رئيس التحرير
عصام كامل

المرشد والرئيس.. قصة الغرام والانتقام بين خامنئي ونجاد

 خامنئي ونجاد
خامنئي ونجاد

الصراع يشتعل في بيت المرشد، و"الابن المدلل" أحمدي نجاد في سنوات ما قبل 2013 أصبح الآن في مكان "الابن العاق" للمرشد الأعلى خامنئي، وينتظره مصير غامض، في ظل اعتقال أبرز مساعديه، واتهامه بالعمالة للمخابرات البريطانية، ليكشف عن صراع "التيارات" داخل جسد الجمهورية الإسلامية.


"خامنئي" الذي دعم نجاد أمام غريمه وخصمه اللدود الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني خلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 2005، والذهاب بعيدا في تأمين كرسي الرئاسة له فترة ولاية ثانية، في انتخابات 2009 أمام المرشحان الأبرز "مير حسين موسوي" والشيخ" مهدي كروبي" والتي أدت إلى اندلاع الثورة الخضراء وهي احتجاجات إيرانية ضد تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح نجاد، بات الآن الصراع على أوجه بين المرشد والرئيس.

أحمدي نجاد:
أحمدي نجاد، (مواليد 28 أكتوبر 1958)، أحد أبرز أبناء الثورة الخمينية، بدأت رحلة أحمدي نجاد، في عالم السياسة مع الثورة الإسلامية في نهاية سبعينات القرن الماضي، وبات بعد الإطاحة بالشاة أحد أعضاء مكتب تعزيز الوحدة، التي كانت مهمته منع الطلاب من التعاطف أو التحالف مع "مجاهدي خلق".

واقترب نجاد بشكل سريع من نظام المرشد، وتدرج في المناصب داخل دولة ولاية الفقيه، حتى إعلان ترشحه للرئاسة عام 2005، ثم لمع نجمه مع فوزه على منافسه هاشمي رفسنجاني، ثم إعادة انتخابه في 12 يونيو 2009 أمام مير حسين موسوي.

فنجاد هو الرئيس الإيرانى الوحيد الذي وقع على يدى خامنئى لتقبيلها في أول رئاسته، وهو الرئيس الذي خرجت الملايين ضدّه تقول له (الموت للدكتاتور)، وهو الذي اتهم من البرلمان بحمايته للفاسدين الذين سرقوا مليارات الشعب ومصادرتها للخارج، وهو الرئيس الأكثر استغلالا لقضية المهدى حتى تبرع بالملايين لمسجد جمكران المبنى قرب قم باسم المهدى ويرتاده الكثيرون للصلاة والدعاء فيه وطقوس خاصة مثل أربعين أسبوعا لرؤية المهدى فيه.

"المهدوية" ولاية الفقيه:
أحمدي نجاد يمثل حاليا خلافا ايدولوجيا له جذوره منذ نحو عقد من الزمن أو أكثر والأخطر من ذلك أن هذا الخلاف له جذوره الممتدة إلى ما قبل الثورة ممثلا بتنظيم "الحجتية" والمعروف أن هذا التنظيم يعارض "المرشدية" وقيام الجمهورية وكان الإمام الخميني قد حرمه وأبعده عن السلطة منذ اليوم الأول لنجاح الثورة.

يشكل جوهر الخلاف بين المرشد والرئيس في ترويج نجاد والفريق المحيط به وعلى رأسه صهره اسفنديار رحيم مشائي ومساعده السابق "حميد بقائي" لتيار "المهدوية" الذي يؤمن بقرب ظهور المهدي المنتظر. ويعني ذلك أن التيار المذكور، الذي يصفه المحافظون بـ "تيار الانحراف" إنما يهدم نظرية ولاية الفقيه من أساسها؛ لأن الصلاحيات الدنيوية الواسعة التي يتحلى بها ولي الفقيه تنبع من أنه ينوب عن المهدي الغائب، أما وأنّ هذا المهدي قارب الظهور، فمن المنطقي أن تبطل الحاجة لصلاحيات وليه أو نائبه.

