى إلى الشرطة بأن البيت ملكه والميقمين به اغتصبوه، فحملت التحريات الشرطة الحقيقة الكاملة، وبالعرض على المحكمة رفضت طلبه وأصدرت الحكم لصالح المصريين مرة أخرى.

في النهاية لجأ هرمياس إلى حاكم طيبة وقدم له التماسا فاستدعى الحاكم الجانب المصرى ولكنهم لم يحضروا، تقدم بالتماس آخر بارسل الحاكم أمر لقائد الشرطة باحضارهم، الواقعة انتشرت حتى وصلت إلى كافة ربوع البلاد وبدأ المواطنون يتابعون مجرياتها أولًا بأول.. وحضر وفد من المصريين المقيمين بالمنزل.

الأجواء على أشدها، المواطنون يتابعون بشغف ماذا يحدث اليوم، الألسنة صامتة، الأنظار متجهة إلى المجلس والجلسة، الشرطة تحكم السيطرة بالمنطقة لمنع حدوث أي أعمال فوضى.

قدم المصريون عقود البيت للقاضى.. فطعن هرمياس في صحتها، فرد المحامى بأن البيت هجره والد هرمياس والعين كانت في يد أشخاص آخرين استقروا في هذا البيت لمدة 37 سنة، قبل رفع القضية، مؤكدا أن العقود إذا لم تكن صحيحة فإن قدمها أكسب السكان حق الملكية.

المحامى استرسل في حديثة والجميع يتابع عن كثب «إذا كان البيت من حق هرمياس، فينبغى تسجيله ودفع الضرائب عنه، وألا تفرض عليه ضريبة قدرها 10 آلاف دراخمة ويفقد حقه في الميراث».. تملك الخوف هرمياس من دفع الضرائب التي يصل تكلفتها أي من ثمن المنزل، فحاول الدفاع لكن القاضى أنهى الحديث للفصل في القضية.

وبعد انتهاء المرافعات وتقديم تحريات الشرطة وأقوال الشاكى والمشكو في حقه، أسدلت المحكمة الستار عن القضية بتأييد ملكية المصريين للمنزل، ورفض طلب هرمياس، مع مطالبته بالكف عن أية محاولات أخرى للمطالبة بحق في المنزل، وتوجيه تهمة محاولة رشوة ضابط.
الجريدة الرسمية