مصالحة عربية مع قطر بفرمان أمريكي.. ضغوط أمريكية وأوروبية لعودة «الدوحة» إلى محيطها الخليجي.. و«تميم» يقدم تنازلات في ملف الإرهاب لنيل رضا «الرباعي».. والتدخلات الإيرانية
أيام قليلة وتنطلق فعاليات القمة العربية الـ29، والتي تستضيفها العاصمة السعودية الرياض يوم الأحد المقبل 15 أبريل، قمة يعول عليها عدد من المراقبين في تحريك المياه الراكدة بين دول المقاطعة الأربعة (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) وقطر، خصوصا بعدما أعلنت الدوحة تلقيها دعوة رسمية لحضور القمة.
صعوبات عديدة واجهتها القمة العربية المقبلة، بدأت باعتذار المسئولين في دولة الإمارات عن استضافتها، قبل أن تعلن الرياض إقامة الفعاليات على أرض المملكة منتصف الشهر الجاري.
تنطلق القمة الـ 29 وسط وضع عربى حرج، ومحاولات التفتيت والانقسام المستمرة سواء بأيادٍ دولية أو إقليمية أو أيضًا أيادٍ عربية وكذلك وسط شواغل عربية عديدة مازالت عالقة ولم يتم وضع حلول نهائية لها حتى الآن، فما زال مقعد سوريا شاغرا ولا يمثل الشعب السورى حكومة ولا معارضة في هذه القمة، وما زال تشكيل قوى عربية مشتركة قيد البحث والنقاش بين الدول العربية للحصول على صيغة توافقية نهائية لإقراره.
فعاليات القمة تنطلق أيضا وسط استمرار الخلافات بين عواصم عربية كبرى ودولة قطر، خلافات لن تنتهى إلا بموافقة الدوحة على المطالب العربية المعلنة من قبل الرباعى العربى «مصر، السعودية، الإمارات، البحرين»، وبحسب تصريحات لوزير الخارجية سامح شكرى خلال المؤتمر الأخير له في القاهرة مع نظيره الأردنى أيمن الصفدى أكد أن قطر مازالت تقف أمام الإجماع العربى وأن سياستها لا تتسق مع الإجماع العربي في مكافحة الإرهاب، ولا تتسق مع ما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية.
ويصعب على القمة العربية المرتقبة في الرياض رأب الصدع العربى القطرى وسط تعنت الدوحة، كما يصعب وضع قرار نهائى بشأن تعامل الدول العربية مع القضية الأم «القضية الفلسطينية» والقرار الأخير للرئيس الأمريكى بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، كما تناقش القمة الأزمة المعتادة للتدخلات الإيرانية في الشئون العربية، واستمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث ويضاف عليها التدخل التركى في الشئون العربية ومنها العراق وسوريا.
سيناريوهات مفتوحة تنتظر الكلمة الأخيرة لقادة الدول العربية، فزعماء وقادة دول المقاطعة "مصر والإمارات والبحرين والدولة المضيفة السعودية" سيكونون على رأس الحضور، كما سيحضر القمة حاكم قطر تميم بن حمد، مفارقات عدة ستحكم ظهور الشكل النهائي للمصالحة العربية، التي أكدها عدد من خبراء الشئون العربية والسفراء، الذين توقعوا أن تشهد القمة بُعدًا آخر للعلاقات العربية- العربية، وخاصة بين قطر ودول المقاطعة، لكنها ستشهد أيضًا قليلًا من التأزم، لكن المصالحة ستأتي نتيجة الضغوط الدولية على مجموعة الدول العربية، بعد تأثر مصالح أمريكا والاتحاد الأوروبي، وروسيا نتيجة المقاطعة العربية لقطر.
بدوره أكد السفير حسن رخا مساعد وزير الخارجية الأسبق أن جدول أعمال القمة العربية مزدحم للغاية، ويضم عددا من القضايا في مقدمتها تأتي القضية الفلسطينية، وما تشهده الآن من مسيرة كبرى للعودة، وخاصة بعد اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقرارها بنقل سفارتها للقدس في 15 مايو المقبل، مع احتفال إسرائيل بعيد إنشاء دولتها، وهذا الموضوع على أولويات القمة العربية في الرياض.
الأزمات العربية المشتعلة في سوريا وليبيا واليمن، والتطورات السريعة التي تحدث بها، ملفات مشتعلة توقع مساعد وزير الخارجية الأسبق أن تكون على رأس طاولة المناقشات في القمة، مشيرا إلى أن تلك الأزمات تتجه نحو التهدئة.
حسن أوضح أن الأزمة الليبية وما تشهده الآن من هدوء يجعلها تتجه نحو الحل، وخاصة أن مصر لها دور كبير في ليبيا مع الدول العربية المجاورة، أما اليمن فالموقف مؤسف ومتصاعد، وليس هناك حل عسكري، كما تناقش القمة دور إيران وتدخلها في المنطقة.
وأشار إلى أن قضية تنقية الأجواء العربية ومواجهة تحديات تدخل القوى الإقليمية "إيران وتركيا" في الدول العربية، والإرهاب فسيكون لهما نصيب في قمة الرياض.
"البحث عن مخرج للأزمة بين قطر والرباعي العربي" سيكون عنوانا مهما في قمة الرياض حسبما يرى الدبلوماسي السابق :"هناك دفع من جانب عدة أطراف لضرورة الحوار، والأزمة لن تحل إلا بالحوار المباشر بين الأطراف المختلفة، فطبيعة العلاقات بين الدول تختلف عن طبيعتها بين الأفراد، وتوقيع العقوبات على قطر لن يجدي، هناك ضغط من قبل الولايات المتحدة للمصالحة، وكان ذلك في لقاء ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان أثناء لقائه بالرئيس الأمريكي ترامب في واشنطن، وقام ترامب بمهاتفة ولي عهد دولة الإمارات، وطالبه بضرورة وجود حل للأزمة".
