رئيس التحرير
عصام كامل

5 محطات في تعامل إدارة ترامب مع سوريا منذ يناير 2017

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

مثل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات العسكرية من سوريا، انعطافة كبيرة في موقع الولايات المتحدة بشأن الصراع، الذي دخلت فيه منذ عام 2015.


وواجهت تلك الخطوة معارضة واسعة باعتبارها ستسمح بزيادة النفوذ الإيراني والروسي، واعتبر رموز الإدارة أنه يجب تصعيد الحرب ضد داعش ومنع إيران من إهانة الجنود والبحارة الأمريكيين، واستعمال القوة العسكرية عند الضرورة.

ومرت السياسة الأمريكية بسوريا منذ تولي ترامب الحكم يناير 2017، بعدة محطات

10 آلاف جندي أمريكي في سوريا لاستنزاف إيران
طرح العقيد ديريك هارفي أكثر من مرة خلال المناقشات سيناريوهات لاستعمال القوة العسكرية الأمريكية ومن ضمنها إرسال قوة أمريكية تصل إلى 10 آلاف جندي أمريكي إلى سوريا، لدحر داعش، وإيجاد حضور عسكري أمريكي واسع يستطيع الوقوف في وجه النفوذ الإيراني والنظام وروسيا في آن معًا.

واستعاد هارفي بالذات، بحسب أشخاص تحدثوا إليه خلال تلك الفترة "مبدأ الاستنزاف"، وشدد على أن تصوره يجب أن يستعين بتكتيكات المواجهات خلال الحرب الباردة.

ودعا هارفي إلى استنزاف روسيا وإيران في سوريا بالإضافة إلى قطع "الطريق السريع" بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت.
وأراد هارفي من خلال هذا السيناريو أن يتسبب بنزيف مالي وبشري للنظام الإيراني الذي يصرف سنويا 14 مليار دولار على النظام السوري، واعتبر أن الساحة السورية مكان جيد للتسبب بأضرار فادحة للنظام الإيراني من ضمن المواجهة الشاملة مع إيران.

دخول ماكماستر
لكن لم يمض وقت طويل من رئاسة دونالد ترامب حتى خرج الجنرال فلين من الأمن القومي ودخل الجنرال ماكماستر.

وماكماستر يمثل أيضا خطًا متشددا ضد إيران، لكنه وجد أن مساعده العقيد ديريك هارفي متطرف في سيناريوهاته فيما ماكماستر يريد خطة أمريكية أقل شراسة في سوريا، بعدها خسر العقيد هارفي وظيفته في يوليو2017 وتم استبداله بموظف أقل تصلبا.

غير مهتم بالانغماس
وجرت نقاشات كثيرة في الإدارة الأمريكية خلال تلك المرحلة وأهمها النقاش حول أي إستراتيجية على الرئيس ترمب تبنيها ضد إيران وفي الشرق الأوسط بما في ذلك سوريا.

ولاحظ مساعدو الرئيس الأمريكي أنه غير مهتم بالانغماس في الشرق الأوسط، بل يركز اهتمامه على دحر داعش كهدف مباشر وقصير، ومواجهة مشكلة إيران من جوهرها وليس من أطرافها.

وسط هذه النقاشات قام الرئيس الأمريكي بتكليف وزير الخارجية حينذاك ريكس تيلرسون بوضع إستراتيجية سوريا.

وعمل تيلرسون مع صديقه وزير الدفاع جيمس ماتيس على وضع إستراتيجية تقوم على دحر داعش ومنع عودتها واستعمال الحضور المطوّل للقوات الأمريكية في منطقة شمال شرق سوريا لمواجهة النفوذ الإيراني ودفع الأطراف للذهاب إلى مفاوضات جنيف.

وتم الإعلان عن هذه الإستراتيجية في خطاب للوزير تيلرسون في جامعة ستانفورد يوم 18 يناير 2018 وشكلت تراجعا كبيرًا، ففي بداية العام 2018 كانوا يتحدثون عن حرب استنزاف وإرسال 10 آلاف جندي أمريكي، ووصلت الإستراتيجية إلى نشر 2000 جندي على الأرض مع الحلفاء لمنع عودة داعش.

جيمس ماتيس أعلن أن الأميركيين باقون ولفترة طويلة، ولن يكرروا خطأ الانسحاب مثلما حصل في العراق 2011 وبدا الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مقتنعًا.

ضغوطات كبار المسئولين
ولكن ترامب لم يكن مقتنعا بتلك التحركات، بل إنه خضع لضغوطات كبار المسئولين في إدارته، ومنهم الجنرال ماتيس الذين قالوا له في حينه، إن الانسحاب هو بالضبط ما فعله سلفه باراك أوباما في العراق، وكان خطأ كبيرا ولا يجب أن يكرر ترامب ما فعله سلفه الذي طالما انتقد سياسته المتأخّرة في سوريا والليّنة مع إيران.

ترامب الغاضب
أمور كثيرة حدثت خلال الأسابيع الماضية، أولها أن الرئيس الأمريكي بدأ يتحدث إلى معاونيه القريبين عن ضرورة الخروج من سوريا سريعا، تزامن ذلك مع "تخلص" ترمب من هيكل الأمن القومي من حوله، أولًا طرد ريكس تيلرسون من وزارة الخارجية، ثم أعلن أن الجنرال ماكماستر سيذهب إلى التقاعد، فيما بدأ أيضا يخرج عن إدارة الجنرال جون كيلي رئيس أركان البيت الأبيض.

كما عاد الرئيس الأمريكي إلى خطاباته الشعبية، التي ركز فيها على الأمور الداخلية ومصلحة الأمريكيين أولا، مثل بناء الحائط مع المكسيك وحماية الصناعات بفرض ضريبة على المنتجات الصينية، ويعطي الانطباع أنه مهتم بناخبيه فقط.

وأعلن ترمب في خطاب شعبي يوم الخميس 29 مارس أن القوات الأمريكية ستترك سوريا قريبا، وفاجأ في كلامه مساعديه، وكرّر الكلام ذاته يوم الثلاثاء 3 أبريل قبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن القومي لمناقشة الخطوة التالية في سوريا.

ومن المفارقات أن ترامب وفي اليوم ذاته ناقش مع أعضاء حكومته تصاعد عدد المهاجرين من جنوب أمريكا ممن عبروا حدود المكسيك إلى أراضي الولايات المتحدة، وقرر بعد ساعات إرسال قوات الحرس الوطني للمساعدة في منع تسرب المهاجرين غير الشرعيين.

في المقابل، نقل عن ترامب قوله في اجتماع مجلس الأمن القومي إنه سأل عن كم من الوقت تحتاج القوات الأمريكية لإنهاء جيوب داعش على الأرض في سوريا، وقرر إنه لا يريد عقد اجتماع آخر بعد ستة أشهر لمناقشة هذا الموضوع، بعد أن لم يعطه وزير الدفاع مهلة محددة.

الجريدة الرسمية