رخا حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق: «العرب انضحك عليهم بصفقة القرن ويجب إزالة غموضها»
- يجب التخلص من سياسة «الشجب والإدانة».. وعلى مصر العودة للعب دور «دينامو العرب»
- يجب إزالة حالة الغموض حول صفقة القرن التي "ضحك بها" على العرب
- حصة مصر من مياه النيل مسألة حياة أو موت ولا تهاون فيها.. وأملنا كبير في رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد
- البوصلة تتجه نحو حل أزمة اليمن.. وانتصار حفتر عسكريا في ليبيا صعب
- الاهتمام بالإنسان المصري الملف الأهم على طاولة الرئيس خلال الولاية الثانية
- فرض غرامات على المتخلفين عن الانتخابات غير دستوري
- الأجواء العربية الملبدة بالغيوم تحد كبير ينتظر القمة العربية.. والأزمة الأوروبية مع روسيا «صراع قوي»
- الطبيعة الجيوسياسية لليمن لا تسمح بوجود منتصر ومنهزم
انطلاقًا من المشهد الداخلي الراهن، والملفات التي تنتظر الرئيس عبد الفتاح السيسي مع بداية ولايته الثانية، ومرورًا بما يحدث في المنطقة العربية، وصولًا في النهاية إلى الأوضاع في الجانب الآخر من البحر، دار الحوار مع السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق.
السفير "رخا" قدم ما يستحق أن يوصف بـ"تشخيص جيد" للأوضاع الداخلية في مصر، ولم يتوقف عند هذا الحد، لكنه تطرق إلى الحلول والطرق الواجب اللجوء إليها لتحريك الأوضاع، وتحقيق مزيد من التنمية والاستقرار في الداخل المصري.
الخارج العربي والأفريقي ملفات أخرى وجدت لها حيزًا على طاولة الحوار مع مساعد وزير الخارجية الأسبق، الذي تحدث عن مستقبل سد النهضة الإثيوبي، والعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين مصر والسودان، كما قدم تشريحًا للأزمة التي تشهدها الجارة الغربية لمصر، الجماهيرية الليبية، وانطلق بعد ذلك للحديث عن الملف السوري، وما يحدث في دمشق من اتفاقيات وتعهدات، ومدى تأثر بقية الدول بالنتائج التي ستشهدها الأيام المقبلة.. وكان الحوار التالي:
بداية.. برأيك ومن واقع قراءتك للمشهد الداخلي والخارجي.. ما أبرز الملفات التي تنتظر الرئيس مع بداية ولايته الثانية؟
يمكن تقسيم الملفات التي ستكون أمام مكتب الرئيس، إلى 3 أقسام، منها ملفات يهتم بها الرئيس بشكل شخصي مثل استكمال المشروعات التي بدأت سابقا، إلى استكمال عمليات اكتشاف الغاز وتحويل إنتاجه ليكفي الاستهلاك المحلي والتصدير.
ويكمل الملف الاقتصادي الملف السابق متمثلا في استكمال مشروعات محور قناة السويس التي يرتبط جزء كبير منها بالقضاء على الإرهاب في سيناء لأن المستثمر لا يفصل بين الشمال والجنوب لكن العمليات الإرهابية تُلقي بظلالها على سيناء كاملة.
أما عن الملفات المطلوبة من الرئيس تشمل استكمال حل الملفات العربية وأن ينشط دور مصر بشكل أكبر في حل الأزمات اليمنية والسورية والليبية، لأنها تمثل خطرا على الأمن المصري، وأرى أنه لا بد أن لا تكتفي مصر بالتنديد واستنكار العدوان على تلك الدول، لكن من الأفضل أن تعود مصر لتكون "الدينامو" الذي يحرك الجامعة والدول العربية.
إلى جانب ذلك فإن موقفنا من القضية الفلسطينية يحتاج إلى مزيد من التوضيح واتخاذ موقف أكثر حزما ضد إسرائيل، وإزالة حالة الغموض حول صفقة القرن التي "ضحك بها" على العرب أجمع، بعد وعوده بإطلاق الصفقة المذكورة دون الإعلان عن أي حل للأزمة حتى الآن، لأنه في الأساس يديرها ولا يسعى لحلها لأنه من أشد اليمينيين المتطرفين المتعاطفين مع اليهود.
أما الملف شديد الأهمية فمن وجهة نظري أرى أنه يتعلق بـ"الإنسان المصري" الذي يحتاج إلى من يحنو عليه، على حد قول الرئيس عبد الفتاح السيسي سابقا، فلا بد أن يشعر المواطنون بتأثير ما تم إنجازه طوال السنوات الماضية، إلى جانب إعادة إحياء العمل السياسي للتيارات المدنية، وإعادة تشغيل المصانع المعطلة وإنشاء المزيد من المدارس لتحسين التعليم الذي يعد أساس النهضة في دول العالم.
كما أن الاهتمام بمستوى المعيشة والحياة وتأمين صحة المواطنين هو الدافع الحقيقي للمواطنين لدفعهم المشاركة في الانتخابات، وفي الوقت ذاته فإن عدم مشاركتهم لا يجوز معاقبتهم عليه بفرض غرامات مادية باعتبارها خطوة غير دستورية، لأن المواطنين يملكون الحق في الإدلاء بأصواتهم أو عدمه حسب قناعاتهم وهو ما يحدث في عدد كبير من دول العالم التي تملك 25-30% فقط من مواطنيها يتحمسون للمشاركة بالعمليات السياسية.
بالابتعاد قليلا عن الملف الداخلي والخروج إلى الدائرة الأفريقية.. كيف ترى مستقبل سد النهضة الإثيوبي؟
يجب التأكيد أولا أنه الأهم في تلك القضية الآن عقد اتفاق مُلزم بعدم المساس بحصة مصر من المياه، لأنها أزمة حياة أو موت بالنسبة لنا، مصر ليست ضد مشروع التنمية ولا ضد توليد الطاقة الكهربائية لإثيوبيا لكن بما لا يلحق الضرر بمصر، لكن على إثيوبيا أن تثبت حسن نيتها من خلال الإسراع في الاستجابة لمطالب المكتب الدولي لإصدار التقرير النهائي بشأن أضرار ومزايا السد، وفي حال كانت الفوائد تتخطى الأضرار فلن تعترض مصر على ذلك.
الأهم في كل ذلك أن تلتزم إثيوبيا رسميا بعدم المساس بحصة مصر من مياه النيل باعتبارها مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر ولا تهاون فيها، وفي تلك الحالة فلا مشكلة لدى مصر في مشاريع التنمية الإثيوبية حتى إنها على استعداد للمشاركة معها في تلك المشروعات.
من وجهة نظرك.. التغييرات التي شهدتها الحكومة الإثيوبية مؤخرًا إلى أي مدى من الممكن أن تؤثر على قضية السد الإثيوبي بالسلب أو الإيجاب؟
نأمل أنه بتغيير الحكومة الإثيوبية وتولي أبيي أحمد منصب رئيس الوزراء، أن تتحسن حدة المباحثات بشأن السد، وأن توضع حلول جذرية لتلك الخلافات، خاصة أن رئيس الوزراء الجديد ينتمي لقبائل الأورومو التي تعتبر أحد أشد المعارضين للحكومة الإثيوبية السابقة وسياساتها بشكل عام.
لا نزال في المربع الأفريقي.. ماذا تتوقع لمستقبل الاستثمارات المصرية في السودان بعد دعوة الرئيس السوداني للمستثمرين المصريين للاستثمار في بلاده؟
مصر والسودان.. كلا الطرفين يحتاج للآخر وعلاقتنا بالسودان علاقة خاصة، نظرا لتاريخها الطويل، وكلما زادت العلاقات المشتركة والتبادل التجاري بين الجانبين، نستطيع في حال وجود حسن نية من التجار وتجنب الاحتكار التجاري، يمكننا تغطية احتياجاتنا من اللحوم بأسعار رخيصة على سبيل المثال وهو ما يحتاج إلى إستراتيجية ثابتة للعلاقات مع الدول.
كما أن علاقاتنا مع السودان في غاية الأهمية، ولا يجب تحت أي ظرف من الظروف السماح لدول أخرى منافستنا في السودان، خاصة أنهم لا يمتلكون قوى بشرية أو فنيين ولا خبراء وهو ما يجعلهم في حاجة للعون المصري.
هل ترى هناك مؤامرة "تركية- قطرية" ضد مصر من خلال الوجود في الساحل السوداني للبحر الأحمر؟
نحن ننظر إلى أمور كثيرة على أنها تآمر، دون أن نضع في حسباننا وجود ما يسمى بـ"التنافس"، ومن الطبيعي أن الدول تبحث عن الفراغات المتاحة إقليميا لتملأها من أجل تحقيق مستوى أعلى من الاستثمارات لتحسين مستوى التجارة والعمالة.
كيف ترى العلاقات بين مصر والدول الأفريقية؟.. وبرأيك كيف يمكن توطيد تلك العلاقات في السنوات المقبلة؟
من المهم جدا ربط التجارة بالمصالح، بحيث تقيم الدول علاقاتها السياسية على أساس حجم التبادل التجاري بينها بعضها البعض، خاصة أن الاقتصاد لا رؤية ولا دين له بل تحكمه المصالح فقط التي تدفع أطراف الاتفاقيات لإبرامها والمحافظة على قواعد تطبيقها.
لو اتجهنا غربًا.. إلى أي مدى تتأثر القاهرة بما يحدث في الأراضي الليبية؟
الأزمة الليبية جزء من أمننا القومي، فلا يمكن الحديث عن ليبيا دون الحديث عن مصر، ومن الضروري من أجل تحقيق ذلك أبعاد مشكلة مصر مع الإخوان بعيدا عن علاقاتها بالدول الأخرى التي تشهد وجودا لفصيل الإخوان في داخلها.
