رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا فعل إعلام الشر بالعقل العربي؟!


عندما انطلقت شرارة الربيع العربي المزعوم كانت الولايات المتحدة الأمريكية الشيطان الأكبر في العالم وحليفتها الصهيونية قد جهزوا ومهدوا الأرض العربية لتستقبل ذلك الربيع المزعوم، وكانت إحدى أهم أدواتهم المستخدمة في عملية التجهيز والتمهيد هي وسائل الإعلام التي أصبحت في العقدين الأخيرين الأداة الرئيسية في تشكيل الوعى العربي، حيث تراجعت وسائل وأدوات تشكيل الوعى التقليدية المتمثلة في الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة والأحزاب السياسية والنقابات المهنية عن أداء مهامها في مد المواطن العربي بالمعارف والمعلومات التي تشكل الركيزة الأساسية لعملية تشكيل الوعى، وهنا انفردت وسائل الإعلام للقيام بهذه المهمة في محاولة للسيطرة والهيمنة على العقل الجمعى العربي.


ونجح العدو الأمريكى –الصهيونى في خطوته الأولى، حيث تمكن المال الصهيونى من التغلغل داخل المؤسسات الإعلامية الكبرى في العالم عامة والعالم العربي على وجه الخصوص، ففي مرحلة سيطرة القنوات الفضائية على العقل الجمعى العربي، ظهرت بعض القنوات العربية شكلا والعبرية مضمونًا مثل الجزيرة القطرية التي أصبحت في غضون سنوات قليلة المصدر الأول لتلقى الأخبار والمعلومات لدى العقل الجمعى العربي، واستطاع هذا الإعلام أن يفرض الأجندة التي يريدها الممول سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن هنا أصبح العقل الجمعى العربي أسيرًا لدى هذا الإعلام الذي يقدم له الأخبار والمعلومات وبشكل مبهر وجذاب على مدى الساعة، وهنا هجر المواطن العربي الإعلام الوطنى الذي يفتقد كل مقومات المنافسة.

وقبل انطلاق موجة الربيع العربي المزعوم بسنوات قليلة كان العدو الأمريكى –الصهيونى قد تمكن من اختراع أدوات إعلامية جديدة تمثلت في مواقع التواصل الاجتماعى التي تم إنشاؤها عبر شبكة الإنترنت والتي حولت العالم إلى قرية صغيرة يتم تداول الأخبار والمعلومات من خلالها، وانتقلت هذه المواقع إلى مجتمعاتنا العربية وأصبحت أكثر فاعلية من القنوات الفضائية، وقد قام العدو الأمريكى – الصهيونى في تجربتها أثناء الانتخابات الأمريكية التي صعد أوباما من خلالها لكرسي الرئاسة والإقامة بالبيت الأبيض..

وعندما أثبتت جدواها كسلاح جديد تم نقله إلى العالم العربي وتجربته خلال موجة الربيع العربي المزعوم ونجح بامتياز في السيطرة والهيمنة على العقل الجمعى العربي، الذي أصبح اليوم يستمد معارفه ومعلوماته سواء داخل وطنه أو حول العالم من خلال هذه المواقع المتوفرة تحت يديه طوال الوقت.

لذلك عندما انطلقت موجة الربيع العربي المزعوم حاولنا أن ننبه من خطورة ما تفعله وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الجديدة في تزييف وعى العقل الجمعى العربي بحقيقة ما يحدث داخل مجتمعاتنا العربية، واعتبرنا هذه الوسائل الإعلامية سلاح جديد يستخدمه العدو في إطار الجيل الرابع للحروب، لذلك اطلاقنا مصطلح "الجنرال إعلام" لتجسيد الدور الذي يقوم به في هذه المؤامرة على أمتنا العربية، والتي تستهدف تقسيمها وتفتيتها في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد، لكن هيهات أن ينتبه العقل الجمعى العربي لما ننبه منه فقد أصبح أسير لهذا الجنرال الذي يسيطر ويهيمن على عقله طوال الوقت.

واستطاع إعلام الشر (الأمريكى –الصهيونى) من إيهام العقل الجمعى العربي أن هناك ثورة في ليبيا انتهت بغزو قوات الناتو واحتلال ليبيا العربية وتدميرها ونهب ثرواتها، وتحت مزاعم الثورة قامت الجماعات التكفيرية الإرهابية المدعومة أمريكيا وصهيونيا بشن حرب كونية على سورية العربية في محاولة لتقسيمها وتفتيتها، ومازال إعلام الشر يحاول إيهامنا أن ما يحدث من عدوان على اليمن العربية هي حرب من أجل الدفاع عن الشرعية، وللأسف الشديد فإن العقل الجمعي العربي الأسير ما زال يصدق هذا الكذب والتزييف ومازال غارقًا في الوهم.

ومن بين ما زرعه إعلام الشر (الأمريكى الصهيونى) في العقل الجمعى العربي هو التناقض والازدواجية في الحكم على الأحداث، فالكثير من المواطنين المصريين مازالوا يروجون لما يسمعونه من إعلام الشر بأن ما يحدث في سوريا هي ثورة وليست حربًا تخوضها الدولة السورية ضد الجماعات التكفيرية الإرهابية، على الرغم من أن هؤلاء أنفسهم من يصرخ طوال الوقت، ويؤكد أن ما يحدث في سيناء هي حرب تخوضها الدولة المصرية ضد الجماعات التكفيرية الإرهابية، وما يقوم به الجيش المصري البطل هو حقه في الدفاع عن التراب الوطنى.

نفس الأمر يفعله الكثير من المواطنين السوريين، وللأسف منهم مثقفون ينتمون للنخبة لكنهم مازالوا يسيرون خلف إعلام الشر ويستمدون معلوماتهم عن مصر عبر قنوات الشر التي تبث من قطر وتركيا، وتعمل على زعزعة الأمن والاستقرار بالداخل المصرى، متغافلين عن أن نفس الإعلام هو الذي يزيف حقيقة ما يحدث بسوريا ويحاول تشويه صورة الجيش العربي السورى البطل ويصف معركته مع الإرهابيين على أنها إبادة للمواطنين المدنيين الأبرياء.

لقد قام إعلام الشر بتزييف العقل الجمعى العربي الذي أصبح أسيرًا لما يبث إليه من معلومات مغلوطة طوال الوقت، ومازال يقوم بنفس الفعل في الوقت الذي يحاول الإعلام الوطنى داخل مجتمعاتنا من نشر الحقائق، لكنه للأسف لا يمتلك نفس الإمكانات سواء المادية أو التقنية، لذلك أصبحت مهمة تنوير العقل الجمعى العربي ليست مهمة حكومات فقط بل هي مهمة كل مواطن عربي شريف، عليه أن يتحرى الدقة في كل معلومة أو خبر يتلقاه عبر هذه الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي يسيطر عليها العدو الأمريكى – الصهيوني.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية