رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي والأحزاب


نعم، كلنا يعلم أن السيسي واجه حربًا شرسة، فالإخوان اعتبروه عدوهم الأكبر، ألم يكن هو السيف الأكبر الذي أطاح بأحلامهم وأمانيهم، كما أن الأمريكان خصصوا أجهزة متخصصة لشن حرب إعلامية ضده، وقد تحركت هذه الأجهزة من خلال جمعيات مدنية، وقنوات فضائية، وشخصيات سياسية تربت على موائد أمريكا ونمى جسدها من الهمبرجر، ولكن "الشيف" الأمريكي لم ينجح بطبخته الفاسدة في إفساد صلابة الجسد المصري الصحيح، كما لم يستطع التأثير على حدة "السيف" المصري المسمى عبد الفتاح السيسي.


ثم كانت هذه هي الانتخابات، وتلك هي نتيجتها، وبها دخلنا إلى عصر الحداثة، ورغم الإلحاح الشديد على الرئيس السيسي أن يصنع حزبا يكون هو بمثابة الحزب الحاكم إلا أنه رفض، وكان على حق عندما رفض ذلك، فذكريات الحزب الواحد والأحزاب الديكورية مؤلمة ونتيجتها كانت فسادا وإفسادا، ولك أن تعتبر أن الحزبية الحقيقية بدأت من عهد السيسي، ولكي تكون التجربة ناجحة يجب أن نخلصها من سدنة الرئيس وكهنته الباحثين عن كل حاكم والممجدين لكل رئيس، أولئك يصنعون قانونا خاصا بهم يتحول تدريجيا إلى قانون يحكم مفاهيم العمل السياسي...

ومن هذه المفاهيم ما كانت عليه الأحزاب السياسية في عهد مبارك، إذ كانت أحزابا لا تسعى للحكم ولا تفكر فيه وليس مطروحا على خريطتها تداول السلطة، ولكن أحزاب جمهورية السيسي وإن كانت وليدة إلا أنها أخذت تشق طريقها رغم الصعوبات، ولكننا نريد منه في فترة رئاسته الثانية أن يقدم دعما للأحزاب السياسية الوطنية، ليس دعما ماليا إذ إن الأحزاب لا تريد إلا الدعم الحركي والإعلامي..

وفي ذات الوقت يجب أن نفرق بين الحزب السياسي الوطني والأحزاب الدينية وهي أحزاب ينبغي أن تنتهي بلا عودة، وقد يكون حزب النور قد قدم عربونا سياسيا طيبا في فترة الولاية الأولى للرئيس، ولكن يجب أن يكون مفهوما أن حزب النور هو الذراع السياسية للتجمعات السلفية ويعتبر أكبر "مخزن" يقوم بتوريد الأفراد لجماعات التطرف والإرهاب، وإذا كانت حكومة المملكة العربية السعودية تسير في خطوات ثابتة نحو القضاء على الفكر السلفي الوهابي المتطرف في مملكتهم، فالأولى ونحن أصحاب الولاية الفكرية والدينية على العالم العربي كله ألا نمسك العصا من المنتصف ونحن نواجه التطرف ومراكزه وتجمعاته السلفية.
الجريدة الرسمية