غاز الأعصاب.. قصة مسحوق فتاك يجعل الموت أملا للهروب من الألم
شهد هذا الشهر الكثير من الأحداث الدولية المهمة أبرزها قصة محاولة اغتيال الجاسوس الروسي الذي عمل لصالح بريطانيا، سيرجي سكريبال 66 عاما وابنته يوليا 33 عاما، وبعد انتشار الخبر تعالت صرخات الاتهامات بين البلدين، فمن جانب تتهم السلطات البريطانية المخابرات الروسية بتسميم الجاسوس، وموسكو تنفي الاتهامات الموجهة لها باختراق الأراضى البريطانية واستخدام غاز الأعصاب الذي تحول إلى حديث وسائل الإعلام.
سر المادة المجهولة
"نوفيشوك" هي المادة السامة التي أنشأت أزمة دبلوماسية بين البلدين، تم تطويرها من قبل الاتحاد السوفيتي في الفترة ما بين سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وذكر عنه العلماء الروس أنه أكثر أنواع غازات الأعصاب فتكا على الإطلاق، وتعد مادة "نوفيتشوك" غازا بلا لون ولا رائحة يمكن أن يوجد في حالة غازية سائلة أو على هيئة بودرة، هو غاز يصيب الجهاز العصبي فور استنشاقه أو إذا تم امتصاصه عبر الجلد، ومن أعراض هذا المرض ضيق حدقة العين، ويتبعه طنين في الرأس مع ارتعاش في الأطراف، وينتهي برغوة بيضاء تخرج من الفم.
الجيل الرابع
مادة "نوفيتشوك" بالروسية تعني "الوافد الجديد"، وهي عبارة عن مادة سامة من الجيل الرابع لغاز الأعصاب، يعتقد أنها أكثر قوة بكثير من سلسلة الجيل الخامس.
اكتُشِفت في سبعينيات القرن الماضي في معهد الأبحاث للكيمياء العضوية والتكنولوجيا بالاتحاد السوفيتي السابقًا، حسبما نقلت شبكة يورونيوز الأوروبية عن ميشيل كارلين، المحاضرة البارزة في مادة الكيمياء الطبية-الجنائية والتحليلية في جامعة نورثمبريا البريطانية.
طريقة الاستخدام
تستخدم مادة "نوفيشوك" في شكل مسحوق دقيق للغاية، بخلاف غازات الأعصاب الأخرى المعروفة الأخرى التي توجد على شكل سوائل أو أبخرة.
ويُعتقد أنها تتكون من مادتين منفصلتين غير سامتين، ولكن عند اختلاطهما يتشكل عامل الأعصاب السام.
وترسل الأعصاب في جسم الإنسان إشارات كيماوية إلى الأعضاء والأنسجة، ولكن عامل غاز الأعصاب يفسد تلك الإشارة ما يؤدي لزيادة تحميل الإشارات. وتؤدي هذه الزيادة إلى فقدان السيطرة على العضلات، الأمر الذي قد يتسبّب في صعوبات في التنفس وفقدان السيطرة على وظائف الجسم وزيادة إفراز اللعاب وحدوث تشنجات وشلل، وربما يؤدي إلى الوفاة.
التأثير
التأثير الأكبر يظهر على الأشخاص الذين تلقّوا أكبر جرعة أو تعرضوا للمادة لفترة أطول، لذلك سيكون له تأثير طفيف للغاية على عامة الناس. وتنصح الهيئات الطبية باتخاذ إجراءات وقائية لإزالة التلوث لأي شخص كان متواجدًا بالقرب من المنطقة التي زارها الضحية.
وبحسب شبكة "يورونيوز"، لا يُعرف سوى القليل عن الآثار الطويلة الأمد للمادة ومع ذلك، يعتقد أنها قد تتسبب في الإصابة بالشلل التام وإصابة الجهاز العصبي ما يؤدي إلى التشنج وفقدان النوم والاتزان والغيبوبة العميقة، كما قد تؤدي إلى الوفاة بعد عدة ساعات إذا لم يتم تناول الترياق في الوقت المناسب.
ليتفينينكو
وأبرز ضحاياها أيضا، الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفينينكو الذي لقى مصرعه عن عمر ناهز 43 عاما 2006 بعد أيام من تسممه بمادة البولونيوم 210 المشعة، ولاحقت الاتهامات روسيا بعد أن خلص تحقيق بريطاني إلى أن مقتل الجاسوس الروسي السابق جاء بموافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كان الكسندر ليتفينينكو ضابط في الأمن الروسي ولكنه هرب إلى بريطانيا حيث تحول إلى ناقد شرس للكرملين وفي السنوات الأخيرة أصبح مواطنا بريطانيا.
شقيق زعيم كوريا
قتل أيضا الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، في حادثة اغتيال حيث استطاعت فتاتان استخدام مادة سامة تمتص -غاز الأعصاب- عبر الجلد لوضعها على وجه أخ رئيس كوريا الشمالية أثناء سفره في مطار كولالمبور.
ولكن استطاعت كلاهما الهرب إلى ماليزيا ثم إلى موسكو وساهمت روسيا في تسهيل الهرب برفضها القبض عليهما وتحججت بقلة الأدلة، التي تسمح بتسليمهما.
زاخاروفا وماي
اتهمت بريطانيا، في مجلس الأمن، روسيا بخرق التزاماتها باتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، واستخدامها غاز الأعصاب في محاولة اغتيال عميل روسي مزدوج كان يعيش على أراضيها.
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي طرد 23 دبلوماسيا روسيا، ممهلة إياهم أسبوعا واحدا لمغادرة البلاد وواصفة إياهم بــ"ضباط استخبارات غير مُعلنين".
وقال القائم بأعمال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة جوناثان ألن، لمجلس الأمن إن "السلاح الكيماوي المستخدم في الهجوم كان مروعا ويحظر استخدامه في الحروب، ولكن تم استخدامه في مدينة بريطانية مسالمة".