رئيس التحرير
عصام كامل

الموازنة التريليونية.. الحكومة تناور.. ورجال الاقتصاد يحذرون.. مجلس الوزراء يلجأ عادة إلى الاستدانة من الخارج لتمويل العجز الدائم.. وزيادة معدل الإنتاج وخفض البطالة أبرز الأهداف

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الموازنة العامة هي وثيقة مالية تشمل جميع الإيرادات الحكومية ومصروفاتها خلال سنة مالية، وتعكس التوجهات الرئيسية للسياسة العامة للحكومة.

والإيرادات هي كل ما تحققه الدولة من دخل نقدى أو سلعى أو خدمى نتيجة تقديم سلعة أو خدمة، أما المصروفات فهى كل ما تقوم الجهة المعنية بصرفه في مقابل إتمام العمل أو المهمة المنوطة بالقيام بها.

وتعتبر الموازنة الجديدة 2018\2019 هي الأضخم على مر التاريخ، بمبلغ تريليون و412 مليار جنيه، وجاءت تلك الموازنة بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة منذ نوفمبر 2016.

الأضخم
وتعد الموازنة الجديدة هي الأضخم من حيث حجم الإيرادات والإنفاق العام، حيث تستهدف تخفيض معدلات البطالة، وزيادة بنسبة 25% لقطاعى التعليم والصحة، والتركيز على المحافظات الأكثر فقرًا، وتوزيعا متكافئا للاستثمار خاصة في الأماكن التي بها نسبة مرتفعة من الشباب والمرأة.

وعلى الرغم من ضخامة الموازنة الجديدة إلا أنها تلاحقها أزمة كبيرة خاصة في ظل أن الديون الخارجية المترتبة على القروض الممنوحة لمصر قد يتم سدادها خلال السنة بنحو 14.6 مليار دولار أمريكى، واعتماد الحكومة، بشكل أساسي، على الاستدانة من الخارج، لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة، حيث من المحتمل أن تطرح مصر في النصف الثانى من العام الجارى أذونات بقيمة تتراوح ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار أمريكى.

ملاحظات
هناك ملاحظة قوية على بعض الأرقام المعلنة من المسئولين، وهى تعظيم موارد الدولة، حيث تعمل الحكومة على زيادة نسبة الإيرادات الضريبية لتصل إلى 14.5% في موازنة ٢٠١٨ / ٢٠١٩، مقابل 14.2% في الموازنة الحالية، و13.3% في موازنة 2016/2017، و12.7% في موازنة 2015/2016، وتستهدف الموازنة الجديدة تحقيق إيرادات من الضرائب والجمارك نحو 760 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، مشيرًا إلى أن حجم المصروفات يبلغ نحو 1.412 مليار جنيه.

وتلك الأرقام، وإن كانت كبيرة، إلا أنها تشير إلى أمر في غاية الأهمية ألا وهو استمرار الحكومة بسياسة الإصلاح الاقتصادى والتقشف وزيادة الضرائب وتفعيل بعض الموارد مثل الضريبة العقارية أو زيادة بعض التعريفات الجمركية على بعض السلع.

ويجب النظر هنا إلى مستهدف الحكومة الأهم، وهو رفع معدل النمو الحقيقى السنوى إلى 5.5% من الناتج المحلى الإجمالي، ولا يمكن تحقيق ذلك المستهدف إلا من خلال قيام الحكومة بتشجيع القطاع الخاص، للمساهمة في تحقيق هذا المستهدف، بالإضافة إلى مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلى الإجمالى.

البطالة
الحكومة أيضا أعلنت وبشكل صريح العمل على خفض معدل البطالة إلى نسبة تتراوح ما بين 10 :11% ومعالجة زيادة معدلات البطالة بين الشباب.

الطموح الكبير لدى الحكومة في ظل الملف الهام لا يمكن أن يتحقق إلا في حالة زيادة الاستثمار وارتفاع الإنفاق الحكومى على المشروعات القومية والبنية التحتية طويلة الأجل لإعطاء فرصة تشغيل العمالة والشباب.

الضبط المالي
ويعتبر الضبط المالى للسيطرة على معدلات عجز الموازنة ومعدلات الدين العام من أولويات مشروع الموازنة للعام المالى 2018/2019؛ حيث إن ارتفاع الطلب على تمويل عجز الموازنة من خلال إصدار الأذون والسندات المحلية “أدوات دين”، نتيجة لزيادة عجز الموازنة في السنوات السابقة، وما صاحبه من توسع نقدى، قد أدى إلى آثار تضخمية لم يتم مقابلتها بزيادة على جانب العرض بسبب الاختناقات في المعروض من السلع والخدمات، وبالتالى فإن أحد الحلول لمشكلة التضخم يكمن في إجراءات الضبط المالى التي تتبعها الحكومة بهدف خفض عجز الموازنة.

وعلى الرغم من أن لبعض هذه الإجراءات أثرًا سعريًّا إلا أنه مؤقت.. وعلى جانب آخر يجب العمل في ذات الوقت على زيادة المعروض من السلع والخدمات عن طريق تحسين مناخ الاستثمار وتطوير البنية التحتية وزيادة المنافسة والاستثمار في العنصر البشرى من خلال زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم إلى جانب العمل على زيادة الإنتاجية بهدف تحقيق معدلات نمو أعلى دون أثر تضخمى.

ويستهدف مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2018/2019 خفض العجز الكلى ليصل إلى نحو 8.5% من الناتج المحلى، مقابل 10.9% في العام المالى 2016/2017 وعجز مستهدف 9.5% في العام المالى الجارى.

ويجب على الحكومة أن تعمل على اتخاذ إجراءات إصلاحية وهيكلية لزيادة إيرادات الدولة الضريبية وغير الضريبية بما يتناسب مع القوى الكامنة غير المستغلة بعد في الاقتصاد، على أن يتم الأخذ في الاعتبار العدالة، ومشاركة جميع فئات المجتمع في جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية.

كما يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات قوية لتحقيق المستهدفات، خاصة تلك التي تتعلق بالإصلاحات الهيكلية لترشيد وإعادة أولويات الإنفاق العام من خلال تطوير منظومة الأجور من خلال رفع معدلات إنتاجية العامل في القطاعات الخدمية والإنتاجية فضلا عن استمرار الإصلاحات الهيكلية والمالية والدعم في قطاع الطاقة باعتبارها إصلاحًا ضروريًّا لإزالة التشوهات السعرية داخل الاقتصاد.

كما يجب القيام بالإصلاحات لرفع كفاءة نظام إدارة المالية العامة، وذلك من خلال تطبيق نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية، بالإضافة إلى إعداد مشروع نظام جديد للتأمينات الاجتماعية والمعاشات عن طريق وضع نظام تأمينى موحد لجميع الموظفين يساعد على تحسين المعاشات والأجور التأمينية بهدف تحقيق العدالة بين أطراف المنظومة.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية