رئيس التحرير
عصام كامل

6 ملفات إقليمية على مكتب الرئيس.. جولة جديدة مع إثيوبيا بعد رحيل ديسالين.. وصدام وشيك بين القاهرة وأنقرة في الأزمة السورية بعد بيان الخارجية.. ومناورة دبلوماسية في اليمن لإنهاء أعوام الدم

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

من المؤكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، يدرك جيدًا أن الأوضاع التي تعيشها المنطقة، ومصر في المنتصف منها، تضع على مكتبه ملفات أقل ما يمكن وصفها بـ”الحرجة” الواجب التدخل فيها بقوة خلال ولاية حكمه الثانية بهدف إنجازها أو على الأقل تسليمها لخلفه واضحة النقاط لاستكمال ما تبقى منها.


على الصعيد الداخلى من المؤكد أن الخطوات معلومة للرئيس سواء فيما يتعلق بالحرب التي تخوضها المؤسسة الأمنية ضد الإرهاب، والمشروعات القومية التي شرع في تدشينها منذ بداية ولايته الأولى بهدف دفع عجلة الاقتصاد لتحسين مستوى معيشة المصريين.

في المقابل تظل الملفات الخارجية الإشكالية الكبرى على مكتب السيسي، نظرًا لما تحمله من تداعيات على مستقبل الأمة العربية والأمن القومى المصري، ولا تمتلك القاهرة منفردة المقدرة على حسمها بين ليلة وضحاها، نظرًا لتدخلات دول إقليمية وقوى دولية تعرقل مساعى مصر الرسمية الرامية إلى وضع نهايات سعيدة تلملم أشلاء أمة تبعثر جسدها على طاولة تشريح دولية يقف على رأسها رجال مخابرات وقيادات إرهاب.

الجيش الليبي
ليبيا وتوحيد مؤسستها العسكرية.. أبرز الملفات التي تمثل صداعا في رأس القاهرة، ورغم التقدم الملحوظ في هذا الملف خلال الأشهر الأخيرة من الولاية الأولى للرئيس السيسي، بصدور إعلان القاهرة بشأن توحيد الجيش الليبى كخطوة تمهد الأرض لرفع حظر التسليح المفروض عليه، لكن قبل أن يجف حبر نص البيان الذي صدر عقب اجتماعات مكثفة وجهود مضنية قامت بها الأجهزة المصرية، بدأ زعماء الفوضى في ليبيا بمهاجمة الدور المصري، وصدرت جماعة الإخوان التي تسيطر على حكم طرابلس من خلف الستار مرشدها «الصادق الغرياني» الذي يتلقى تعليمات من قصر تميم في الدوحة ليشوه هذا الدور بصياغة مفردات حرب تحريض تهدف لبقاء الوضع على ما هو عليه.

القاهرة التي تعمل في هذا الملف بروح الدولة الوطنية، تهدف بشكل واضح ودون مواربة إلى إحياء جيش متفكك وتوحيده تحت قيادة واحدة بعيدة عن سيطرة الميليشيات وأمراء الحرب، بهدف خلق ظهير عسكري لرئيس من المتوقع أن تفرزه انتخابات محلية طبقا لخطة المبعوث الأممى غسان سلامة، ووضعت على رأس اعتباراتها لحل الأزمة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لتنفيذ اتفاق الصخيرات.

وعلى صعيد الأمن القومى المصري، فإنه في حال نجاح القاهرة في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، سوف ترفع عن كاهلها معاناة مكافحة الإرهاب العابر للحدود عبر الصحراء الغربية، بعدما أكدت التقارير الاستخباراتية تدفق عناصر تنظيمى “داعش” و”القاعدة” على المدن الليبية عبر البوابات الحدودية على أمل إعادة موضوع هذه التنظيمات وإعادة ترتيب وتنظيم صفوفها من جديد.

ومع دخول القاهرة ضمن أعضاء النادي النووى من خلال محطة الضبعة المزمع البدء في تدشينها، خلال منتصف الولاية الثانية من حكم السيسي بات الملف الليبى مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر واستقرارها المستقبلى لتحصين ظهرها من طعنات غدر قطرية أو تركية وربما غربية ترى في ليبيا “مزرعة إرهابية” مفتوحة الأبواب.

