رئيس التحرير
عصام كامل

في وداع «المشير».. أحباب رضا غنيم يحيون ذكرى الأربعين بمقر «الصحفيين»

فيتو

قبل 40 يوما، غيب الموت الزميل الشاب رضا غنيم، غادر رضا دنيانا قبل أن يُكمل عامه الثامن والعشرين، تاركًا خلفه سيرة مهنية وإنسانية عطرة، رحل "المشير" ــ كما كان يلقبه أصدقاؤه ــ بجسده لكن روحه ما زالت حاضرة في حكايات كل من اقترب منه أو تعامل معه.


نقابة الصحفيين وبالتعاون مع عدد من رفقاء الفقيد، نظمت الليلة حفل تأبين للصحفي الشاب، الذي صعدت روحه إلى بارئها قبل أن يحقق أحلامه في بلاط صاحبة الجلالة، الحفل شهد حضورًا مكثفًا من أحباب المشير وزملائه في عدد من الصحف التي عمل بها طوال رحلته القصيرة، منذ تخرجه في كلية الإعلام حتى رحيله.

تكفلت النقابة بتوفير سيارات تقل أهالي رضا من قريته "ظهر التمساح" بمحافظة البحيرة إلى القاهرة للمشاركة في حفل التأبين، حضر ما يقرب من 30 رجلا وسيدة يتقدمهم والد ووالدة الزميل الراحل، حضروا إلى مبنى النقابة مبكرًا وعلامات الحزن تكسو وجوههم، ملامحهم تبدو متشابهة، الحزن ذاته والدموع العالقة في الأعين لا تخطئها عين.

في الطابق الرابع من مبنى النقابة وتحديدا أمام صالة تحمل اسم علم من أعلام المهنة "محمد حسنين هيكل، جلس أعمام وأخوال رضا ونفر من محبيه جاءوا إلى القاهرة محملين بآلام وذكريات يصعب نسيانها جمعتهم بـ"المشير"، وقف بعضهم يسترجعها أما "بانر" يحمل صورته أمام باب القاعة.

في الجهة المقابلة لباب القاعة، كان كريم ابن خال رضا يقف مع بعض منظمي الحفل وعدد من أصدقاء المشير: "أنا ابن خال رضا بشتغل ومقيم في محافظة الإسكندرية، النقابة بلغتنا أنها هتُقيم حفل تأبين له بمناسبة مرور 40 يوما على وفاته، مكدبناش خبر وجينا نشوف إزاي رضا لسه عايش بينا، رضا وحشني جدا مقدرتش أشوفه قبل ما يموت كان التواصل بينا دايما، إما عن طريق التلفونات أو الفيس بوك، آخر مرة شوفته في العيد اللي فات، لكن حاسس بروحه هنا حوالينا فرحان بلمتنا إحنا وأصحابه اللي مكنش بيبطل كلام عنهم معانا كل إجازة".

تقاطعه سيدة مغالبة دموع تتساقط من عينيها قائلة: "أنا زوجة عمه فرحت أن زمايله وحبايبه لسه فاكرينه وبيحيوا ذكرى الأربعين على وفاته".


على الجهة الأخرى وضع الحاج جمال غنيم والد رضا، يديه فوق رأسه تتثاقل خطواته كلما أخبروه أن موعد الفعالية قد بدأ، ينادي الأم المكلومة والدة رضا التي جلست وسط سيدات العائلة عند إحدى مقاعد كافيتيريا النقابة، يخبرها أن عليهم الدخول إلى القاعة، حيث تمكث بقايا ابن بار وسيرة لا يمكن للموت مهما كان حقيقيًا وإلزاميًا أن يمحوها.

"دي تاني مرة أنزل القاهرة جيت لرضا لما كان عيان قبل كده والمرة دي جاية أشوف حب زمايله ورؤسائه ليه، رضا كان حياتي كلها، كان وحيدي إحنا مخسرناش شخص، إحنا خسرنا حياة كاملة"، تتحدث والدة رضا التي يبدو على ملامح وجهها الرضا بقضاء الله، تلتقط زوجة عمه أطراف الحديث قائلة: "كل قرية ظهر التمساح كان نفسها تشارك انهاردة في اليوم ده، إحنا خسرنا عزيز وغالي وعزاؤنا الوحيد سيرته الحلوة وسط أصحابه".

في تمام الخامسة، سكنت القاعة التي امتلأت عن آخرها بين طرفة عين وأخرى، بالأصدقاء والزملاء من جميع الصحف والمواقع الصحفية المصرية، أنصت الجميع لآيات الذكر الحكيم، بينما تراص أفراد العائلة في الصف الأول، مُفسحين المجال للأب الذي صعد المنصة الصغيرة، وجلس بين مدير تحرير صحيفة المصري اليوم عبد الحكيم الأسواني، والإعلامي الشاب أحمد خير الدين، آيات القرآن تُتلى والنحيب يكسر صوت الصمت عاليًا، الأب يمسح دموعه فتَتقاطر أخرى، شهادات من هذا الصديق أو ذاك، "رضا مكنش صحفي ذكي ومحترف وطموح فقط، لكنه كان صديقا مخلصا وناصحا لأصحابه بكل مشكلة، كان بيكلمني دائمًا عن خوفه من الموت، لكنه مات، وذكراه هتفضل عايشة بينا"، كلمات بسيطة ألقاها أحد أصدقاء رضا، تعالت على إثرها أصوات النحيب مجددًا.

شهادات تتوالى، ومزيد من الذكريات التي باتت تَتدافع على رءوس من زاملوا رضا أو جمعهم وإياه أحد الموضوعات الصحفية.
الجريدة الرسمية