عبد الرحمن بدوى.. الوجودى المؤمن 5
في سنوات عمره الأخيرة تولدت لدى الدكتور عبد الرحمن بدوى «عقدة» ضد كل من يتحدث عن الإسلام في الغرب، وعندما سأله الدكتور سعيد اللاوندى عن سبب ذلك، أجاب: «لأن الغرب فيما يتعلق بالإسلام يكيل، ليس بمكيالين فقط، ولكن بعشرة أو ربما بمائة مكيال، فهو أكثر عنصرية ووحشية مع الإسلام، مما يمكن أن يتصور..
وإذا أردت الدليل فاذهب إلى المكتبات التي تحيط بنا، لتجد عشرات الكتب التي تنفث سمًّا ضد الإسلام، وتساءل الدكتور بدوي قائلا: أين نحن من كل هذا؟..
ثم أجاب عن تساؤله بلهجة لبنانية ساخرة: نحن لا «هون»، ولا «هون».
وأذكر، والكلام للاوندى، أن الدكتور بدوي، بعد أن ناقشته طويلا في قناعته الخاصة بعلاقة الغرب بالإسلام، أخذني من يدي وصعد بي إلى الطابق العلوي في إحدى المكتبات بالحيّ اللاتيني في باريس، وبعد أن بحث قليلا بين رفوف الكتب انتزع كتابا ووضعه أمام عيني، وهو يقول في غضب: انظر، هذه هي عينات الكتب التي يحرص الغربيون على إبرازها وترجمتها!..
فدققت النظر في الكتاب، فإذا هو عبارة عن مجموعة من المقالات لنفر من الكُتّاب العلمانيين، أمثال فرج فودة وسعيد عشماوي وفؤاد زكريا، جمعها وترجمها من العربية إلى الفرنسية المستشرق الفرنسي المعروف جيل كييل.
كانت هذه إطلالة سريعة على مسيرة الوجودى المؤمن عبد الرحمن بدوى، الذى أثرى المكتبات والعقول العربية والغربية بمؤلفاته وكتاباته التى سوف تبقى شاهدة على قيمته وقامته، التى لا يجحدها سوى من يكرهون الإسلام بالسليقة..
من كتابى "ضد الإسلام".. الطبعة الثانية.