أزمة سد النهضة
منذ أربع سنوات، وتحديدًا مع أولى خطواته داخل قصر الاتحادية وجد السيسي على مكتبه ملف فضيحة تسريب الهواء الشهير حول قصف إثيوبيا الذي دار بين الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من القيادات السياسية آنذاك، الأمر الذي جعل “سد النهضة” ضمن الملفات الحرجة على مكتب الرئاسة، وعمل السيسي على حلحلة الأزمة باستخدام الأدوات الدبلوماسية المتاحة بعيدًا عن التصريحات العنترية– الضربة العسكرية- التي تصطدم بمجتمع دولى لن يقف مكتوف الأيدى أمام اعتداء دولة على الأخرى.

جهود القاهرة الدبلوماسية للوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف، قدر لها العرقلة بسبب المتغير السياسي الحادث في إثيوبيا واستقالة رئيس الوزراء السابق هالى مريام ديسالين من منصبه حاملًا معه بنود التفاوض التي مثلت أرضية مشتركة بين العواصم الثلاثة “القاهرة والخرطوم وأديس أبابا”، ليخلفه في المنصب “أبى أحمد” رجل المخابرات وجنرال الحرب، الأمر الذي يعنى احتمالية خوض مصر الرسمية معركة دبلوماسية مضنية جديدة مع رئيس وزراء لا يعلم أحد مدى مرونته في هذا الملف حتى الآن.

مقاطعة قطر
رجل مصر الأول الذي بات على وعد مع الأزمات، دخل منذ شهر رمضان الفائت في محور عربى مقاطع للدولة القطرية، صحيح أنه كان من أوائل المحذرين لمدى خطورة دعم أميرها تميم بن حمد للإرهاب الإقليمي، وعندما استفاقت دول المنطقة الثلاثة الأخرى “السعودية والإمارات والبحرين” لخطورة دور الدوحة، اصطف إلى جوارهم في الدفاع عن مقدرات الأمة العربية.

العام الأخير من ولاية السيسي الأولى سيطرت عليه أزمة المقاطعة مع قطر، ليبدأ ولايته الثانية حاملًا هذا الملف من الماضى.

حرب اليمن
يعتقد البعض بصورة خاطئة أن القاهرة رسميًا مكتفية بمشاهدة الرياض غارقة في دوامة حرب اليمن، لكن المتابع الجيد للملف والقريب من مصادره يدرك جيدًا الجهود المصرية التي انطلقت خلال الأشهر الماضية بهدف خلق حل سياسي ينهى أعوام الدم.

وحمل الرئيس هذا الملف داخل حقيبته أثناء زيارته سلطنة عمان في نهاية ولايته الأولى، وظهرت هذه المؤشرات على التوافق مع زيارة ولى العهد الأمير محمد بن سلمان إلى مصر، وعكستها تصريحاته حول ضرورة الوصول إلى عملية سياسية تنهى معركة الصواريخ المتبادلة مع أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس خلال اجتماعه معه على هامش زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

سوريا وتركيا
أما الملف الذي كان يطلع السيسي على تطوراته بشكل يومى قبل وصوله إلى منصب رئيس الجمهورية منذ توليه حقيبة وزارة الدفاع هو “الأزمة السورية”، لما تحمله من مخاطر وتداعيات على الأمن القومى المصرى والعربى بعدما تحولت الدولة هناك إلى غابة جيوش دولية واستباح الجميع ترابها.

وعقد الرئيس عزمه في هذا الملف تحديدًا على الوقوف بثبات إلى جانب الدولة الوطنية السورية بعيدا عن اسم الرئيس سواء بشار الأسد أو غيره يرتضيه ويختاره شعبه، وحذر في أول كلمة له بالأمم المتحدة من خطورة تقسيم سوريا وطالب بضرورة صيانة وسلامة أراضيها.

القضية الفلسطينية
فوق كل هذه الملفات يعلو ملف القضية الفلسطينية التي تتصارع عليه دول إقليمية أخرى سببت تعقيده خلال الأعوام الماضية، وتهدف لسحبه من القاهرة في إنكار واضح لدورها التاريخى بالقضية، ليدخل الرئيس ولايته الثانية محملا بهم محاولة إحياء المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية، لتفويت الفرصة على عدو متربص يتحين الفرصة للفتك بالقضية.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية