رئيس التحرير
عصام كامل

هجوم دوما الكيميائي.. هل تنجح روسيا في إنقاذ بشار من مصير صدام؟

بشار وصدام
بشار وصدام

مجموعة صور انتشرت سريعا لمجزرة مروعة ارتُكبت بسلاح كيميائي استهدف مدينة دوما في غوطة دمشق بسوريا، أصابع الاتهام وجهت على استعجال لقوات النظام السوري، وتقاطرت بيانات التنديد المتتالية من العواصم الإقليمية والغربية بما يؤشر بعمل عسكري لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد بمباركة دولية.


الحقيقة الغائبة
ويوم أمس السبت أعلنت جماعة «الخوذ البيضاء» مقتل 81 شخصا، بهجوم شنه النظام السوري بغاز الكلور، وجاء الهجوم عقب يومين من إعلان دمشق تحريك وحداته العسكرية لتحرير المدينة من العناصر الإرهابية وسط اتفاقات عقدتها موسكو مع «جيش الإسلام» بهدف خروج عناصره من الغوطة وتسليم مناطق نفوذه.

هجوم الكلور الذي راح ضحيته أطفال ونساء، عقّد التفاهمات السياسية وأربك المشهد السياسي هناك، ونفت سوريا وقوع هجوم بأسلحة كيميائية، متهمة الأذرع الإعلامية لـ«جيش الإسلام» بفبركة ذلك لاتهام الجيش في محاولة مكشوفة وفاشلة لعرقلة تقدمه.

وقال مصدر سوري رسمي، إن الجيش الذي يتقدم بسرعة وبإرادة وتصميم ليس بحاجة إلى استخدام أي نوع من المواد الكيميائية كما تدعى وتفبرك بعض المحطات التابعة للإرهاب، مضيفا أن مسلحي «جيش الإسلام» في دوما يعيشون حالة من الانهيار والتقهقر أمام ضربات الجيش.. وأكد تصميم الدولة السورية على إنهاء الإرهاب في كل شبر من أراضيها.

ثمن باهظ
وفي رد فعل غاضب قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الرئيس السوري بشار الأسد سيدفع ثمنا كبيرا للهجوم الكيماوي على مدينة دوما في الغوطة الشرقية والذي راح ضحيته الكثير من الأشخاص بينهم نساء وأطفال.

وأضاف ترامب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وروسيا وإيران يتحملون المسئولية عن دعم «الحيوان الأسد».

وطالب الرئيس الأمريكى بفتح الغوطة الشرقية فورا لإيصال المساعدات الطبية والتأكد مما حصل.

وقال ترامب إنها كارثة إنسانية أخرى دون أي مبرر لها.

وأضاف «أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لو أنه حافظ على الخطوط الحمراء التي رسمها لانتهت الكارثة السورية منذ وقت طويل، ولكان الحيوان الأسد من الماضي».

عملية عسكرية
وذكر وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، أن فريق الأمن القومي لرئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، سيدرس اليوم الخيارات المحتملة للتعامل مع الهجوم الكيميائي بدوما السورية.

وقال منوتشين، خلال مقابلة مع قناة «سي بي إس»، الأحد، تعليقا على التقارير، التي زعمت استخدام القوات السورية الحكومية أسلحة كيميائية في مدينة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق: «يبدو أن هذا الحادث مثال شنيع جديد لأعمال نظام الرئيس السوري بشار الأسد».

وأشار منوتشين إلى أن فريق البيت الأبيض للأمن القومي سيبث الأحد الخطوات، التي ستتخذها الولايات المتحدة في ظل الأوضاع الحالية بسوريا.

وأوضح وزير الخزانة الأمريكي: «يمكنني أن أؤكد لكم أن أعضاء فريق الأمن القومي سيدرسون خيارات مختلفة تحدث عنها الرئيس الأمريكي».

وفي وقت سابق من اليوم ذكر مستشار البيت الأبيض للأمن الداخلي، توماس بوسرت، أن إدارة ترامب لا تستبعد أي خيارات من الطاولة للرد على الهجوم الكيميائي المزعوم في سوريا، بما في ذلك ضربة صاروخية.

معاقبة المتورط
على نفس النغمة الأمريكية، أعرب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عن بالغ قلقه من ورود تقارير عن حالة جديدة لاستخدام السلاح الكيميائي في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية.

