رئيس التحرير
عصام كامل

جودة عبدالخالق: ناصر والسادات أمما الحياة السياسية ومبارك جرفها والمجلس العسكري جاء بالإخوان

فيتو

  • ثورة يناير سرقت مرتين على أيدي الإخوان وبقايا نظام مبارك
  • تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية أتاح الفرصة للجماعة للوثوب على الحكم
  • رغيف العيش أهم من السياسة عند قطاع عريض من المصريين
  • الحزب الوطنى سيطل برأسه من جديد في حالة تحول دعم مصر لحزب سياسي
  • السيسي أعيد انتخابه لمرة أخرى ليس لعدم وجود بديل وإنما للإنجازات التي حققها
  • لا بد من مؤتمر لتحفيز الأحزاب للاندماج بإرادتها في كيان أكبر دون إجبار
  • الظروف الاقتصادية والغلاء جعلا الممارسة السياسية نوعًا من الترف
  • دور قانون الأحزاب لا يجب أن يكون إصدار شهادة ميلاد أو وفاة حزب
  • اندماج الأحزاب ضرورة ملحة ولا مستقبل للكيانات الصغيره بعد الانتخابات الرئاسية
  • قانون الأحزاب يحتاج إصلاحًا للتحفيز على العودة للشارع المصرى
  • التغيير في مواد الدستور يتم وفق قواعد محددة ولا يسري أي تعديل على مدة الرئيس
  • انتخابات 2018 بروفة للأحزاب لتقديم مرشح رئاسي في 2022


هو أستاذ الاقتصاد ووزير التموين الأسبق، ويعد أحد وزيرين ينتميان للمعارضة استعانت بهم الحكومة إلى جانب منير فخري عبد النور من "الوفد" في المرحلة الانتقالية عقب ثورة 25 يناير، أنه الدكتور جودة عبد الخالق، الذي قال في حواره مع "فيتو"، إن الحياة الحزبية تعانى من حالة موت حزبي نتيجة استمرار العمل بقانون الأحزاب رقم 40 لسنة 77، والذي جعل قيام الأحزاب بالإخطار. 

وأكد أن الضرورة تقتضي عقد مؤتمر قومى للأحزاب تشارك فيه الحكومة والأحزاب لإصلاح الخلل وإعطاء قبلة الحياة للأحزاب مرة أخرى، وأضاف أن دمج الأحزاب خطوة لا بد منها لإعادة الحياة لها لأن المرحلة القادمة لن يكون هناك وجود للكيانات الصغيرة، ولكن بلا إجبار على الدمج أو إقصاء لأحد، خاصة أن انتخابات 2018 بروفة للأحزاب للإعداد وتقديم مرشح رئاسى في 2022، وأشار إلى أن عملية التجريف السياسي التي تمت في عهد مبارك لعبت دورًا أساسيًا في تهميش الأحزاب وتقليص دورها، واتجاه ائتلاف دعم مصر لإنشاء حزب هو عودة للحزب الوطنى من جديد رغم أن القانون لا يمنع ذلك. 

**في البداية ما رؤيتك للمشهد السياسي وغياب دور الأحزاب عنها؟
* الحقيقة نحن نحصد ما زرعناه في أعوام 2011، 2012، 2014 وقبل ذلك فترة عبد الناصر والسادات التي أممت فيها الحياة السياسية في حزب واحد أو كيان واحد سواء كان الاتحاد الاشتراكى أو الحزب الوطنى، الشعب المصرى أسقط نظامين هما مبارك ومرسي، لكنه ارتكب خطأ كبيرًا من جانب المجلس العسكري بوضع العربة أمام الحصان بتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، دون تصميم جديد للنظام السياسي، وهو ما أتاح الفرصة للإخوان للوثوب إلى الحكم حتى تم خلعهم بإرادة الشعب، وبالتالي المشهد الانتخابى الذي تم هو انتخابات بطعم الاستفتاء، وقد تمت الانتخابات الرئاسية في شفافية كاملة؛ لأنها موضوعة تحت مجهر العديد من الدول، فضلا عن أن المصريين تمرسوا على التصدى لأي محاولات لإفشال الانتخابات، بل إن الدستور يوجد به نص صريح على منع استخدام أجهزة الدولة في التأثير فى الانتخابات، والشواهد كانت تقول إن الرئيس السيسي سيعاد انتخابه مرة أخرى ليس لعدم وجود بديل، وإنما للإنجازات التي حققها ومنها حالة الأمن التي نعيش فيها، إلى جانب عدد من المشروعات التي أقامها مثل العاصمة الجديدة وتطوير شبكات الكهرباء والطرق، وهذا كله سينعكس على التعليم والصحة بالإيجاب، ومن كانوا يدعون إلى المقاطعة موقفهم به نوع من التعصب السياسي وهى نزعة عدمية غير مفيدة لكل الأطراف. 

**أكل العيش قبل السياسة.. ما رأيك في هذه المقولة وهل أصبح المصريون ينظرون إلى رغيف العيش أولا؟
* هذا الكلام صحيح لأن هناك قطاعًا عريضًا من المصريين جعلهم الغلاء ورفع الأسعار وعجز الدخول عن مواجهة الغلاء يسعون في المقام الأول لتلبية احتياجاتهم، وبالتالى أصبحوا ينظرون إلى السياسة على أنها "ترف"، وهذه النظرة نجدها في الطبقة الوسطى التي تعرضت لضغوط شديدة من 2016 منذ تعويم الجنيه، وبالتالى هذه الطبقة لا تفضل العمل بالسياسة وتضع لقمة العيش في المقام الأول، وهذا ينقلنا إلى ضرورة إجراء نوعين من الإصلاح الأول هو السياسي لأنه في حالة تركه سيؤدى إلى فراغ سياسي مخيف يفتح المجال لتيارات غير معروفة، وبالتالى الإصلاح يكون بفتح المجال أمام كل القوى التي تؤمن بفكرة الدولة المدنية لتقيم نظامًا سياسيًا يتيح مشاركة كل الشرائح العمرية؛ لأن استبعاد الشباب يثير القلق وإذا تحقق ذلك سيؤدى إلى التأكيد أن الساحة مفتوحة لكل المؤمنين بالدولة المدنية، إلى جانب عدد أقل من الأحزاب الأكثر قوة بينها تباينات سياسية وفكرية، إضافة إلى إفراز آلية لتداول السلطة بشكل سلمى وهذا الإصلاح السياسي مرتبط به إصلاح اقتصادى من خلال منع احتكار الدولة للقرارات الاقتصادية وتكون هناك مشاركة في القرار. 

** تعالت الدعوات خلال الفترة الأخيرة المطالبة باستبعاد الأحزاب غير الممثلة في البرلمان.. فما تعليقك؟
* أنا ضد فكرة الاستبعاد أو الاقصاء لأن الأحزاب غير الممثلة في البرلمان سمح لها بالوجود على الساحة السياسية من خلال الدستور، وبالتالى بدلا من استبعادها يتم وضعها على مائدة الإصلاح السياسي من خلال مؤتمر قومى للأحزاب لمناقشة أمور الأحزاب وتطرح فكرة الدمج للأحزاب الصغيره لتتحد في كيان كبير مثل أمريكا وبريطانيا. 

** كثرت المطالبات بدمج الأحزاب واحد النواب طالب بدمج الأحزاب وحل من يرفض منها بالقانون.. فما رأيك في ذلك؟
* أنا ضد الدمج الإجبارى أو استحواذ أحزاب على أخرى أو إقصاء أحزاب بدعوى عدم وجودها على الساحة أو أنها مجرد مقر وبضعة أفراد أو ليس لها ممثلون بالبرلمان، رغم أن هذا مؤشر على قوتها لكنه ليس المعيار الوحيد، وهذا منطق خطير؛ لأنه يعنى من يفوز يحصل على كل شيء ومن يخفق يخسر كل شيء، وبالتالي لابد من مؤتمر لتحفيز الأحزاب للاندماج بإرادتها في كيان أكبر دون إجبار. 