تيار النجاديين:
تعاظم قوة تيار "نجاد" وأصبحت يعرف باسم تيار "النجاديين"، عمود هذا التيار "مشائي" الذي حوله ألف سؤال حول أفكاره وممارساته من قم ومراكز قرار عديدة في طهران أدت بعد حديثه المتكرر عن الإسلام الإيراني إلى اتهامه بالنزعة القومية المرفوضة في "ولاية الفقيه" واتهامه بالفساد واستغلال النفوذ، وحميد بقائي رئيس ديوان الرئاسة الإيرانية في عهد نجاد،وقد اعتقل الأخير وحكم على بالسجن 15 عاما، فيما مشائي اعتقل مشائي في 18 مارس الجاري.


ويشكل اتجاه "نجاد" والجزء الأكبر من المحافظين الأصوليين الذي انحاز له، لإحياء دعوة المهدوية نسبة إلى الإمام المهدي، وتحويلها إلى تيار سياسي يهدد بقاء فكرة "ولاية الفقيه" التي أسسها الخميني سوف تتداعى تمامًا، مما يؤدي لعدم ضرورة وجود الولي الفقيه، وهذا معناه إسقاط مكانة المرشد الأعلى على خامنئي الذي يقوم الآن بدور الولي الفقيه ويقود النظام الإيراني باعتباره نائبًا عن الإمام الغائب (الإمام المهدي).

نجاد ينقلب على خامنئي:
وعقب اعتقال السلطات الإيرانية " مشائي" و" بقائي" أبرز مساعدي نجاد، شن الأخير هجوما لاذعا ضد المرشد خامنئي، واتهمه بنهب 190 مليار دولار من أموال الشعب الإيراني.

وفي أغسطس الماضي، شن نجاد، هجوما حادا على خامنئي، مشبها إياه بالشاه السابق الذي أطاحت به الثورة عام 1979، قائلا في مقطع مسجل بث جزءا منه عبر حسابه على "تويتر"، إنه "لا يوجد من هو أعلى من الشعب. المناصب الحكومية ليست إرثا أبويا لمجموعة خاصة. لم نقم بالثورة من أجل أن تذهب أسرة وتحل أسرة أخرى مكانها"، في إشارة واضحة لهيمنة المرشد الإيراني على خامنئي وأسرته وحاشيته على مقاليد الحكم في إيران.

كما حذر نجاد في نهاية يناير الماضي، خلال رسالة وجهها إلى خامنئي، مما وصفه بـ "خطر سقوط النظام" على ضوء الاحتجاجات الأخيرة واستمرار الاستياء الشعبي والضغوط الاقتصادية والسياسية.

وخاطب نجاد، خامنئي قائلا: "أنتم تعلمون جيدا بوضع الناس والضغوط الاقتصادية والنفسية والسياسية التي يتعرضون لها، ولذا فإن الأعداء قد أصبحوا أكثر أملا وجرأة على تنفيذ مخطط إسقاط النظام "، قبل أن يعود ويتهم بنهب 190مليار دولار من الشعب الإيراني

الاتهام بالعمالة:
يبدو أن مواقف "نجاد" الحازمة ونجاحه في احياء تيار المهدوية، داخل بنية نظام الجمهورية الإسلامية، جعل الفريق الآخر من تيار" ولاية الفقيه" يعلن الحرب على خامنئي عبر اتهامه بالعمالة والتجسس لصالح المخابرات البريطانية.

واتهم النائب في البرلمان الإيراني والقيادي في تيار المحافظين غلام على جعفر، الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعض المسؤولين في فريق حكومته السابقة، بـ"التجسس" لصالح المخابرات البريطانية.

وقال على جعفر في تصريح لوكالة أنباء "نامه نيوز"، الإيرانية، إن "أجهزة المخابرات البريطانية أصبحت متنفذة حتى داخل منزل الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد".

مصير غامض ينتظر "نجاد"
مع اعتقال "مشائي" و"بقائي" أهم مساعدي "نجاد" بات مصير الابن المدلل لـ"خامنئي" غامضا، في ظل تكهنات باغتيال الرئيس الإيراني السابق.
وذكر الإعلامي الإيراني المعارض من أصل كردي، على جوانمردي، أن "الحرس الثوري شكل 6 فرق كل فرقة تضم 7 عناصر موجهة لمتابعة أحمدي نجاد واعتقاله أو تصفيته إذا أتيح لها، لكن تهديد الرئيس السابق بفضح النظام ورموزه وخاصة خامنئي جعل النظام مترددا في استهداف نجاد".
الجريدة الرسمية