رئيس التحرير
عصام كامل

رحيل أحمد خالد توفيق.. انتهى كل شيء

أحمد خالد توفيق
أحمد خالد توفيق

«فلتنم، فلتنم، في الصباح سيمر اليوم سريعا، وتخلد للنوم من جديد، ستفعل هذا وتواظب عليه 365 مرة كل عام، ولمدة عشرين عاما أخرى.. ثم ينتهي كل شيء»... نعم انتهى كل شيء بالنسبة لكاتب هذه السطور، الروائي الكبير أحمد خالد توفيق.


55 عاما قضاها «الطبيب» في عالمنا، لا أكثر، عاش خلالها دون أن ينتظر انقضاء فترات، إنما عاش يستمتع بكل فترة، كأنها الصورة النهائية لحياته.. «الشهرة» التي حازها صاحب «ممر الفئران»، لم تصف له، إنما كان يخشاها دائما.

«توفيق» يعلم أن القارئ يصنع صنم الكاتب من «عجوة»، يهدمه مع أول صدمة، يشعر معهم بضغط الزحام، لكنه لا يستطيع العيش بدونهم.

يكره «توفيق» المريض والصديق الذي لا يخبره إلا بأخبار سيئة، ومعنى الصديق عند صاحب «يوتوبيا» هو الذي يجده جديرا أن يأتمنه على جزء من كرامته.

«العراب» هكذا وصف القراء «توفيق».. لكننا يمكن أن نسميه بـ«العراف»، فالرجل كثيرا ما أغراه «التاريخ البديل»، غازل القارئ بـ«أدب الخيال العلمي»، الذي يتنبأ بالمستقبل، لكنه يقول «الواقع العربي يوحي بمستقبل مكفهر وأنا بطبعي متشائم، لذا أكتب أسوأ الاحتمالات القادمة».

كتابات «توفيق»، لا تخلو من سؤال حول «ماذا لو؟!»، يعشق هو البدائل، يبحث عن المخالف.. متشائم إلى أبعد حد، متخوفا إلى درجة اللانهاية.. تخلى عن خوفه نصف عام فقط بعد ثورة يناير، وبدى خلالها متفائل لكنه تراجع: «تفاؤل عبيط».

رحل «العراب».. ولا نعلم هل حقق أمنتيه ورأى حاكما عربيا مهموما بشعبه.. صريحا كان هو أكثر من اللازم، وكان يرى ذلك عيبا فيه.. لكننا نقول «يرعبهم يا صديقي أنك مختلف.. كونك لا تشبه تكرارهم».

شغل صاحب «زغازيغ» الدنيا بأساطيره التي ملأت فراغ «جيل» بأكمله، الحكايات وضعته في صف «المشاهير»، جمعت حوله «الدراويش».. لكنه اعترف «أخاف نفسي.. أخاف من خيالي وما ينسجه لي من صور».
الجريدة الرسمية