رخا أوضح أن أزمة قطر تؤثر على دول الخليج والمصالح الأمريكية التجارية والاقتصادية أيضًا، واستفادت إيران تجاريا وسياسيا من هذا الموقف، وأصيب مجلس التعاون الخليجي بالشلل.
وأوضح أن هناك ضغوطا من قبل عدد من الأطراف الدولية الفاعلة والدفع لإجراء المصالحة العربية مع قطر، وخاصة مع تأجيل عدد من الاجتماعات الدورية التي كانت تعقد بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي وروسيا وفرنسا، الأمر الذي أصاب المصالح الاقتصادية لتلك الدول بالشلل، خاصة أن الأطراف الدولية لا تريد حضور الاجتماعات بدون قطر، فهي طرف له استثمارات ضخمة وتعاون مشترك مع أطراف عديدة.
ويأتي اجتماع القمة العربية بالرياض مع تغير وجهة النظر القطرية في الأزمة السورية والليبية، وفقًا للسفير رخا، وتم تقليص نفوذ داعش، فالسيناريو الأرجح في القمة العربية يميل نحو رفع المقاطعة العربية عن قطر، بعد إعلان قطر لإقرار قانون مكافحة الإرهاب، وقبولها بمراقب أمريكي في البنوك لديها لمراقبة التحويلات المالية لمنظمات المجتمع المدني القطرية، ونشرها لأسماء المصنفين في الإرهاب.
أما مختار غباشي، رئيس مركز الدراسات العربية، فيرى إن القمة العربية الـ 2 تعقد في أحلك وأصعب لحظات يمر بها العرب، فالعالم العربي يعيش في حالة تيه سياسي، وبوصلة توجهه لحلول قضاياه أو التحكم فيها معدومة، وكل قضاياه في يد قوى إقليمية ودولية تتحكم فيها، بما فيها الأزمة القطرية.
وأضاف: "تنعقد القمة ومشهد التأزم أمام رؤساء وقادة الدول العربية، هناك أمنيات توضع أمام القمة التاسعة والعشرين بالرياض، أهمها إصلاح منظومة جامعة الدول العربية، التي انتهت الآن، والقائم الآن بها مجرد مسخ لا يقدم شيئا، فإصلاح حال المجتمع العربي بإصلاح الجامعة".
السيناريو الثاني ــ حسبما يرى غباشي ــ يأتي من القضية الفلسطينية "أم القضايا"، الأمر يتمحور في إرادة وجود حل للقضية ووجود دولة فلسطينية بجوار الإسرائيلية، وكيفية التعاطي مع الأزمة السورية وتفاقم الأوضاع فيها وما نراه حاليًا في دوما والغوطة وغيرها، وتحكم دول ثلاث غير عربية في الأزمة السورية "إيران روسيا وتركيا".
وأوضح غباشي أن السيناريو الأرجح في القمة العربية للتعامل مع الأزمة القطرية ينحو إلى المصالحة، وخاصة مع وجود 17 من زعماء الدول العربية الأخرى خلافًا لدول المقاطعة، سيحاولون التدخل لاحتواء الأزمة وحلها، وستعقد على هامش القمة عدد من الاجتماعات لذلك، للخروج بحل لها، خاصة مع وجود قادة الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر بالإضافة لحاكم الدوحة.
أما السفير محمد مرسي آخر سفير لمصر في قطر، فيرى أن القمة العربية المزمع عقدها الشهر الجارى في الرياض تبحث العديد من الموضوعات التقليدية من حيث الطرح، ويضاف إليها موضوعات مرتبطة بتطور الأحداث وعلى رأسها القضية الفلسطينية خاصة بعد القرار الأخير للرئيس الأمريكى بنقل سفارة واشنطن للقدس وما ترتب عليها من أحداث دموية داخل الأراضى المحتلة مما أدى إلى سقوط شهداء من أبناء الشعب الفلسطيني، وأوضح أنه سيتم مناقشة موضوع مكافحة الإرهاب واستكمال ما تم بحثه في القمة السابقة وكيفية التنسيق بين الدول العربية لتجفيف منابع الإرهاب واتخاذ خطوات داعمة لمكافحته.
ونوه إلى أن مقعد سوريا سيظل شاغرا في وقت فشلت فيه الدول العربية في اتخاذ خطوات حقيقية لعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، كما يتم بحث التدخل التركى في الأراضى العربية، ضمن مناقشة الملف السورى وتواجد تركيا في عفرين السورية، فضلًا عن مناقشة العديد من الملفات الملتهبة في اليمن وليبيا.
وفيما يتعلق بدعوة قطر لحضور القمة العربية المقبلة في الرياض أوضح مرسي أن دعوة قطر للقمة العربية وحضورها حق أصيل لها لكونها دولة عضو في الجامعة العربية، ولكن هذا لا يعنى إنهاء الخلاف العربى مع قطر، ولا تأثير لوجود تميم في القمة على حلحلة الخلاف.. واستبعد مرسي حدوث تلاسن بين الدول العربية وقطر كما حدث في القمة السابقة، قائلًا:"حدوث مثل هذه الأفعال لا يليق بالعمل الدبلوماسى ولا بقادة الدول العربية ويعتبر أمرا مخجلا".
"نقلا عن العدد الورقي"..