** ولكنك أطلقت مصطلح «الموات الحزبى» على الأحزاب.. فماذا تقصد؟
* هذا الكلام صحيح فنحن نعيش حالة "موات حزبى"؛ لأننا لدينا 104 أحزاب تمثل نحو 105 ملايين مواطن، وهنا علينا أن نعلم أن التجربة الحزبية كانت ملهمة للكثير من البلاد والمشكله في حالة الموات لها أسباب وهو الخطأ الأساسى بالسماح بتكوين الأحزاب بالإخطار خاصة في حالة وجود بيئة سياسية مضطربة، وهو ما نتج عنه أن الأحزاب التي أنشئت لم تقم على أساس سليم من حيث التكوين السياسي وطبيعة البرامج وأهلية الكوادر، وبالتالى لدينا 104 أحزاب لا نعرف الفروق الجوهرية في برامجها، وأصبحت في الواقع تمثل عبئًا على العملية السياسية، وبالتالى هي المشكلة بدلا من أن تكون الحل، وهذا هو التفسير القريب وأنا أسمى فترة مبارك فترة التجريف للحياة السياسية، مما أدى إلى هجرها.

** وما أدوات مبارك في هذا التجريف للحياه السياسية؟
* الأدوات كانت متعددة أولها لعبة القط والفأر مع الإخوان وأى قوة سياسية تظهر في الساحة، وبالتالى صدر قانون الطوارئ وغير ذلك من الخطوات للتنكيل بالمعارضين، بالإضافة إلى استخدام الآلة الحكومية في حالة مصر لتأميم الحياة السياسية، فأصبح كل شيء إن لم تكن الحكومة طرفًا فيه فلن تقوم له قائمة وعلى سبيل المثال إذا أردت أن تنظم اجتماعًا يجب أن تكون الحكومة طرفًا فيه وإلا ألغى، وبالتالى نظام مبارك جعل الأرض السياسية لا تنتج عملا سياسيًا. 

** إعلان دعم مصر عن اتخاذ خطوات للتحول إلى حزب سياسي.. هل يمثل عودة للحزب الوطنى وظهور حزب الرئيس من جديد؟
* الحقيقة قرارات واتجاهات ائتلاف دعم مصر مؤيدة للرئيس السيسي رغم أن الرئيس أعلن أكثر من مرة أنه لا يؤيد فكرة وجود حزب للرئيس، لكن في نفس الوقت لا يمكن منع تحولها إلى حزب سياسي، خاصة أن أغلبهم بلا انتماءات حزبية، ولكن منهم الكثيرون الذين كانوا ينتمون إلى الحزب الوطنى، وبالتالى يعود الحزب الوطنى ليطل علينا برأسه من جديد بمسمى جديد، وهنا لابد أن نشير إلى أن ثورة 25 يناير سرقت مرتين الأولى كانت على أيدي الإخوان والثانية بواسطة عناصر الحزب الوطنى أو النظام القديم، وهذا لا يمثل مشكله طالما في إطار الصراع السلمى في المجتمع وحول فكرة الدولة المدنية وهذا يقتضى من القوى السياسية أن يكون بينها تباينات مشتركة، وخاصة اليسار المصرى؛ لأن المرحلة التي تعقب الانتخابات الرئاسية لن يكون بها مكان للكيانات الصغيرة. 

** وفى رأيك كيف يتم الإصلاح السياسي.. وهل قانون الأحزاب جزء منها؟
* يجب أن نعلم أن كل خطوة محكومة بظروف، وبالتالى قانون الأحزاب هو جزء من الإصلاح السياسي، فلا يجب أن يكون دوره إصدار شهادة ميلاد أو وفاة حزب، وبالتالي لابد من وضع آلية لتحفيز الأحزاب وعلاقتها بالسلطة وضمان ندية في العلاقة بينهم وبين السلطة للنقل السلمى للسلطة، خاصة أن الدستور به مادة حددت قواعد تغيير المواد، ولكن التغيير لا يشمل مدة الرئاسة، وبالتالى لن يتم مد فترة الرئيس السيسي بعد الفترة الثانية، أما الإصلاح السياسي لابد أن يبدأ بوثيقة مثل وثيقة الثورة الفرنسية، وأرى أن دستور 2014 يصلح وثيقة للعمل بشرط ترجمته للواقع، وأن يعقد المؤتمر الوطنى الذي تشارك فيه كل القوى تحت مظلة مدنية ديمقراطية ترسل رسالة للمجتمع بأننا على قلب رجل واحد لوضع تصور لكيفية النهوض بالجسد السياسي والتكوينات الحزبية في المجتمع؛ لأن النظام المعطوب أدى إلى عملية استقطاب واضحة جدًا حتى مع استبعاد الإخوان، مع ضرورة وضع مقومات للعبة السياسة، وهذا يقتضى التغيير في قانون الأحزاب. 

