ولي العهد السعودي: أمريكا أخطأت بغزو العراق.. بشار لن يرحل دون حرب.. الإخوان جماعة إرهابية.. طالبنا باعتقال بن لادن.. فردّ الغرب: مناضل.. ولا يوجد ما يسمى بـ«الوهابية» والرئيس التنفيذي لـ
كشف الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في حواره المطول مع مجلة "تايم" الأمريكية، عن التوجهات السياسية للمملكة، ونظرته للأحداث الدائرة على الساحة بمنطقة الشرق الأوسط سواء في اليمن وسوريا وإيران، وموقفه من جماعة الإخوان المسلمين، وعلاقته بأمريكا.
الهجوم على إيران
وقال ولي العهد السعودي: إن نظام الملالي هو العدو الأول في المنطقة الذي يجب مواجهته، مشيرا إلى أن الإيرانيين هم سبب المشكلات في الشرق الأوسط، لكنهم لا يشكلون تهديدًا كبيرًا للمملكة.
وتابع: "ببساطة إيران ليست من ضمن الدول الخمس الأكبر في المجال الاقتصادي في العالم الإسلامي، وحجم الاقتصاد السعودي هو ضعف الاقتصاد الإيراني، كما أنه ينمو أسرع بمرتين أو ثلاث مرات من الاقتصاد الإيراني، كما أن الاقتصاد الإماراتي والمصري والتركي أكبر من الاقتصاد الإيراني، وهناك الكثير من الدول الإسلامية التي تحظى باقتصاد أكبر من الاقتصاد الإيراني".
واستطرد: "ذات الأمر ينطبق على الجيش؛ فهم ليسوا من ضمن الخمسة جيوش الكبرى في الشرق الأوسط لذا فهم متخلفون بكثير، لكن مشكلة النظام هي أنهم قد اختطفوا البلاد فهم يستخدمون أصول دولتهم من أجل تحقيق غاياتهم الأيديولوجية، وقد شاهدوا كل يوم، منذ ثورة 1979، وهم يسعون إلى نشر أيديولوجيتهم حتى في الولايات المتحدة وبقيامهم بذلك سيخرج إمامهم المختبئ ليحكم العالم أجمع: الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والعالم ككل، وهم مؤمنون بذلك ويقولون ذلك بكل وضوح، وفي حال كانوا لا يقولون ذلك فليخرج المرشد الأعلى وينكر كلامي بعد هذه المقابلة ويقول إنه لا يؤمن بما قُلته".
الفكر الوهابي
وعن غزو الفكر الوهابي للسعودية أوضح "بن سلمان"، أنه لا يوجد شيء يُعرف بالوهابية، مشيرًا إلى أن عبارة "الوهابية" نتاج لأفكار المتطرفين بعد عام 79، وذلك لإدخال العامل الوهابي لكي يكون السعوديون جزءًا من شيء لا ينتمون له.
وأضاف: "لدينا في السعودية طائفتان السنية والشيعية، ولدينا أربع مدارس فكرية سنية، كما أن لدينا مدارس فكرية شيعية كثيرة، وهم يعيشون حياة طبيعية في السعودية؛ فهم يعيشون باعتبارهم سعوديين في السعودية، وقوانيننا مشتقة من القرآن الكريم وممارسات النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه القوانين لا تحدد أي طائفة أو مدرسة فكرية بعينها.
وتابع: "هناك عضو في مجلس الوزراء في السعودية من أتباع الطائفة الشيعية، وهناك عضو في مجلس الشورى من أتباع الطائفة الشيعية، والرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" وهي أكبر شركة في العالم من أتباع الطائفة الشيعية، وأهم جامعة في الشرق الأوسط وتقع غرب السعودية – جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست" – من يترأسها؟ إنه شخص من أتباع الطائفة الشيعية، ولذلك فإننا لا نميز بين السعوديين بِناءً على طوائفهم. فنحن نعيش في السعودية باعتبارنا سعوديين.
مواجهة التطرف
كما شدد ولي العهد السعودي، على أن السعودية هي أكثر من عانت من التطرف والإرهاب، وبيّن أن المملكة هي أول من طالبت باعتقال "ابن لادن" في التسعينيات من القرن الميلادي الماضي، وقبل أحداث 11 سبتمبر بعشر سنوات، ولكن احتجّت بعض الأصوات في الغرب بحرية التعبير، وأنه مناضل من أجل الحرية.
وقال: "بادئ ذي بدء، السعودية لا تنشر أي أيديولوجية متطرفة، السعودية هي أكبر ضحية للفكر المتطرف. إن كنت أنا أسامة بن لادن أو أي متطرف أو إرهابي، وأردت نشر الأيديولوجية الخاصة بي وأردت التجنيد، فمن أين سأقوم بالتجنيد؟ سأذهب إلى المغرب للتجنيد ونشر الأيديولوجية؟ أو أذهب إلى ماليزيا؟ بالطبع لا. إن أردت نشر الأيديولوجية فسأذهب إلى السعودية، عليّ أن أذهب إلى قِبلة المسلمين، عليّ أن أذهب إلى البلاد التي تحتضن المسجد الحرام، وذلك لأنني إن قمت بنشرها هناك، فإنها ستبلغ كل مكان".
