المشاركة في الانتخابات.. حق دستوري أم واجب وطني؟
غدًا صباحًا يبدأ الاستحقاق الدستورى للانتخابات الرئاسية، وهو حق دستورى نص عليه الدستور المصرى لكل مواطن.. وفى الحقيقة هذا الحدث هو الأبرز على الساعة الوطنية ويأخذ الاهتمام الإقليمي والدولي لأهمية مصر على الصعيد الجغرافى والتاريخى فهي تمتلك الموقع المتوسط والاستراتيجي وسط العالم، ويشهد على ذلك التاريخ الذي يحمل في جوهره المقومات البشرية والطبيعية لمصر ويسطر الحضارة والثقافة والقيم والعادات والتقاليد والفن والتحضر..
لذا أي حدث في مصر يأخذ اهتمام العالم، وعندما يكون الحدث الانتخابات الرئاسية يكون الاهتمام عظيم ودقيق بصورة تحليلية وسياسية وحضارية وثقافية يعكس ثقافة الشعب المصرى، بل يعكس ثقافة وعي الناخبين وهذه علامة من علامات تحضر أي شعب وهذه حقيقة قد رأيناها بقوة في الاستحقاقات الدستورية السابقة الانتخابية، وأمام هذه الحقيقة يجب علينا جميعًا النزول والمشاركة، وخيار المشاركة يجب أن يكون هو الأقوى وله الصدارة؛ لأن الانتخاب مثلما هو حق دستوري فهو واجب وطني، لا يجوز التخلي عنه أو المماطلة في أدائه..
والشعب المصرى في السنوات الماضية القريبة نزل واحتشد أمام الصناديق في كل الاستحقاقات الدستورية الانتخابية السابقة، وهذا الوعى سوف يظهر الأيام الثلاثة القادمة؛ لأن نزول المصريين والاحتشاد أمام الصناديق رسالة إلى العالم على استقلال القرار الوطنى، قرار الشعب، قرار انتخاب مصر التي وجدت لها مكانًا مهمًا على الخريطة الدولية والإقليمية بصورة مشرفة، ولم تعد علاقة مصر ببعض الدول علاقة تبعية بل علاقة ندية ومتوزانة بصورة مشرفة.
وفى الواقع نزول الشعب المصرى للانتخاب هو اختيار استقلال القرار الوطنى الشعبى، ولذا فالمشاركة والتصويت حق دستورى للمواطن وواجب عليه للحفاظ على أرضه فالاختيار هنا لمصر أمام الدول التي تريد تفتيت لُحمتها الوطنية أمام دول تتآمر على تراب هذا الوطن.
فالمشاركة الانتخابية تحمل في طياتها الكرامة لمصر العامرة والقوية بشعبها، بل في المشاركة رسالة مضمونها إرادة شعب له تاريخ وله هوية استطاعت أن تحافظ على مصر من الكبوات والغزوات والأيديولوجيات الغريبة طول التاريخ.
وفى الحقيقة هناك عناصر ومقومات أيضًا تجعل الجميع يشارك أولها أن مصر تواجه تحديات عديدة وفى طريقها إلى مواجهة هذه التحديات، بل وضع الحلول وأيديولوجية إصلاحية قد بدأت وسوف تكمل، وبالوعى وبالاختيارات الواعية وتغليب المصلحة العامة على الخاصة سوف تقضى على كل التحديات؛ أيضًا هناك خطوات جادة للقضاء على الفساد ورأينا نماذج كثيرة في الأيام السابقة وأعتقد أن المسار سوف يستمر بصورة كبيرة..
وثانيها المشاريع الكبرى القومية؛ وثالثها مصر في طريقها للقضاء على الإرهاب؛ وهناك عامل آخر مهم خارجى وهو إقامة علاقات متوازنة مع دول متنوعة على مستوى سياسي واقتصادى وفى مجالات متعددة وخاصة دخول مصر في قلب أفريقيا التي انقطعنا عنها سنوات ماضية عديدة؛ بخلاف العلاقات مع بعض دول قارة آسيا وبعض دول قارة أوروبا ونأمل في الفترة القادمة الاهتمام بالعلم والتعليم والثقافة لانهم حجر الزاوية، لأن بالعلم يتقدم الاقتصاد والتنمية وبالوعى والثقافة يترقى الإنسان في الإنسانية ويزيد من الحفاظ على حضارتها التي جوهرها الإنسان المنفتح.
وخلاصة القول: أعلم أن المصريين يضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ويقدرون أن أرض مصر بقيت بدم أبنائها الشهداء التي مازالت تسيل من أجل عنوان كبير اسمه "مصر"، وأن كل المصريين سوف يرسمون أيقونة انتخابية أمام العالم الأيام المقبلة شعارها "عاشت مصر بهية".