** ومن يمكنه الدعوة إلى مؤتمر قومى للأحزاب في رأيك؟
* هذه المسئولية مشتركة بين السلطة ممثلة في الرئيس السيسي بعد إعادة انتخابه بأن يمد اليد للقوى الساسية، وهذا لا يمثل انتقاصًا من أحد بقدر أنه رؤية موضوعية ويكون المؤتمر على غرار مؤتمر الشباب فهناك ضرورة ملحة لذلك. 

**وهل ترى أن انتخابات الرئاسة 2018 كانت بروفة للأحزاب لانتخابات الرئاسة 2022 لتقديم مرشح رئاسي؟
*هذا الكلام صحيح، وبالتالى الانتخابات البرلمانية 2022 ستكون كاشفة لتضاريس الملعب السياسي والاتجاهات الحزبية ستظهر الرؤية بصورة أكبر وستكون بروفة؛ لأن الأحزاب التي ستحقق وجودًا فيها ممكن أن يكون لها ممثل في الانتخابات الرئاسية 2022، وهذا مرهون بشيئين الأول أن نعد من بعد الانتخابات الرئاسية 2018 للإصلاح السياسي، والثانى أن تعيد الأحزاب النظر في تركيبتها الداخلية وبرامجها، وللأسف معظمها لا تتوفر له شروط الكتلة الحرجة، وبالتالي الحافز لها هو الاندماج، وهو ما يجب التعامل معه في مؤتمر الأحزاب.

**عملية سيناء 2018 يراها البعض أنها قلصت جذور الإرهاب.. ما تقييمك وإلى متى تستمر؟
*الهدف المعلن للعملية الشاملة سيناء 2018 من خلال المتابعة هي صدى لموقف شعبى وهو اقتلاع جذور الإرهاب دون وضع أجل معين للانتهاء منها حتى إنجاز الهدف الذي وضح أن الإرهاب متغلغل في سيناء، ولديه قدرة على المراوغة والكر والفر، والملاحظة هنا أن جذور الإرهاب تحتاج إلى جهد أمني لتجفيف منابع الإرهاب إلى جانب جهد ثقافى والمقصود به التعامل مع الرؤية السائدة بين الناس وهى تنظر للدين بمعيار شكلى أي طقوس وعبادات وإهمال العلاقات، وهذا يقتضى تجديد الخطاب الدينى ومراجعة المناهج الدراسية ودور الإعلام، أما الجهد الاجتماعى من خلال تطبيق سياسات اقتصادية، لا تهمش فئات في المجتمع لأن هذا يجعلهم أرضًا خصبة للإرهاب. 

**في رأيك ما الذى يحتاج لاجتثاث جذوره على طريقة عملية سيناء 2018؟
*أعتقد أن الفساد يأتى على رأس الأشياء التي يجب اجتثاثها من المجتمع المصرى على طريقة سيناء 2018، خاصة أنه ترعرع في بيئة القرار الواحد والرسالة الواحدة التي تجعل مناطق لا ترى من الواقع السياسي، مما أدى إلى ترعرع الإرهاب فيها، وبالتالى الحكومة في احتياج إلى جهد للتواصل مع الناس ومحاربة الفساد بشكل عام من خلال الوقاية قبل العلاج من خلال توفير الشفافية لخلق بيئة طاردة للفساد من خلال تفعيل أدوات الدولة في المتابعة والمحاسبة، فضلا عن ضرورة العودة للنظام المنظم وهو معمول به في كل الدول المتحضرة، بحيث لا يتخذ أي قرار بزيادة سعر سلعة دون الرجوع إليه. 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية