واشنطن تتهم موسكو باستخدام غاز الأعصاب في اغتيال عميل روسي مزدوج
اتهمت بريطانيا، في مجلس الأمن، روسيا بخرق التزاماتها باتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، واستخدامها غاز الأعصاب في محاولة اغتيال عميل روسي مزدوج كان يعيش على أراضيها.
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي طرد 23 دبلوماسيا روسيا، ممهلة إياهم أسبوعا واحدا لمغادرة البلاد وواصفة إياهم بــ"ضباط استخبارات غير مُعلنين".
وقال القائم بأعمال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة جوناثان ألن، لمجلس الأمن إن "السلاح الكيماوي المستخدم في الهجوم كان مروعا ويحظر استخدامه في الحروب، ولكن تم استخدامه في مدينة بريطانية مسالمة".
وشدد على أن بريطانيا لا تخشى تهديدات روسيا، وقال :"سوف نتمسك بالقيم التي تتقاسمها الغالبية العظمى من هؤلاء في هذا المجلس في هذه الأمم المتحدة ونطلب منكم اليوم الوقوف إلى جانبنا".
ومن جانبها أعلنت الولايات المتحدة تضامنها مع بريطانيا، وقالت المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن نيكي هيلي، إن واشنطن تقف في تضامن مطلق مع بريطانيا.
نفي روسي
ونفى السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا، تورط موسكو في الهجوم وطالب بدليل مادي من بريطانيا لدعم اتهامها، وقال نيبنزيا: "تلقينا إنذارا نهائيا وطُلب منا خلال 24 ساعة الاعتراف بأننا ارتكبنا جريمة، وبعبارة أخرى، اعترفوا"، وتابع: "نحن لا نتحدث بلغة الإنذارات، نحن لا نستخدم هذه اللغة مع أي شخص، ولن نسمح بالتحدث إلينا بهذه اللغة أيضًا".
وعثرت السلطات البريطانية على ضابط المخابرات الروسي المتقاعد سيرجي سكربيل، 66 عامًا، وابنته يوليا، 33 عاما، مغشيا عليهما على مقعد وسط مدينة سالزبري 4 مارس، وهما في حالة حرجة.
وما زال المحقق نيك بيلي، الذي مرض أثناء التعامل مع حالة سكريبل وابنته، مريضا في حالة خطرة، لكنه يتحدث إلى أسرته.
طرد 23 ضابط مخابرات روسيًا
وجاء إعلان بريطانيا عن عزمها طرد 23 دبلوماسيا روسيا من أراضيها، بعد رفض موسكو تقديم تفسير عن كيفية وصول غاز أعصاب روسي الصنع إلى بريطانيا واستخدامه في محاولة قتل الجاسوس.
كما ألغت رئيسة وزراء يريطانيا دعوة وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، لزيارة لندن، وهددت أيضا بعدم حضور أفراد من العائلة المالكة أو وزراء بريطانيين بطولة كأس العالم التي ستنظمها روسيا الصيف المقبل، وتتضمن الإجراءات البريطانية المتوقعة ضد روسيا، زيادة إجراءات الأمن على الرحلات الخاصة والجمارك والشحن، تجميد أصول روسية في بريطانيا، إذ وجدت أدلة على أنها قد تستخدم لتهديد حياة أو ممتلكات المواطنين أو المقيمين في المملكة المتحدة، إلى جانب مقاطعة الأسرة المالكة والوزراء كأس العالم لكرة القدم في روسيا المقرر في وقت لاحق من هذا العام، وتعليق جميع الاتصالات الثنائية عالية المستوى المخطط لها بين المملكة المتحدة وروسيا، وخطط للنظر في قوانين جديدة لزيادة الإجراءات الدفاعية ضد "نشاط دولة عدواني.
ويأتي ذلك بعد أن انقضت مهلة حددتها لندن لكي توضح موسكو كيفية استخدام مادة كيماوية "روسية الصنع" على أراضيها.
وقالت الهيئة المنظمة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة البريطانية إنها ستنتظر نتائج اجتماع الأربعاء قبل النظر في الترخيص الممنوح لشبكة "روسيا اليوم"، معتبرة أنها أداة دعاية موالية للكرملين.
أدلة قاطعة
لافروف ينتقد لندن بعد قرارها طرد 23 دبلوماسيا روسيا، ورد لافروف بانتقاد خطاب ماي، وقال إن تصريحاتها "استفزاز صريح وغير مسبوق" والإجراءات التي اتخذتها لندن "غير مقبولة ولا قيمة لها"، كما أنها "تضر بشدة العلاقات بين البلدين".
وكان لافروف قد أكد سابقًا أن بلاده سترد على أي استفسارات بريطانية إذا طلبت لندن ذلك رسميا حسب اتفاقية الأسلحة الكيماوية التي تمنح بلاده 10 أيام قبل الرد على أي استفسار.
وأكد متحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده لن تقبل أي اتهامات غير مدعومة بأدلة قاطعة كما أنها لن تقبل بلهجة تهديدية في التعامل معها، فيما قال خبير أسلحة كيماوية لبي بي سي إن المادة التي استخدمت في محاولة اغتيال العميل الروسي في مدينة ساليسبري الإنجليزية أُنتجت في مدينة شيخاري الروسية.
دعم أمريكي
ورحبت رئيسة وزراء بريطانيا بالدعم الأمريكي والأوروبي وكذلك من حلف الناتو لبلادها في أزمتها الحالية مع روسيا، ووصفت ما حدث بأنه "جريمة لم تكن تستهدف بريطانيا وحدها، بل هي تحدٍ لحظر استخدام الأسلحة الكيميائية".
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الثلاثاء الماضي، أن على روسيا تقديم أجوبة "لا لبس فيها" في مسألة تسميم جاسوس روسي وابنته، وذلك عقب اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة الحكومة البريطانية.
وقال البيت الأبيض، إن ترمب وماي يعتبران أنه لا بد أن تكون هناك عواقب إزاء الذين يستخدمون هذه الأسلحة المشينة، في خرق فاضح للأعراف الدولية.