رئيس التحرير
عصام كامل

عماد أديب ونظرية «الصنبور والماء»!


بعيدًا عن كتاب إيان جونسون الشهير "مسجد في ميونيخ" أو كتاب "إم آي 6": مغامرة داخل العالم السري لجهاز المخابرات البريطانية"، أو كتاب "المتآمرون.. التسلل الهرمي" لوكيل جهاز "إم آي 6" نفسه جون كولمان، أو كتاب "العلاقات السرية التحالف البريطاني مع الإسلام السلفي، للكاتب الصحفي البريطاني مارك كيتس، أو غيرها من عشرات الكتب التي تثبت باليقين علاقة جماعة "الإخوان" بكل أجهزة مخابرات العالم..


خاصة أن سنوات حجب الوثائق في عدد من الدول سمحت بتداول معلومات خطيرة في هذا الموضوع وكلها الآن بالأسماء والتواريخ والأحداث حتى استخدمت الجماعة، إما لخلخلة تركيب البنيان المصري فترة من الفترات، أو إلى إسقاط الدولة المصرية كما في حالة الخمسينيات والستينيات، إلى لعب دور مع الغرب ضد الكتلة الشرقية في السبعينيات والثمانينيات..

وهو الدور الحقيقي للإفراج عنهم في مصر وليس فقط لمواجهة الناصريين في الشارع السياسي وتجلى ذلك فيما بعد في حرب أفغانستان.. نقول بعيدًا عن كل ذلك إلى التعاون الأخير الذي أشرف عليه الدكتور سعد الدين إبراهيم في بداية الألفينيات، فلسنا في حاجة إلى إثبات أهمية الجماعة عند الغرب، أمريكا وبريطانيا تحديدًا..

فالرصيد السابق هائل وحجم الخدمات أكبر من تخيله لكن أيضًا يظل المستقبل هو الأساس في تحديد المواقف.. فما الذي يدفع أمريكا بالبحث عن أي مخرج لضمان بقاء الإخوان على قيد الحياة وفي دائرة الفعل السياسي؟! هل هو الاستعداد لعودة العالم إلى حرب باردة جديدة بين كتلتين بتحالف قوى عظمي في كل منهما؟ أم دور ما في الصراع السني الشيعي الذي تخطط له الصهيونية العالمية لتدمير المنطقة نهائيًا؟ أم هدف صغير وبسيط من "تديين الصراع" أملا في إعلان يهودية الدولة الإسرائيلية أم شيء غير ذلك كله أم ذلك كله؟!

في المقابل نجد الخسائر كبيرة فمصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن في صراع مع الجماعة المذكورة وبالتالي وضع شرط العفو عن قياداتها وعودتها للعمل بأي شروط يبدو صعبا لتقبله، فكان الحل في إلقاء الكرة في ملعب المواطنين.. والفكرة وجيهة وطيبة وبسيطة.. متعاطفون نريد إنقاذهم! وهؤلاء لم يحملوا السلاح! ولم تلوث أياديهم بالدماء! وهم تأثروا بالدعاية الإخوانية! ولا نعرف السبيل للوصول إلى "المتعاطفين"!

هل سنفتح باب تسجيل أسماء المتعاطفين؟! وكل من يرى في نفسه متعاطفًا يذهب لتسجيل اسمه؟! أم أن أمر وضع مشروع لمحاربة الأفكار المتطرفة مطلب شعبي أساسي منذ سنوات لمواجهة كل الأفكار المتطرفة وعلى رأسها أفكار الإخوان والسلفيين وغيرهم، وللشعب المصري كله وليس لحاجة هلامية اسمها "المتعاطف"؟

ومن أجل ذلك تشكل مجلس مكافحة الإرهاب وغيره من الخطط في وزارات الشباب والأوقاف والثقافة رغم اعترافنا أنها ليست كافية! لكن الفكرة قائمة تحتاج للضغط لضبطها أو توجيهها أو تعديلها.. أما أن نجد أنفسنا أمام إعلامي وكاتب كبير بحجم عماد الدين أديب ليقول لنا نصا: "إنه لا حوار مع من يحمل السلاح" و"لا ندعو إلى مصالحة مع القتلة"..

فلا بد أن نسأل على الفور: بجد والنبي؟! طيب إيه الإضافة العظيمة دي؟ طيب وجاي على نفسك ليه يا أستاذ عماد؟! هذا الأمر يذكرنا بالقصة القديمة عندما استيقظ أحد الآباء على صوت ابنه المتعثر دراسيًا وهو يحفظ درسًا في مادة العلوم ويردد بصوت عال وبانتظام "ونفتح الصنبور وينزل الماء.. ونفتح الصنبور وينزل الماء.. ونفتح الصنبور وينزل الماء"، فما كان من والده أن تسلل لغرفته وصفعه قائلا: "تركت كل الدرس وبتحفظ نفتح الصنبور وينزل الماء؟ يعني ممكن تفتح الصنبور وهتنزل حاجة تانية غير الماء يا فاشل يا...؟"!
وهكذا ظل الأستاذ عماد يردد.. "لا صلح مع من حمل السلاح.. ولا حوار مع القتلة"! ولا حول ولا قوة إلا بالله!
الجريدة الرسمية