وتابع: "لقد طالبنا باعتقال أسامة بن لادن، لقد كان خارج السعودية، كان ينبغي أن يتم اعتقاله، ولقد ردت صحيفة "إندبندنت" علينا في عام 93 بقولها إن أسامة بن لادن يناضل من أجل الحرية، وإنه يمارس حرية التعبير! يمكنك العودة إلى مقالة "إندبندنت" في 93، أسامة بن لادن! وهذا الأمر كان قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قبل عشر سنوات منها، لقد كنا نقول إنه رجلٌ خطير، إنه إرهابي، وإنه ينبغي أن يتم اعتقاله فورًا. لقد تعرضنا لهجمات إرهابية في السعودية، وتعرضت مصر لهجمات إرهابية في التسعينيات، حتى وقعت أحداث 11 سبتمبر، لذا فإنه من الواضح جدًا أننا نحن الضحايا، ولكن من الواضح أيضًا أننا في الخطوط الأمامية لأنه لم يعد بإمكانهم التجنيد ونشر الأيديولوجية إن لم يتمكنوا من القيام بذلك في المملكة العربية السعودية، وإذا وقفنا وخضنا الحرب، ونحن نقوم بذلك اليوم في السعودية".
الموقف من الإخوان
وعن موقف المملكة من جماعة الإخوان الإرهابية قال ولي العهد السعودي: "نحن نعامل جميع المنظمات المتطرفة في المملكة العربية السعودية كمنظمات إرهابية مثل جماعة الإخوان".
وأشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين خطيرةٌ جدًا ومصنفة في السعودية ومصر والإمارات وغيرها العديد من دول منطقة الشرق الأوسط على أنها جماعة إرهابية.
وتابع: "تعدّ شبكة الإخوان المسلمين جزءًا من هذه الحركة.. فلو نظرت إلى أسامة بن لادن فستجد أنه كان من الإخوان المسلمين، ولو نظرت للبغدادي في تنظيم "داعش" فستجد أنه أيضًا كان من الإخوان المسلمين، في الواقع لو نظرت إلى أي إرهابي فستجد أنه كان من الإخوان المسلمين".
واستطرد في حواره: "الإخوان المسلمون خطرا ليس في منطقة الشرق الأوسط لأنهم يعلمون أن منطقة الشرق الأوسط تتبع إستراتيجية جيدة ضدهم في السعودية ومصر والإمارات والأردن والعديد من الدول الأخرى، بل خطرها يصل لأوروبا بأكملها لأن هدفهم الرئيسي يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة. فهم يأملون أن تصبح أوروبا قارةً إخوانية بعد 30 عامًا، وهم يريدون أن يتحكموا بالمسلمين في أوروبا، من خلال استخدام جماعة الإخوان المسلمين، وهذا سيشكل خطرًا أكبر بكثير من الحرب الباردة ومن تنظيم "داعش"، ومن القاعدة ومن أيِّ أمرٍ شهدناه خلال آخر مائة عام من التاريخ".
وأوضح ولي العهد السعودي، أن محاربة التطرف لا تكون فقط في محاربة المتطرفين، ونشر الحداثة، فهذا الأمر جزء من محاربة التطرف، ولكن هنالك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها: التعرّف على تلك الجماعات، وسنّ قوانين لمحاربتها، وتوضيح المعايير التي تميز من خلالها الإرهابيون.
العلاقة مع أمريكا
وحول علاقته بالرئيس الأمريكي أكد "بن سلمان"، أن السعودية لديها علاقة جيدة مع الرئيس الأمريكي ترامب، ومع فريقه، ومع عائلته، ومع جميع الأشخاص المهمين في إدارته، ونحن ننفق 230 مليار دولار سنويًّا خارج السعودية، وإن لم نفعل شيئًا فإن هذا الرقم سيرتفع في عام 2030 ليصل إلى ما بين 300 و400 مليار دولار ستصرف خارج السعودية.
أخطاء أمريكا
كما سرد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأخطاء الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية أخطأت خطأ فادحا بدخولها في العراق، وكان ينبغي عليها أن تتوقف بعد إكمال المهمة في أفغانستان وأن تركز على كيفية تحويل أفغانستان من دولة ضعيفة إلى دولة طبيعية.
وأضاف أن أمريكا أخطأت خطأ أكبر عندما سحبت قواتها من العراق وتفكيك الجيش العراقي، الأمر الذي تسبب في ظهور مشكلات بمنطقة الشرق الأوسط.
الحرب السورية
وعن الحرب الدائرة في سوريا أضاف "بن سلمان": "أعتقد أن "بشار" باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تمثل جزءًا من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لفترة طويلة جدًا، ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سوريا أيديولوجيتها، حينها "بشار" سيكون دميةً لإيران".
