27 نقطة تشرح 7 أعوام من مفاوضات سد النهضة
الحديث عن مفاوضات سد النهضة هو الملف الأكثر أهمية في الوقت الحالي، شهر المفاوضات الأخير الذي أعطاه قادة الدول الثلاث «مصر - إثيوبيا - السودان» لحل الخلافات الفنية بدأ في 4 أبريل الجاري ومن المفترض أن ينتهي في 4 مايو، لكن أول جلسة في تلك المفاوضات لم تسفر عن أي نتائج كما أوضحت وزارة الخارجية المصرية.
وبالتزامن مع ذلك نسرد تاريخ المفاوضات الفنية في 27 نقطة تلخص كل شيء:
1- في 2 أبريل 2011 وضع إثيوبيا أساس سد النهضة بقرار من طرف واحد لبناء أضخم سد في القارة الأفريقية على النيل الأزرق دون مراجعة شركائها في النهر ودون اعتبار لقانون الأمم المتحدة للأنهار الدولية العابرة للحدود.
2- وينص القانون الدولي لإنشاء أي سد على نهر عابر للحدود حتمية الإعداد المسبق للدراسات العلمية الخاصة بالآثار المتوقعة للسد على البيئة النهرية وعلى تدفقات المياه إلى شركاء النهر وأخيرا الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تقع على دول المصب من تبوير أراضي وفقدان عمل للمزارعين والصيادين وغمر أراضي بمياه البحار وتأثير ذلك على اقتصاد دولة المصب.
3- وكان المفترض بعد إنجاز تلك الدراسات وقبل وضع أساس للسد تقوم إثيوبيا بتسليم هذه الدراسات لمصر ومنحها مهلة ستة أشهر للنظر فيها قابلة للمد ستة أشهر أخرى، فإذا ما رفضت مصر هذه الدراسات فعلى إثيوبيا أن تلجأ إلى الأمم المتحدة للنظر في خلافتها مع دولة المصب قبل أن تبدأ في وضع حجر واحد في جسم السد.
4- ما حدث أن إثيوبيا تخطت كل ذلك مستغلة الوضع الداخلي في مصر بعد تنحي مبارك عن السلطة في 12 فبراير 2011 وقامت بوضع حجر الأساس لسدها الضخم لفرض سياسة الأمر الواقع.
5- بعد الإعلان عن السد وتوالي سفر المسئولين المصريين إلى إثيوبيا للتباحث حول هذه الخطوة المنفردة في مورد مشترك، أدعي رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميلس زيناوي أن هذا السد لن يضر بمصر ولن ينقص من حصتها من مياه النهر ولو بكوب واحد.
6- تحت المساعي المصرية وافق «ميلس زيناوي» على تشكيل لجنة فنية دولية لمعاينة السد مدعيا أنه سيلتزم بتقريرها إذا ما نص على حتمية تغيير مواصفات السد الضخم لتفادي أي أضرار تقع على مصر وأُتفق على أن تنتهي اللجنة الدولية من عملها خلال ستة أشهر.
7- وفي استغلال واضح من إثيوبيا للموقف اشترطت أن توقع مصر على أن قرار أن تشكيل اللجنة الدولية هو لدراسة سد تحت الإنشاء وليس لمشروع إنشاء سد، كما اشترطت ألا يتوقف العمل في السد انتظارا لتقرير اللجنة الدولية على اعتبار أن فترة عملها قصيرة ولن يزيد على ستة أشهر وبالتالي يمكن الأخذ بتوصياتها حيث سيكون البناء ما زال في مرحلة صب الأساسات.
8- وافقت مصر مضطرة ولأن خبراءها في المياه واثقون من مخالفة هذا السد لكل الأصول العلمية والقانونية وأن اللجنة الدولية سوف تدينه لأنه سدا للإضرار بمصالح دولة أخرى وليس سدا للتنمية أو لحسن استغلال الموارد.
9- اتفق الأطراف الثلاثة على تشكيل اللجنة الدولية من أفضل عالم وخبير سدود في العالم من ألمانيا ومعه خبيران في الموارد المائية من إنجلترا وفرنسا ثم خبير في البيئة النهرية من جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الوطنيين يمثلون الدول الثلاثة المعنية مصر والسودان وإثيوبيا.
10- فور بدء اللجنة لعملها تفننت إثيوبيا في عرقلة أعمالها والتسويف حتى هدد الخبراء بالانسحاب وفضح ما تقوم به إثيوبيا من استنزاف للوقت، إلا أن ذلك لم يحسن الوضع إلا قليلا في تقديم الدراسات المطلوبة للجنة بشح وخبث، فامتد عمل اللجنة إلى عام ونصف أي ثلاثة أمثال الوقت المقرر وقدمت تقريرها في 31 مايو عام 2013.
11- خلص التقرير إلى أن هذا السد خارق لكل القوانين الدولية وأنه سد بلا دراسات وأن إثيوبيا تسير عكس الاتجاه العالمي بإجراء الدراسات اللازمة قبل بدء العمل في السد، فقررت أن تقيم السد أولا ثم تجري الدراسات بعد ذلك استغلال لظروف دولة المصب.
12- في ذلك التوقيت شهدت مصر ثورة جديدة فاستغرق الأمر حتى منتصف عام 2014 لتبدأ مصر مرحلة استقرار جديدة في تاريخها، إلا أن السنوات الثلاث التي مرت على بدء إنشاء السد كانت في صالح إثيوبيا تماما وأصبحت تقترب من فرض سياسة الأمر الواقع.
13- في أول اجتماع للاتحاد الأفريقي بعد عودة مصر إليه تقابل الرئيسان المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي «ديسالين» في مباحثات على هامش اجتماعات الاتحاد وادعت إثيوبيا أنها استكملت الدراسات المطلوبة التي أدانتها اللجنة الدولية وأنها مستعدة لاستئناف المباحثات بالشفافية المرجوة وتم إصدار بيان بذلك تتعهد في الدولتين بعدم الإضرار وأن يكون نهر النيل مصدرا للخير والتعاون.
14- كان من البديهي أن توافق إثيوبيا على عودة اللجنة الدولية السابقة التي أدانتها التي أدعت إثيوبيا أنها استكملت الدراسات الناقصة التي طلبتها اللجنة إلا أن الوفد المصري فوجئ بإصرار إثيوبي بعدم الاستعانة بأي خبراء دوليين وأن يتولى الخبراء الوطنيون للدول الثلاث مناقشة الدراسات.
15- بدا الأمر شديد الوضوح أن إثيوبيا لا تريد شاهدا دوليا على تجاوزتها وخروقاتها الواضحة ورغبتها الأكيدة في الاستحواذ على مياه النيل، واستنكر الوفد المصري الأمر متسائلا وماذا لو اختلفنا ونحن بالتأكيد سنختلف بسبب ميل كل طرف إلى موقفه وبالتالي فالأمر يحتاج إلى محكم دولي محايد ينظر في الإختلافات ويراجع الدراسات التي تدعي إثيوبيا أنها أجرتها.
16- على مضض وافقت إثيوبيا، وكالعادة فرضت شروطها المجحفة أن يتم الاستعانة بمكتب استشاري لكن يصنف على كونه مكتب محلي وأن تكون نتائج دراساته في النهاية غير ملزمة لأي طرف من الأطراف الثلاثة لكن ينبغي أن تحترم، ومارست مصر الصبر وسياسة النفس الطويل لأنها قرأت أن إثيوبيا تمضي بإصرار في طريق نسف المباحثات وإنهائها طالما أن العمل في السد مستمر وأن الوقت في صالحها.
17- وافقت مصر على التعسف الإثيوبي مرة جديدة لثقتها في أن أي لجنة في العالم ستُدين «السد» وتظهر المبالغة في سعة تخزينه للمياه لتعمد الإضرار بالجار، إلا أن إثيوبيا سرعان ما تفننت في استنزاف الوقت كعادتها وتحدي إرادة شركائها في النهر الذين اختاروا مكتبا هولنديا محترما لإجراء الدراسات بالمشاركة مع مكتب فرنسي فرفضت إثيوبيا، وأصرت على المكتب الفرنسي فقط على الرغم من وجود مصالح وأعمال له ينفذها في إثيوبيا.
18- أثمر الرفض والتعنت الإثيوبي على انسحاب المكتب الهولندي بعد أن نشر بيانا أوضح فيه أن الضغوط الإثيوبية التي يتعرض لها لا توفر الضمان أن يخرج تقريرا محايدا يتسم بالشفافية، وفرضت إثيوبيا مكتبا فرنسيا آخر لبدء العمل.
