مصر بين دولة السيسي ودولة الجماعة 44
لقد ظهر كم خواء المُعارضين وعدم اهتمامهم في أغلبهم إلا بمصالحهم الشخصية. ولا أعرف لِمَ يُطلق عليهم مُعارضين أساساً، حيث أغلب خطواتهم مُرتعشة، وهذا يعود لكونهم يبحثون عن دور تحت الأضواء، وليس لديهم أدنى رؤية لمصر مهما عقدوا من مؤتمرات لذر الرماد في العيون.
فسواءً تكلمنا عن تلك الجبهة النائمة التي يطلقون عليها "جبهة الإنقاذ" وأُراها "جبهة التوهان"، وقد أطلقت عليها في مقال سابق "جبهة إنقاذ الإخوان" وهكذا يراها الكثير ممن يكتبون اليوم من غير العابدين والمُشخصنين للأمور، أو من يدَعون المُعارضة من أحزاب أخرى لا نرى لها وزناً حقيقياً لدي المصريين، فنحن نتكلم عن شارع سبق كل هؤلاء.
وليس ما يقومون به بسياسة وفقاً للتوصيف العملي، ولكنه بحث عن فرصة بالسلطة.
فهؤلاء يتصفون بالتردد الذي يصل إلى حد التواطؤ. وأقول هذا لأن الإخوان يهاجمون تلك الجبهة، بينما الجبهة لا تُهاجم الإخوان حقيقةً. ولا أرى غير الفريق شفيق مُهاجماً للجماعة صراحةً. والجيش يهب ضدهم كلما عبروا الخطوط.
فهجوم الجماعة على الجبهة يُعبر عن لعبة توزيع للأدوار، حيث يُهاجم الإخوان من يُمكن أن يكون البديل "الآمن" لهم بحيث يكون خروجهم من السلطة لقاء ما فعلوه من اعتداءات على المصريين وانتهاك آدميتهم، "خروجاً آمناً".
فلا يُمكن لأحد أن يتصور أن تطلب الجبهة محاورة الرئاسة ولو بشروط، بعد أحداث الاتحادية أو ما حدث منذ 24 يناير 2013 سواءً في بورسعيد أو المنصورة أو طنطا أو غيرهم من مُحافظات، سواءً كان قتلا او اعتداء على المصريين من قبل ميليشيات الجماعة بينما مرسي صامت.
وفي النهاية توصف الجبهة بأنها مُعارضة؟!!
إلا أن هذا الأمر قد انكشف للغاية وانتهت تلك الجبهة ومن فيها وليس لها وزن لدي عموم المصريين، حتى لو حاولت الولايات المتحدة إذكاء قوة أي شخص فيها مثلما تفعل مع البرادعي. وقد ظهر تلونهم بأكثر مما يُحتمل حتى أن حمدين مثلا وبعد أن أيد بشار الأسد علناً، قال في مؤتمر طُلابي إنه لم يفعل، فما كان من الطُلاب إلا أن قالوا له بأعلى صوت إنه "كاذب"!!
أما عبد المنعم أبو الفتوح الإخواني، فقد أيد الإخوان في المواقف المفصلية مثل الجمعية التأسيسية التي صاغت الدستور المعيب والذي سيسقط آجلاً أو عاجلاً وفقاً لأحكام القضاء. كما أنكر أبو الفتوح ما ثبت من فتح حماس للسجون ويُدافع عن زميله الإخواني منتهك القانون مرسي العياط كلما تراءى له، ليُثبت بالفعل ما سبق وأن قاله من أن مثله الأعلى هو الأب الروحي لإرهابيِ العالم: سيد قطب!!
وفي وقفة لدي دار القضاء العالي، طرد الشباب الوطني حركة 6 أبريل الإخوانية، لتلوناتها المُستمرة .وقد سبق أن حدثت بداخلها انشقاقات نتيجة لما كان منها من منع القيادات فيها للأعضاء من نقد الرئاسة، إلى جانب الكثير الذي قامت به تأييداً للإخوان ومنه طلبها نقل السلطة إلى رئيس مجلس الشعب بعد الانتخابات البرلمانية وكان الإخوان الأكثرية فيه!!
لقد انكشف الجميع وسقطت الأقنعة وسيزيد هذا في الفترة القادمة، ولذا فان إيجابية ما حدث يُعرفنا بأن مصر في حاجة الآن إلى مُعارضة وطنية حقة تعمل من أجل مصر وليس لمصالح أفرادها، وستحتاج أيضاً إلى نُخبة جديدة، تعرف المصريين وتاريخهم ولا تؤيد أي عابر سبيل يرتجي السلطة ولا تُغير رؤيتها من المدنية إلى الإخوانية في لمح البصر في إطار من العُهر الفكري!!
ولن تسقط مصر!!
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولا دولة مدنية.