والطائرات الروسية أخيرا في مصر!
وصلت إذن أول رحلة طيران روسية إلى مصر.. طائرة "الإير فلوت" الروسية الشهيرة، وصلت من موسكو إلى مطار القاهرة قبل ساعات، واليوم ستنطلق من القاهرة إلى موسكو رحلة مصر للطيران.. وشيئا فشيئا ستعود الرحلات بكامل طاقتها التي كانت عليها قبل عامين!
الفرصة قائمة بهذه المناسبة لمحاولة الإجابة عن أسئلة الكثيرين عن العلاقات المصرية- الروسية.. والصراحة تقتضي القول إننا خسرنا الاتحاد السوفيتي السابق ووريثته روسيا، عندما ذهبنا مع أمريكا لحربها بلا أي مبرر في أفغانستان أواخر السبعينيات بقرار من الرئيس السادات.. ولم يكونوا يستحقون ذلك.. وأصداء نصر أكتوبر الذي تم بسلاحهم نتباهي به في كل العالم، وكل مظاهر الشراكة معهم من المصانع الثقيلة إلى السد العالي إلى الديون التي أسقطوها..
ومنذ ذلك الحين لم يشعروا بجدية التعامل مع مصر إلا بتولي الرئيس السيسي لما لمسوه من صدق في استقلال السياسة الخارجية المصرية.. وبدأت عودة العلاقات وباتت مستهدفة ومطلوب إفسادها بأي طريقة.. وكان إسقاط الطائرة.. وادركنا أنه لا يمكن لبوتين أن يجازف بعودة الطيران إلا بضمانات كبيرة، لأنه لو- لا قدر الله- أسقطت طائرة أخرى كان مستقبله السياسي كله إلى المجهول!
لكن أثناء ذلك وافق الروس على التعاون العسكري، ويسروا لنا رسو صفقة الميسترال علينا، وحصلنا على أحدث الأسلحة.. ووافقوا على منحنا الـ"ك 52" البديلة للأباتشي التي احتجزتها أمريكا.. ويسروا لنا التعامل بمؤشر الملاحة الولية "جلانوس" البديل للمؤشر الأمريكي "جي بي إس".. ووافقوا على صفقات القمح، وأهدونا قطعة بحرية.. وكانوا أول من هنأ الرئيس السيسي بالولاية الجديدة!
أمريكا وإسرائيل يعلمان نتائج هذا التعاون.. ويتذكران نتائجه وشكله في الستينيات، ولا يريدان للعلاقات أن تكتمل.. فبدآ دق الأسافين وتنطلق ومعها طبعا غطاء إعلامي فضائي وإلكتروني يستهدف تشويه روسيا.. فمرة كذبا هي مع الشيعة ضد السنة.. ومرة هي من تقتل السوريين على خلاف الحقيقة.. ومرة هي لم توقف السياحة إلى تركيا وأوقفتها في مصر.. ومرة هم "بتوع مصلحتهم" وكأن العلاقات الدولية جمعية خيرية مطلوب أن يقدم فيها طرف واحد كل شيء! والمؤسف أن ينتقل ذلك من صفحات اللجان الإلكترونية الإخوانية والإسرائيلية على السواء إلى صفحات الوطنيين الشرفاء في غفلة مؤسفة!
والكثيرون لا يتوقفون أمام ما يقرأونه إنما ينقلونه ويروجونه كما هو.. حتى إن كثيرين ممن يعرفون قيمة العلاقات التاريخية مع روسيا باتوا لا يذكرونها إلا بقولهم "إنهم يعلمون أن روسيا تعمل لمصلحتها" وبحساسية مفرطة!
نحن من أنصار دعم العلاقات المصرية- الروسية وعودتها إلى مجدها الذي كان في الستينيات، وطبعا بشروط وظروف عصرنا.. وسوف نستمر في ذلك ومعنا كل من يعنيهم الأمر، فدولة لم تقدم لنا إلا التعاون لا يمكن بأي حال وضعها على درجة واحدة مع دولة لم نر منها إلا كل الخراب والدمار والمؤامرات!
عاشت العلاقات المصرية- الروسية.. ولكنها لن تعيش إلا بحمايتها ودعمها! وسندعمها وسنحميها!