19- وفي مارس 2015 ولمزيد من بناء الثقة، وقعت مصر إعلان مبادئ الخرطوم الذي نص صراحة على أن يكون الملئ الأول لخزان سد النهضة عبر اتفاق خبراء الدول الثلاث والمكتب الاستشاري، كما ينص على التزام إثيوبيا بالدراسات التي يجريها المكتب الاستشاري وأن تقوم بالتعديلات المطلوبة في جسم السد إذا كان ذلك ممكنا لتقليل أي أضرار يذكرها التقرير ويمكن أن تضر بمصر أو أن تنظر في التعويضات المستحقة لهذه الأضرار إذا كان من الصعب أن تقوم بتعديلات في جسم السد أو سعة تخزينه.
20- اتفق الأطراف الثلاثة على بدء عمل المكتب الاستشاري فورا إلا أن المماطلات الإثيوبية استمرت على حالها وبنفس المنهجية فعطلت بدء عمل المكتب الاستشاري ما يقرب من عام كامل ثم بدء العمل على أن تنتهي جميع الدراسات في مدة أقصاها أحد عشر شهرا يقدم خلالها تقرير استهلالي ثم تقرير وسطي وتقرير نهائي.
21- لم يتعاون الجانب الإثيوبي مع المكتب الاستشاري واستمر في المماطلة ولم يسمح إلا بخروج التقرير الاستهلالي فقط وبعد ستة عشر شهرا كاملة بدلا من ثلاثة أشهر كما كان مقررا له ولا أن يصدر التقرير النهائي في أحد عشر شهرا.
22- وكما هو متوقع صدور التقرير الاستهلالي في صالح مصر، فرفضته إثيوبيا مدعية أنه تجاوز اختصاصاته رغم سابق الاتفاق والتوقيع على جميع مهام المكتب الاستشاري.
23- وفي الجلسة التالية فوجئ الوفد الفني المصري لوزارة الري أن الجانب الإثيوبي يرفض استكمال المكتب الاستشاري لعمله مدعيا أن إثيوبيا فقط من حقها أن تقدر الأضرار التي يمكن أن تقع على مصر في تبجح بالغ، فاضطر الوفد المصري أن يعلن عن فشل المباحثات الفنية بشأن السد وعدم جدواها.
24- وفي شفافية ونيه صافية من مصر ورغبة في التوصل إلى حلول منطقية اقترحت دخول البنك الدولي التابع للأمم المتحدة بصفته المنظمة الدولية الوحيدة المودع بها جميع اتفاقيات نهر النيل ولأنه يضم صفوة خبراء المياه في العالم كما أنه يضع شروطا عادلة من أجل تمويل السدود النهرية ومنها ألا تتضرر من السد أي دولة وأن يكون ذو فائدة لدولتين على الأقل وبالتالي فهو الأقدر لتقييم الدراسات الإثيوبية الخاصة بالسد وأضراره.
25- وكالعادة ولرغبة إثيوبيا في عدم وجود طرف دولي يكون شاهدا على مخالفاتها الجسيمة، رفضت إثيوبيا قيام البنك الدولي بهذه الدراسات مدعية أنها أمور إقليمية وليست دولية.
26- طلبت مصر من إثيوبيا والسودان التقدم باقتراح لبديل للبنك الدولي يمكنة النظر والتحكيم في الخلافات القائمة بين دولة المنبع ودولة المصب بشكل أساسي، فتنصل الجميع من الأمر.
27- طلب الرئيس خلال اجتماعات الدورة الأخيرة للاتحاد الأفريقي من رئيس الوزراء الإثيوبي أن تتوصل الأطراف إلى حل مرضي خلال ثلاثين يوما فقط من بدء اجتماعها الذي انعقد في الخرطوم في 4 أبريل الجاري على أن ينضم للوفود الفنية الثلاثة للمياه وزراء الخارجية ورؤساء المخابرات باعتبار أن المياه أمنا قوميا، إلا أن الاجتماع الأول كان استمرار للتعنت الإثيوبي ورفض لجميع المقترحات المصرية وتم الاتفاق على معاودة الاجتماع قبل مرور الشهر المتفق عليه.