رئيس التحرير
عصام كامل

من يزرع الجمال بداخلنا؟


نسى المواطن إحساسه بالجمال، لقد تعود على القبح وتعايش مع العشوائيات التى تحيطه أينما ذهب.. فكيف ننهض بوطن بلا مواطن.. كأننا نزرع الصحراء بالرمال فلا تطرح إلا مزيدا من التصحر، فلم أر أو أسمع من ينادى بضرورة تشجير الشوارع وتجميل العشوئيات فلدينا مشروع زراعة الأسطح والذى شاهدته بنفسى ووجدته من المشاريع التى لو فعّلت لحلت مشاكل عديدة منها البطالة والغلاء، بالإضافة إلى عنصر الجمال الذى سوف يمارسه المواطن ويستثمره فى آن واحد.



فانظر لو تحولت الحوارى إلى مزارع خضراء على أسطح مبانيها الفقيرة، يزرع فيها جميع أنواع الخضار والورود بأشكالها وألوانها،
ويأتى الزبائن ليشتروا كل هذه المنتجات التى تعرض فى أسواق خاصة بجوار البيوت وبطريقة جمالية.

تخيلوا.. فإن أعظم الأشياء كانت فى البداية أحلاما وتخيلات، والسهل الآن كان فى بدايته من المستحيلات، ماذا لو بدأنا مشروعات تطوير المواطن المصرى وجعله من فرد مستهلك إلى شخص منتج ومصدر.

أنا لا أتكلم فى الأحلام، ولكن كل ما أريده هو تعميم ما شاهدته على يد مصريين وباحثين، كل ما أتكلم عنه موجود على أرض مصر ولكن بصور متفرقة ومتباعدة.

أنا مازلت مؤمنا أنه إذا أردنا النهوض بهذا الوطن فلنبدأ بزراعة حاسة الجمال عند كل مواطن، وهذا ببدء هذا المشروع الجمالى الزراعى فى كل بقعة من بقاع مصر، وتتم تحت إشراف وزارة الزراعة وإدارة الأحياء والتى تكون مهمتها هى الإشراف والمتابعة وفرض الغرامات المالية للمفسدين الذى يعيقون هذا المشروع القومى التنموى.

لست شاعراً أو حالماً أحلام اليقظة بل واقعيا أرى إذا أراد من بيده الأمر لاستطاع وفعل ما يراه الناس مستحيلا.. كيف نخلق من القبح جمالا؟، كيف نجعل المر حلاوة؟، يمكن هذا إذا تضافرت الأيدى وحث الناس على بناء بلدهم، سترى بعينيك المستحيل لأننا شعب عاطفى يفكر ويرى بقلبه، وحينما يشبع قلبه يبدأ عقله يوازن الأمور، ومن هنا تبدأ النهضة نهضة الإنسان المصرى الذى سيبنى من جديد مصر الحديثة كما بناها أجداده.

ولكن سأظل أحلم رغم ما أرى من معطيات تصيبنى بالاكتئاب لاستحالة بناء تلك النهضة بتلك المعطيات الفاسدة والناقصة.

فأى زراعة على أرض موبوءة بالآفات لا تخرج زرعاً ولا حطباً، فالماء المالح لايروى ظمأً.

كل يوم أرى مشروعا لهدم مؤسسة، فمتى البناء، وأرى أن من ينادى بالبناء لايعرف فن العمارة.. ومن يتكلم عن التطهير لم يعطينا نموذجا للطهارة.. ماذا يقصدون بالتطهير؟، وما هى الطهارة فى وجهة نظرهم؟.. 

المشاريع جاهزة ومدروسة على أيدى أساتذة من جميع التخصصات التى يمكن بها بناء قارة من جديد وليست دولة كمصر،  ولكن هل من عين ترى؟، هل من عقل يفهم؟، هل من أذن تسمع؟.

مصر تملك الكثير من عناصرها البشرية ومواردها الطبيعية، ولكن شيئا دفينا فى قلب من يتولى أمرنا، أن يصبح هذا الوطن مريضا مدى الحياة فلا أمل فى شفائه، ودواه الوحيد فى يد شبابه، فمتى يصل شباب هذا الوطن وفى يده الدواء الذى طال انتظاره وقبل فوات الأوان.

فواثق أنا أن مصر لن تموت وستتعافى يوماً ما، وسيأخذ كل فرد أهانها عقابه المرير،  نريد أن نبدأ وننشئ بنكا مصريا كبيرا تتجمع فيه الأفكار النهضوية والتنموية ويشتمل هذا البنك على مراكز أبحاث عديدة، تفعل تلك الأفكار وتستثمرها أقصى استثمار ممكن ، ونظل ننادى ونكتب حتى يتم تفعيلها.. فمن يزرع الجمال بداخلنا؟..
الجريدة الرسمية