كما أن الموقف في ليبيا أكثر تعقيدا من غيرها من الدول العربية، حيث تشهد وجودا لقوات مؤيدة للرئيس الراحل معمر القذافي، وأطراف تابعة للإخوان، وأخرى تابعة لميليشيات القبائل، إضافة لتدخل القوى الإقليمية الذي يعد موقفا غير متوافق بين تلك الدول وبعضها البعض.
الانتصار عسكريا الذي يأمل له اللواء خليفة حفتر هو أمر صعب التحقق، لأن مساحات ليبيا الواسعة لا تسمح بذلك خاصة بسبب حدودها المفتوحة، ولذلك فإذا لم يتم التوافق مع القوى الإقليمية والدولية ومع الفصائل المختلفة الموجودة داخل ليبيا فستظل الأوضاع تزداد سوءا بمرور الوقت.
لا نزال في منطقة النزاعات.. كيف ترى الأزمة السورية؟
صعوبة الأوضاع في سوريا لها علاقة بالتدخل العسكري المباشر الحالي لأمريكا في داخلها إلى جانب الدخول التركي، وهنا يكون القرار 2254 للأمم المتحدة هو الحل الأمثل لإنهاء الحرب في سوريا وإعادة إعمار ما أصابها من خراب، لكن تغير الموقف الأمريكي بعد تغيير إدارة الرئيس السابق باراك أوباما أوقف تنفيذ القرار.
وفي حال اتفاق روسيا وأمريكا على تطبيق القرار دون المساس بوضع الرئيس السوري بشار الأسد إلا في حال إجراء الانتخابات وهو شأن داخلي لا يقرره إلا الشعب السوري.
ما رؤيتك لخطة الحل في اليمن وهل لمصر دور بها خلال الفترة المقبلة؟
الصراع في اليمن معقد للغاية وبه عدة اعتبارات تتضمن صراعات الجوار وصراعات المذاهب الدينية والقوى المتصارعة داخليا والقوى الإقليمية بالوكالة في داخلها، ولكن البوصلة تتجه نحو حل المشكلة وهو ما يتوقف على تجاوب المملكة العربية السعودية بالاتجاه نحو الحل السلمي.
كما يجب الأخذ في الاعتبار أن الطبيعة الجيو سياسية لليمن لا تسمح بوجود منتصر ومنهزم، وهو ما يجعل الاتفاق على اتباع حل واحد هو الطريق المتاح الأوحد.
كيف ترى أزمة قطر بعد نحو 10 أشهر من المقاطعة؟.. وهل هناك طرق لإنهاء الأزمة تلك؟
مشكلتنا مع قطر ليس لها حل كامل، حلها بالحوار والالتقاء في منطقة وسط يتم التركيز خلالها على التزام قطر بعدم إيواء عناصر تهاجم الدول الأخرى وألا تفتح أبوابها لمنصات إعلامية معادية لدول الجوار.
كما تسببت المقاطعة في دفع قطر دفعا صريحا نحو إيران بدلا من إبعادها عنها، وهو ما يخالف المصالح الخليجية، كما أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أن يصاب مجلس التعاون الخليجي بشلل وهو ما يضعف جبهة مواجهة إيران.
ما مدلول الانقلاب الأوروبي المفاجئ على روسيا؟.. وهل تتوقع أن تواجه موسكو عزلة اقتصادية وسياسية خلال الفترة المقبلة؟
الأمر أبعد من مشكلة الجاسوس المزدوج سيرجيو سكريبال، لكنه مجرد مناسبة لفرض المزيد من الضغط على روسيا بسبب مشكلة أوكرانيا والوجود الروسي بالأزمتين السورية واليمنية وهي جميعها قضايا تشغل أوروبا وتدفعها لشن حرب باردة مع روسيا ويظل الأمر في النهاية مجرد صراع قوى.
ماذا تتوقع مصير الاتفاق النووي الإيراني؟
حتى لو انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق فلن يتم إلغاؤه باعتبارها مجرد طرف واحد من بين 6 دول أخرى وقعت الاتفاق مع إيران، هذا الاتفاق ليس اتفاقا بين إيران وأمريكا بل هو اتفاق بين إيران وكبار القوى الدولية التي لن تنسحب من الاتفاق بل ربما تكتفي بإقناع إيران بمزيد من التنازلات والتساهل في عملها النووي.
أخيرًا.. ما الملفات التي تتوقف بحثها خلال القمة العربية المنتظر عقدها خلال أيام؟
هناك تحدٍ يواجه القمة العربية المقبلة، وهو متعلق بالأجواء العربية الملبدة بالغيوم التي تحجب أي رؤية لاتخاذ قرارات فاعلة، فإذا لم تتم تنقية الأجواء العربية ستنعكس هذه الغيوم عمليًا على تنفيذ أي قرارات يتم اتخاذها مما يحولها لقمة شأنها شأن جميع القمم الأخرى مجرد قرارات مكتوبة على الورق.