وتابع: "فمن الأفضل له أن يكون نظامه قويًّا في سوريا، وهذا الأمر أيضًا سيكون إيجابيًا بالنسبة لروسيا، أما روسيا فمن الأفضل لهم أن يكون لهم قوة مباشرة وأن يمكنوا "بشار"، ولديهم نفوذ مباشر في سوريا ليس عبر إيران، لذلك فإن هذه المصالح قد تقلل من النفوذ الإيراني بشكل كبير، لكن "بشار" لن يرحل في الوقت الحالي.. لا أعتقد أن "بشار" سيرحل دون حرب، ولا أعتقد أنه لا يوجد أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب لما ستحدثه من تعارض بين الولايات المتحدة وروسيا ولا أحد يريد رؤية ذلك".
وحول نية الرئيس الأمريكي ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا قال ولي العهد السعودي: "نعتقد أن على القوات الأمريكية البقاء على المدى المتوسط على الأقل إن لم يكن على المدى الطويل، وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج لأن تمتلك أوراقًا للتفاوض وممارسة الضغط، وفي حال إخراج تلك القوات فأنت تخسر تلك الأوراق هذا أولًا. أما ثانيًا: تحتاج إلى نقاط تفتيش في الممر بين حزب الله وإيران، لأنك إن أخرجت هذه القوات من شرق سوريا، فستخسر نقطة التفتيش تلك وسيساهم ذلك الممر في تصعيد أمور أخرى في المنطقة".
الكيان الصهيوني
وحول إمكانية إقامة علاقات بين المملكة والكيان الصهيوني قال "بن سلمان": "لا يمكن أن يكون لنا علاقة مع إسرائيل قبل حل قضية السلام مع الفلسطينيين، وأهل فلسطين أدرى بشعابها.. لذا فكل ما تراه مناسبًا لك سندعمه أيا كان ما نسمعه من حلفائنا الأمريكيين، أيا كان، سنحاول إيضاحه، وسنحاول دعمه لجعل الأمور تحدث، ولكن إذا لم يناسبكم الحل، فهو حل غير مناسب".
الحرب البرية
وعن مدى إرسال قوات برية لليمن أوضح ولي العهد السعودي، أن قوات التحالف سترسل قوات برية لليمن في حال دعت الحاجة لذلك ومرهون بطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المعترَف به من قبل جميع دول العالم والمدعوم من مجلس الأمن.
وتابع: «الحرب بين أطراف الشعب اليمني، والحكومة اليمنية هناك تسعى جاهدة من أجل التخلص من الإرهابيين الذين اختطفوا بلادهم وحياتهم الطبيعية. وهي حربهم. ومهما كان الأمر الذي يطلبونه من السعودية أو الدول الاثنى عشر في التحالف، سنقدمه. وحتى اليوم لم يطلبوا تواجد جنود على أرض المعركة».
لوحة دافنشي
وعن ما أثير حول شرائه للوحة دافنشي بـ450 مليون دولار أكد "بن سلمان"، عدم صحة الشائعات التي تناثرت في وقتٍ سابق، حول شرائه للوحة «سلفاتور مندي» أو "مخلص العالم" لدافنشي، والتي اقتناها متحف "لوفر أبو ظبي"، وشدد على عدم وجود جريمة في أن يكون المرء ثريًّا، بل الجريمة في أن يكون فاسدًا.
وفي إجابته عن سؤال محاوره حول اهتمامه بالفنان العالمي ليوناردو دافنشي، في إشارة إلى الشائعات التي أثارتها بعض وسائل الإعلام القطرية عن شراء ولي العهد للوحة الأغلى في التاريخ بـ450 مليون دولار، قال في حواره مع مجلة «التايم» الأمريكية: "دافنشي، لقد قلنا إن هذا حديثٌ غير دقيق".. مضيفًا: "ما الذي يجري؟ لا أعلم كم مرة ينبغي علينا أن نعلن ذلك؟".
وذكر ولي العهد: لقد قلت سابقًا الثراء ليس جريمة، بل الجريمة تكمن في أن تكون فاسدًا، وفي حال كنت فاسدًا، أرجو أن توضّح لي فسادي وتقدم دليلًا على ذلك، ولا يبدو أن هناك أي أحد يقدم أدلة، ومن المعروف أن الملك سلمان وأبناءه وفريقه نزيهون تمامًا، والكل يعلم ذلك في السعودية. ويمكننا إعطاؤك سجل العائلة، عائلة آل سعود قبل تأسيس المملكة العربية السعودية، وسجل الملك سلمان منذ ولادته، وسجلي أيضًا أنه ناجح في السعودية".
وتابع: "وفي الحقيقة إنني أحب الفن، وأؤمن بأن أي شخص يمتلك ذوقًا رفيعًا، يجب أن يحب الفن ويقدره، وهناك العديد من الفنانين الرائعين حول العالم، ولا يمكنني أن أحدد شخصًا واحدًا ليكون فناني المفضل".