الأوامر المنسية من القرآن! ( 1 )

كثيرون يتوقفون عند أوامر وتعاليم القرآن الكريم التي تربطهم بالله سبحانه وتعالى وهذا جيد.. مثل الآية الكريمة "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين"، وقوله "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم"، لكن لله في كتابه العزيز أوامر أخرى نرى - وربما يواقفنا الكثيرون- أن الالتزام بها أقل مما ينبغي وبخلاف الهدف الذي أنزلت من أجله وهو تنظيم حياة البشر بتعاليم وأوامر أخلاقية قادرة وحدها على ضبط حركة المجتمع والناس..

فمثلا يقول سبحانه "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا"، قوله تعالى "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا"، وقوله "وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم"، وقوله "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، وقوله "وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها"، وهكذا يأمرنا رب العزة بعشرات الأوامر التي يتجاهل البعض إنها أوامر إلهية ليس أمامنا أو علينا إلا الالتزام بها التزاما كاملا ومطلقا!

ولأن الأمر بالالتزام بالعهد تكرر في آيتين فسنتوقف عند العهد.. الذي هو لغة يعني العهد والأيمان والوصية واليمين الموثق والذمة والالتزام بفعل شيء أو الالتزام بترك شيء وهو الوفاء وحفظ الأمور، ومنها العهدة وهي في الكلام صحته وفي الأخبار دقتها وفي البيع صلاحيته وفي الأمانات الائتمان عليها والمسئولية عنها، ولذلك نقول على العهد الوعد وعلى العهدة أنها على الراوي أي المسئول عن الخبر أو الرواية أو العهدة بحوزة فلان أو أنه تعهد بكذا وكذا..

اليوم يلتزم القليلون بعهودهم.. ويتبرمون منها ويبتعدون عنها ويستخفون بها ويتراجعون عنها.. رغم أن بعضها مكتوب وتعج المحاكم بالآلاف من قضايا الطعن بالتزوير، وهي إما لمن يكذبون وينكرون توقيعاتهم، أو لمن يفترون بحصولهم على توقيعات غيرهم على عهود وادعائهم باطل!

ومنها عهود لطرفين كان الله ثالثهما وشاهدا عليها.. وبما يصل إلى حد إنكار النسب في إنكار لوصايا الله وأوامره وفي خسة غير أخلاقية، وبالقطع ستكون مجتمعاتنا أفضل حالا إذا التزمنا بالأمر الإلهي المذكور خصوصا أن الأمر به عام ولا يخص الالتزام بالعهود مع المسلمين وحدهم!