رئيس التحرير
عصام كامل

ورطة إثيوبيا في سد النهضة .. الحملة على الفساد في السعودية جففت منابع التمويل .. و«فلوس الجيش والشرطة» محاولة أخيرة لإنقاذ الوضع.. أديس أبابا تداري الأزمة.. وتراجع سرعة الإنشاءات تكشف المستو

صورة ارشيفية - سد
صورة ارشيفية - سد النهضة

سنوات المكسب التي عاشتها إثيوبيا خلال الفترة الماضية لن تدوم بعد الآن، الخسارة ستكون حاضرة وبقوة، والحديث عن أية تنمية أو استقرار لن يكون صالحًا سوى للاستخدام الإعلامي بغرض تهدئة الأجواء وتصدير صورة للرأى العام الداخلى والإقليمى بأن الوضع “تحت السيطرة”، في حين تشير كل الشواهد والمعطيات الحالية على أرض الواقع إلى أن أديس أبابا تواجه مأزقا كبيرا ، الأمر الذي من شأنه التأثير على أمور عدة تحاول إنجازها، ولعل سد النهضة الإثيوبى يأتى على رأسها.



الاحتفال بالعام السابع لوضع حجر أساس أضخم مشروع في البلاد، يجب أن يسبقه تأكيدات أن الأمور تسير بشكل جيد، وأن الشعب ملتف حول هذا المشروع الذي يعد قاطرة التنمية وبداية عهد جديد للبلاد.. مشهد تحاول إثيوبيا تصديره خلال الفترة الحالية، تزامنًا مع الاستعدادات التي تجريها للاحتفالات التي تنتوى إقامتها بمناسبة مرور 7 أعوام على خروج “السد” للنور.

حلاوة روح
الاحتفالات المرتقبة، بحسب مراقبين، لن تكون أكثر من «حلاوة روح»، فالأشهر الأخيرة كانت هي الأصعب على أديس أبابا، ولا يقتصر الأمر فقط على الاضطرابات السياسية التي أطاحت برئيس الوزراء «ديسالين» وتسببت في فرض حالة الطوارئ هناك، لكن الأزمة الحقيقية كانت مصادر التمويل التي نضبت خلال الفترة المالية لأكثر من سبب.

الأزمة المالية الإثيوبية -كما أوضحها خبراء مياه - بدأت مع حركة التطهير التي أجراها الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى منذ ما يقرب من شهرين، والتي شملت ضمن من تم التحقيق معهم، رجل الأعمال السعودى «محمد العمودي» أكبر ممولى مشروع سد النهضة، والذي تشرف شركاته على الإنشاءات، ما أدى إلى حدوث هزة اقتصادية عنيفة في إثيوبيا، ورغم تلك الهزة، فإن رئيس الوزراء الإثيوبى المقال «ديسالين» زعم وقتها أن الأمر تسير بخطى ثابتة دون أي تأثير على الإنشاءات.

السخط الشعبي
الخطوة الثانية التي أدت إلى ما يشبه «إفلاس إثيوبيا» التي يتم تصنيفها ضمن الدول الأعلى نموًا من الناحية الاقتصادية في دول أفريقيا، كانت الاضطرابات التي جعلت من السخط الشعبى عاصفة لا يمكن الوقوف أمامها، تلك العاصفة التي جاءت نتيجة للديكتاتورية الإثيوبية واضطهاد أكبر طائفة في البلاد «الأورموا»، والتي أثرت على تمويل سد النهضة التي تباهت إثيوبيا أن شعبها يمول ما يقرب من 50% من تكلفته عن طريق الاكتتاب العام، لكن تلك الاضطرابات تسببت في النهاية في تراجع معدلات البناء التي ظهرت حينما أعلنت «فقرتى تامر» مديرة مكتب سد النهضة في تصريحات رسمية أن نسبة البناء وصلت لـ64%، وهو ما تعجب منه خبراء المياه إذ إنه منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر كانت نسبة البناء 63.87%، وبحسب التقديرات فإن معدلات البناء تراجعت بنسبة لا تقل عن 20%.

قوات الجيش والشرطة
اللجوء إلى الجيش والشرطة كان هو الحل الإثيوبى لتفادى «الإفلاس»، فبحسب وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية «إينا» فإن عددا كبيرا من عناصر قوات الدفاع والشرطة هناك اشتروا سندات لدعم السد تُقدّر بـمليار و119 مليون بر إثيوبي.

«إينا» أوضحت في نفس البيان أن هذا الدور لقوات الشرطة والجيش جاء لإتمام عمليات بناء سد النهضة الذي يؤمنون أنه سيلعب دورا مهما في تطوير الوضع الاجتماعى والاقتصادى للبلاد، وبجانب ذلك فإن أفراد الشرطة الفيدرالية وهى جهاز شبه مستقل في إثيوبيا اشترى وحده سندات بقيمة 220 مليون بر إثيوبي.

واستكمالًا لمبدأ «كله تمام» التي ترفعه إثيوبيا لإخفاء أزمتها الحالية، وافقت على استئناف مفاوضات سد النهضة مع مصر والسودان، وهو ما تم الإعلان عنه من خلال الخرطوم التي دعت القاهرة لاجتماع يومى 5 و6 أبريل المقبل، وذلك لكسر جمود المفاوضات حسبما أعلنت السودان في دعوتها لمصر.

اجتماع بلا قرارات
ويتوقع خبراء المياه أن الاجتماع المقبل لن تخرج منه أية قرارات، وذلك لعدة أسباب أبرزها أن الحكومة الإثيوبية التي لم تجد رئيسا لها حتى الآن لن تُقدم على اتخاذ أي خطوة في هذا الوضع، وذلك ما دفع إلى تأكيد السودان أن الاجتماع فقط لـ«كسر الجمود» ليكون واضحًا أمام الجميع أنه اجتماع شكلى ليس أكثر، وهو ما أشار إليه الدكتور محمد عبد العاطى وزير الرى حين أكد أن الاجتماع للمباحثات والمناقشات فقط.

سبب ثالث دفع إثيوبيا لحضور اجتماع المفاوضات المنتظر، وهو ضغط وزارة الخارجية المصرية على أديس أبابا منذ بداية الأزمة على ضرورة الالتزام بمواعيد اجتماعات مفاوضات سد النهضة، واستحسن الكثيرون الخطوة المصرية تلك إذ إن الاضطرابات الإثيوبية المستمرة منذ عامين بدت في أعين الكثيرين لن تنتهى قريبًا، وبالتالى ربط تلك المفاوضات بالأحداث السياسية الإثيوبية لن يكون سوى تسويف غير محدد الموعد.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية