رئيس التحرير
عصام كامل

مديحة يسري تكتب: لست مغرورة

مديحة يسري
مديحة يسري

في مجلة الكواكب عام 1955 كتبت مديحة يسري مقالا، جاء فيه:


سمعت من بعض الصديقات أن بعض السيدات يتهمنني بالغرور والنفخة الكدابة، وأنا لا أحب النفخة الصادقة ولا النفخة الكدابة.

وأعتقد أن في وصفي بهذه الصفة ظلما لي لأنني في واقع الأمر ــــ وكما تشهد بذلك صديقاتي كلهن ــــ بسيطة في كل ما يحيط بحياتي.

واللواتي يتهمنني بالغرور لسن من الصديقات، لأن صديقاتي يعرفنني على حقيقتي.. هن لسن صديقاتي بل هن مجرد معارف.

والواقع أنني أفرق بين الصديقة والمعرفة، فالمعرفة تظل عندي موضع امتحان واختبار حتى أتحقق من أنها جديرة أن تكون صديقة.. وعندئذ أعاملها معاملة الصديقات.

أرفع الكلفة بيني وبينها وأدعوها وأتقبل دعوتها، وأتجاوز معها عن كثير من قواعد الإتيكيت.

ولعل مصدر هذه التهمة أنني أعتز بكرامتي إلى حد ملحوظ، بل إلى حد التشبث والعناد، فإذا سمى الاعتزاز بالكرامة غرورا، فأنا مغرورة وأمري إلى الله.

وأنا لا أستطيع أن أتحول عن هذا الطبع الذي نشأت عليه منذ صغري، فعندما كنت طفلة بالمدرسة كنت أميل إلى الظهور بمظهر الرزانة والوقار، ولهذا لم أتخذ من الصديقات إلا عدد قليل.

كنا ننفرد وحدنا في فناء المدرسة، ولا نختلط بغيرنا من التلميذات اللواتي يملن إلى الرغي واللهو والمرح الزائد، وكنا نتناقش في شئون قد تكون فوق مستوى أعمارنا.

أيضا كثيرا ما كنا نناقش معلماتنا ونجادلهن ونتمسك بآرائنا، والحقيقة أن بعض المدرسات كن يشجعننا على ذلك، والبعض كان يمنعنا من مجرد المشاركة في الحوار ويعتبرن ذلك قلة أدب.

وخرجت إلى الحياة على هذا الأسلوب، اتكلم بمقدار، وابتسم بحساب، فكثيرون من الناس يؤولون الكلام ويترجمون الابتسام إلى غير معناه، كلما كبرت صرت أتحفظ وأدقق في اختيار الصديقات عملا بقول الشاعر:

احذر عدوك مرة.. واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق... فكان أعلم بالمضرة.
الجريدة الرسمية