رئيس التحرير
عصام كامل

«جراح».. حكاية قرية تعشق صناعة الزجاج في الدقهلية (فيديو وصور)

فيتو

في الوقت الذي تسعى الدولة لتشجيع الاستثمار، وافتتاح مشاريع كبرى، تشهد صناعة الزجاج حالة من الكساد، رغم توفر المادة الخام ومقومات الصناعة، وتبلغ قيمة ما نستورده من أدوات زجاجية قرابة الـ400 مليون جنيها سنويا.


وعلى بعد 15 كيلو مترا من مدينة المنصورة تقع قرية "جراح" التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، والتي تمثل نموذجا للقرية الحرفية حيث يعمل أهلها في صناعة الكؤوس الزجاجية وزخرفتها متحدية البطالة المنتشرة بمعظم القرى والمراكز الأخرى.

وبدأت صناعة الكؤوس الزجاجية وزخرفتها بالقرية في أوائل السبعينات حينما تعلم أحد أبناء القرية تلك المهنة بأحد المصانع المتخصصة التي يمتلكها أحمد النمس وأحمد الحريري بسمنود غربية.

وعرفت "جراح" بـ"القرية الزجاجية". وتعداد سكانها لا يتجاوز 14 ألف نسمة، واستطاعت أن تجذب الأيدى العاملة إليها، من كل القرى والمدن المحيطة بالقرية.

وتستقبل القرية يوميا من 5 إلى 8 آلاف عامل يوميا من خارج القرية فضلا عن امتهان ابناء القرية من الأطفال إلى الكبار بالمهنة،وانتقلت المهنه إلى القرى المجاورة بعد تعلمهم على يد ابناء "جراح" كمنية سمنود،وسمنود، الديرس " وأصبح من بينهم ما يعرفون بحيتان السوق.

مساندة الحكومة
وأعرب محمد الريان أحد أصحاب المصانع عن استيائه من تردى أوضاع صناعة الزجاج على مستوى مصر وبقرية جراح على وجه الخصوص قائلا في رسالة للحكومة "ساعدونا وبعد كده اطلبوا اللى انتم عايزينه الغاز بينى وبينه 3 كيلو،مشيرا إلى أنه امتهن العمل بصناعة الزجاج منذ 25 عاما وهو بالصف الخامس الابتدائى وكان عاملا وأصبح صاحب مصنع.

وأوضح أن هناك مئات من الورش والمصانع بالقرية التي تنتج الآلاف من القطع الزجاجية يوميا من الكؤوس البلدية والشعبية وما يطلق عليه "الشفشق" بالإضافة إلى أطقم الشربات والأكواب والكاسات والبنبنيرات وأطباق الفاكهة.

وقال "الريان" كانت المهنة تشهد رواجا كبيرا قبل 2010 وخاصة في مناسبة عيد الأم لمدة 8 أشهر وكنا نصدر لسوريا والسودان ولبنان" النهاردة العامل أصبح يحصل على نصف الأجرة والسوق المحلى ميشجعش، فيه مصانع قفلت من الديون،مشيرا إلى أن أجرة العامل في الزخرفة تبدأ من 40 جنيها إلى 100 جنيها وفى التصنيع حسب الإنتاج.

القرية بلا بطالة
وأكد محمد الجندي صاحب أحد المصانع أن القرية كسرت أغلال البطالة، موضحا أن مصنعه به المئات من الشباب العاملين من مشيرا إلى أن بالقرية 300 ورشة زخرفة وتلوين الزجاج و120 مصنعا.

وأشار أحمد صبح أحمد خطاب أحد العاملين بتلك الصناعة إلى أنه يعمل بها منذ مايقرب من 10 سنوات مشيرا إلى أنه حاليا يعمل بآخر مرحلة في هذه الصناعة وهي "الفرز" مؤكدا أنه من خلال عمله بالزجاج تمكن من الزواج ومساعدة أسرته أيضا في تدبير نفقاتها قائلا "الشغلانة فلوسها حلوة وبتكسب" لكن الدولة مبتشجعناش ولا بتوفر أي خدمات منها "الغاز وتمهيد الطريق.

مراحل التصنيع
وأوضح محمد الشحات مدير ثانى بأحد المصانع بالقرية أن تلك المنتجات تصنع من الزجاج الكسر بعد سحقه وخلطه بالرمل الجبلي ذي اللون الأبيض ويتم في حفر عميقة ثم يوضع هذا الخليط في فرن من الطوب الحراري يعمل بالغاز والكهرباء مزود بماسورة هواء ويعمل في درجة حرارة عالية جدًا تصل إلى ١٠٠٠ درجة حتى يتحول إلى عجينة سهلة لينة صالحة للتشكيل.

تبدأ عملية تصنيع الكأس أو الكوب بأخذ قطعة صغيرة من العجينة بواسطة سيخ من الحديد مفرغ من الداخل لنفخ الهواء به مع كل مرة ووضع العجينة على قالب حديدي لتشكيل قاعدة الكأس ثم قطعة أخرى لاستكمال جسم الكأس ثم قص الجزء الزائد لتبدأ عقب ذلك مرحلة التحميص بوضع الكاسات داخل الفرن وتحريكها بواسطة سير يعمل بموتور كهربائي إلى أن يخرج في النهاية مكتملًا شديد الصلابة بعدها يصل مرحلة الزخرفة وهي المرحلة النهائية.

وأشار الشحات إلى أن المصنع بدوى في الأساس وسعر المنتج أقل بكثير من المستورد ويحدد وفقا للعرض والطلب وأسعار الخامات المستخدمة، مشيرا إلى أن المصانع صدر بعض منتجاتها إلى هولندا مع التطوير الجديد 2016.

مؤكدا أن المصانع تعاني من المحليات والروتين وفرض المخالفات العشوائية مشيرا إلى أن محافظ الدقهلية السابق المحاسب حسام أمام زار القرية وعدد من المصانع وأصدر قرارا بإلغاء قرارات الغلق للمصانع وتشجيعها على العمل ولكن لم ينفذ.

مشاركة نسائية
ولا تقتصر مهنة تصنيع الزجاج على الرجال، بل يعمل بها النساء أيضا، وخاصة في عمليات تزيين الكؤوس التي تحتاج لدقة وحرفية شديدة وتبدأ بالرسم على الزجاج بأشكال مختلفة من الرسومات والتي تتماشى مع السوق المحلية ثم عقب ذلك تأتي عملية النحت لتفريغ هذه الرسومات بواسطة حجر يعمل بالكهرباء ثم زخرفتها بأشكال مختلفة من ماء الذهب وغيرها من المواد الأخرى.

وناشد أصحاب مصانع الزجاج بقرية جراح الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة فتح مصنع ياسين "ليكون مصنعا حكوميا في إطار النهوض بالدولة والتنمية وتشجيع الاستثمار والتصدي للبطالة خاصة وان المادة الخام متوافرة، مطالبا المسئولين وعلى رأسهم وزير الصناعة بالنظر لميت جراح بعين الاعتبار وتوصيل الغاز الذي على مقربة الـ3 كيلو ولكنهم محرومين منه والذي يساعد في تقليل التكلفة على التصنيع.
الجريدة الرسمية