مصارعة الديوك بين بوتين والكبار
تدفع الأقدار بالدول في بعض الأحيان بأن يتولى أمورها رئيس يجلب لها المشكلات مع دول الجوار، باختلاق أزمات معها واتخاذ إجراءات عقابية ضدها أو إلقاء التهم عليها، وهو ما ترد عليه الأخرى في المقابل بالمثل.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من نوعية الرؤساء أصحاب المشكلات الذي يجلبون لبلادهم "الهم" من خلال النزاعات الدبلوماسية مع الدول الأخرى مثل تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وآخرها بريطانيا.
اغتيال جاسوس
بدأت الأزمة بين بريطانيا وروسيا بمقتل الجاسوس المزدوج السابق سيرجي سكريبال في بريطانيا والذي تسبب في تبادل التهم بين الطرفين بالتورط في مقتله.
بلغ تصعيد تبادل التهم بين الطرفين حد طرد بريطانيا 23 دبلوماسيا روسيا وإصدار قرار بمقاطعة المونديال، أمس الأربعاء، حيث أعلنت تيريزا ماي رئيس وزراء بريطانية قرارا رسميا بمقاطعة روسيا بسبب تورطها في قتل سيرجي سكريبال الجاسوس المزدوج.
وأقرت ماي بمقاطعة روسيا وتجميد أصول الدولة في بريطانيا وشددت على عدم ذهاب الرسميين البريطانيين إلى كأس العالم في روسيا ووقف أي اتصالات رفيعة المستوى.
وكان سيرجي سكريبال جاسوس من المخابرات الروسية يعمل لصالح المملكة المتحدة وتم تبادله في مبادلة تجسس رفيعة المستوى عام 2010 وأثبت الإجراءات الأولية اشتباه في تعرضه لمواد غير معروفة تسببت في تسممه.
كما أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا عن طرد 23 دبلوماسيا روسيا خلال الأسبوع الجاري بسبب ذلك التصرف الذي أغضب المسؤولين في بريطانيا.
أزمة تركيا
في نوفمبر 2015 فرضت روسيا عقوبات على تركيا بعد اتهمها بإسقاط طائرة تابعة لموسكو قرب الحدود السورية، الأمر الذي أصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على نفيه جملة وتفصيلا.
أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينها مرسوما فرض بموجبه سلسلة إجراءات اقتصادية عقابية بحق تركيا ردا على إسقاطها طائرة روسية، شملت حظر الرحلات الزهيدة الثمن بين روسيا وتركيا ومنع أرباب العمل الروس من توظيف أتراك وإعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين.
بعد مرور نحو عام من الأزمة بدأت العاصفة تنحسر واعتذر الرئيس لتركي لروسيا على الحادث وبعد أكثر من ستة أشهر من الأزمة بين تركيا وروسيا، فوجئ الجانبين على حد سواء بما أعلنه المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، عن تقديم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتذارا لنظريه الروسي فلاديمير بوتين بسبب إسقاط المقاتلة الروسية، وداعيًا إلى إصلاح العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
وعبر أردوغان عن تعاطفه وتعازيه الحارة لعائلة الطيار الروسي الذي قتل نتيجة الحادث، متعهدًا ببذل كل ما بوسعه لإصلاح العلاقات الودية تقليديًا بين تركيا وروسيا، إضافة إلى التعهد بتقديم المتورطين في هذا الحادث للمحاكمة، وتعويض أهالي الطيار القتيل.
عقوبات أمريكية
الخلافات بين واشنطن وموسكو لم تكن الأولى ولا الأخيرة بين الرئيس الروسي ودولة خارج روسيا، وتضمنت أسبابا عديدة كان أبرزها اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية وتزويرها والتلاعب فيها وهو ما أصرت مرارا على نفيه.
وفي يناير 2018، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها بدء فرض العقوبات على روسيا في إطار قانون "مواجهة أعداء أمريكا" وقالت وزارة الخارجية في البيان، إن العقوبات الجديدة قد تؤثر على الشركات في الدول الأخرى التي تتعامل مع قطاع الدفاع والمخابرات الروسية.
وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة حذرت حكومات وشركات البلدان التي تقوم بعمليات تجارية مع روسيا، حول إمكانية فرض عقوبات ضدهم، مؤكدة أنه "تم إخطار الحكومات الأجنبية وشركات القطاع الخاص علنا وبشكل خاص، كبار مسئولي وزارة الخارجية ومسؤولين حكوميين أمريكيين آخرين، أن المعاملات المهمة مع المؤسسات الروسية المدرجة في قائمة العقوبات ستؤدي إلى عقوبات ضدهم".
وتستمر الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا حتى الوقت الحالي بتصريحات واتهامات متبادلة بين الجانبين في كافة القضايا المشتركة بما ينذر في بعض الأحيان بقرب اندلاع حرب بينهما.