وطالب جونسون، في بيان أصدره اليوم، المجتمع الدولي بإجراء تحقيق فوري في الموضوع وبالرد على الحادث، في حال ثبتت صحة تلك التقارير.

وأكد عميد الدبلوماسية البريطانية دعمه لخبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في التحقيق بالحادث، مشددا على ضرورة محاسبة المسئولين عنه.

وقال جونسون إن القوات السورية تحمل المسئولين أربع هجمات بالغاز السام على الأقل منذ عام 2014، مطالبا روسيا بالامتناع عن الحيلولة مرة أخرى دون التحقيق في الحادث الجديد.

إدانة سعودية
وأدانت السعودية الهجوم الذي طال مدينة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق، ودعت المجتمع الدولي للتدخل سريعا لحماية المدنيين في سوريا.

وعبر مصدر مسئول في وزارة الخارجية السعودية، اليوم الأحد، عن «قلق المملكة البالغ وإدانتها الشديدة الهجوم الكيميائي المروع الذي تعرضت له الـ«دوما»، وشدد المصدر، في التصريحات التي نقلتها وكالة «واس» السعودية الرسمية، على «ضرورة إيقاف هذه المآسي وانتهاج الحل السلمي القائم على مبادئ إعلان جنيف1 وقرار مجلس الأمن الدولي 2254».

وأشار المصدر، في ختام تصريحه، إلى "أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته تجاه حماية المدنيين في سوريا".

شبهات قوية

أعلنت وزارة الخارجية التركية، عن وجود "شبهات قوية" حول وقوف الحكومة السورية وراء الهجوم باستخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة دوما بالغوطة الشرقية.

وقالت الوزارة في بيان نقلت نصه وكالة «الأناضول» التركية، إنها «عَلِمَت بقلق عميق بأنباء مقتل عدد كبير من المدنيين جراء الهجوم في دوما»، مشيرة إلى وجود «شبهات قوية حول تنفيذ الهجوم من جانب النظام السوري الذي يمتلك سجلًا حافلًا باستخدام أسلحة كيميائية».

من جهته دعا جون إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي، مجلس الأمن لاجتماع سريع لبحث الوضع في الغوطة الشرقية بما يمهد لاتخاذ قرار ربما تعجز روسيا عن عرقلته بـ«الفيتو» هذه المرة.

تحذير روسي إيراني
روسيا التي تقف في المعسكر المناهض، وصفت المزاعم عن هجوم كيميائي جديد في غوطة دمشق الشرقية بأنها استفزازات سبق أن حذرت موسكو منها، مضيفة أنها تهدف إلى حماية الراديكاليين وتبرير ضربات محتملة على سوريا من الخارج.

وشددت الخارجية الروسية في بيان صحفي، على أن «الخوذ البيضاء» و«ما يسمى بمنظمات حقوقية تتخذ من بريطانيا والولايات المتحدة مقرا لها»، استندت تقارير عن هجوم كيميائي جديد إلى شهاداتها، سبق أن ضُبطت متلبسة في التواطؤ مع الإرهابيين.
فيما رفضت وزارة الخارجية الإيرانية، الاتهامات الموجهة إلى الجيش الحكومي السوري بشن هجوم على مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية باستخدام السلاح الكيميائي.

ووصفت الوزارة في بيان هذه الاتهامات بغير المنطقية، وغير المتوافقة مع الحقائق على الأرض، نظرا لتقدم الجيش السوري في الميدان ضد الجماعات الإرهابية. وأضافت أن تحميل الجيش السوري مسئولية الهجوم «ينم عن مؤامرة جديدة تحاك ضد الحكومة السورية وذريعة لشن عمليات عسكرية جديدة» ضدها.

سيناريو العملية
خلاصة ما سبق يشير إلى نية ترامب الحصول على دعم أممي لتنفيذ عملية عسكرية كبرى ضد النظام السوري على غرار سيناريو حرب العراق للتخلص من صدام حسين الذي تحل الذكرى الـ15 لها هذه الأيام، بهدف الحفاظ على ماء الوجه في المعركة التي طالت وفشلت فيها جميع الحيل، ولعل تراجع إدارة البيت الأبيض عن الخروج من سوريا بعد إعلان ترامب الخبر على لسانه، يدلل على توجه البنتاجون تنفيذ عملية خلاص تنهى هيمنة نظام الأسد وتعيد هيبة الولايات المتحدة أمام الدب الروسي الذي اقتنص ضربة البداية هناك ورتب الأوضاع على الأرض.
الجريدة الرسمية