راب الصعايدة.. شباب قنا تحدوا التقاليد وأنشأوا أول استوديو غنائي بالصعيد.. مواهب شابة تحاول كسر العادات بغناءهم.. اكتشاف المواهب المدفون أبرز الأهداف.. وصدمة الموسيقى العربية البداية
مجموعة من الشباب والفتيات جمعهم عشق الفن من موسيقى وغناء، وفى خطوة جريئة، أنشأوا أول ستوديو غنائي على مستوى الصعيد، الذي يسمونه «الجواني»، تعبيرًا عن صعوبة العادات والتقاليد فيه.
بدأت الفكرة لدى الشباب منذ 4 سنوات، عندما واجهتهم صعاب في الوصول إلى طموحاتهم، وأحلامهم، فلم يجدوا مكانًا يخرج طاقاتهم الإبداعية بعد أن رفضتهم فرقة الموسيقى العربية بقصر ثقافة قنا.
عثروا على ضالتهم في مكان صغير مكون من 3 غرف خصصوا واحدة منها للتمثيل وأخرى للتدريب وواحدة للتصوير، ومنذ الإعلان عن الفكرة وجدوا إقبالا كبيرا من الشباب والفتيات.
المواهب المدفونة
قال مؤمن ربيع، 20 عامًا، «مطرب راب»: أقدم «الراب»، وهذا لون غريب نوعًا ما على المجتمع الصعيدي الذي عشق الربابة والمزمار البلدي، لافتًا إلى أن الهدف من إنشاء هذا الاستوديو هو الكشف عن المواهب المدفونة في الصعيد، خاصة أن جميع المواهب كانت تفضل السفر إلى القاهرة للبحث عن فرصة.
وأشار «مؤمن» إلى أن الفريق يضم 8 شباب، بينهم 3 فتيات، مضيفًا أن من أخطر المصاعب التي واجهتنا هو أن الكثيرين كانوا يظنون أن هذا مجرد كلام وهمي لن يتحقق على أرض الواقع، بالإضافة إلى الانتقادات الواسعة التي كانت تزعم أننا نهدر أموالنا على أشياء خيالية، ولن تفيد، إلا أن التحدي والإصرار على تحقيق الحلم جعلنا لا نلتفت إلى أي كلام، ووضعنا نصب أعيننا الحلم وهو «الاستوديو الغنائي».
وقال محمد محمود سيد، 19 سنة، كلية إدارة الأعمال، مسئول عن إدارة الاستوديو: شاركت مع زملائي في تحقيق الحلم من خلال إدارة العمل بالاستوديو، وهذا أبسط شيء أستطيع تقديمه لهم.
أول عازف جيتار بالصعيد
وقال بسام سعد، 23 سنة، كلية «بيزنس وإدارة الأعمال»، عازف جيتار ومطرب: أعزف جيتار منذ كان عمري 17 عامًا وحصلت على المركز الأول على مدى 3 سنوات على مستوى الجمهورية، لافتًا إلى أن الفكرة نشأت لدينا منذ شعرنا بأن الجيل السابق هجرنا وترك الساحة للبحث عن فرصة خارج المحافظة، وهو الأمر الذي جعلنا نفكر في البحث عن وسيلة تجعلنا نمكث في محافظتنا ولا نترك الساحة.
وكشف «بسام” عن مفاجأة من العيار الثقيل عندما قال إن قنا هي التي صدرت الموسيقى للصعيد بالكامل جنوبا وشمالًا، قائلًا: “إحنا اللي علمنا الفرق في سوهاج وأسوان وغيرها”.
وانتقد الجيل السابق الذي ترك الساحة، ولم يفكر في تنمية المواهب وعمل جيل جديد من الفنانين والموسيقيين ولم يفكر واحد منهم في تعليم شخص واحد الموسيقى والغناء.
وكشف “بسام” عن سبب تراجع الفن في جامعات الصعيد الجواني، قائلًا: “السبب هو كبت الحريات وفشل الإدارة والمدربين، فما معنى أن يكون لديَّ كوادر جيدة على مستوى الجمهورية ولا يتم الاستفادة منها؟!”.
وأشار إلى تمسك الأساتذة في كليات التربية الموسيقية بأنهم هم دائما على صواب وهذا ليس صحيحًا، بل لا بد من وجود مساحة وفرصة للتعبير عن الرأي فليس كل مفروض هو الصواب، قائلًا: “كل المفروض مرفوض”، وسوف نثبت هذا بالفعل للجميع.
وأكد بسام أن هذا الأمر كان سببًا في تراجع ترتيب جامعة جنوب الوادي عن المركز الأول في عام 2004 حتى حلت في مراكز متدهورة في الفترة الأخيرة في الفن والموسيقى، على الرغم من أنها تمتلك كوادر لا مثيل لها في أي مكان، منوهًا إلى أن المواهب تحتاج فقط إلى نفض الغبار عنها فقط.
رفض “الموسيقى العربية” صدمنا
وأكد “بسام” أنه منذ 4 سنوات، هو وصديقه مؤمن، يبحث عن مكان يفجر طاقاته الإبداعية، وقدم في قصر ثقافة قنا الذي رحب في البداية.
وأضاف: فرقة الموسيقى العربية صدمتنا برفضها لوجودنا، وهو ما جعلنا نفكر في الرحيل والبحث عن مكان أفضل، فنحن نقدم موسيقى “مودرن”، ولكن هذا لا يمنع من أن نقدم موسيقى عربية ولكن بآلات مختلفة.
وكشف “بسام” عن أهم الصعوبات التي واجهت الفريق وعند تكوين الاستوديو وكانت المشكلة مادية خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار المعدات والأجهزة إلى الضعف تقريبًا، وعلى سبيل المثال الجيتار العادي وصل إلى 1000 جنيه، والجيتار الإلكتروني من 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيه. وأضاف “بسام”: نسعى إلى تطوير فولكور الصعيد فجميع المقامات الموسيقية مفتوحة ويمكن التعامل معها بسهولة فهناك شيء يسمى بالتوزيع الغنائي.
أصغر مطربة
بدورها، قالت سارة عبد السلام، 15 سنة، طالبة بالصف الثالث الإعدادي، إنها أول مطربة مشاركة في فريق الاستوديو الغنائي على مستوى الصعيد بالكامل، ومنذ أن كانت تغني في سن صغيرة، وهي تبحث عن مكان لإخراج موهبتها الغنائية، وهو ما دفعها إلى البحث عن مكان، وعندما سمعت بهذا الاستوديو أسرعت إلى الاشتراك معهم ماديًا وغنائيًا.
"نقلا عن العدد الورقي..."