حسن زايد يكتب: الإخوان بين مبارك والسيسي
لا ريب أن إخوان مصر مبارك بخلاف إخوان مصر السيسي. ولا ريب أن مصر مبارك بخلاف مصر السيسي. وذلك لأن الأوراق قد تكشفت، والأسرار قد انفضحت، والعلاقات قد تبينت، والعلائق قد جرى ربطها، وانكشفت ملامحها العنكبوتية، ونهايتها الطرفية.
فإخوان مصر مبارك كانوا جماعة محظورة شكلًا، موجودة، وفاعلة، ونشطة فعلًا. أي أن مبارك كان متواطئًا مع الجماعة، والجماعة راضخة للنظام في آن معا.
فمنذ أفرج السادات ـ لأسباب سياسية ـ عن قادتهم من سجون عبد الناصر، حتى أطلق أياديهم في أحشاء المجتمع، يقلبون فيها يمنة يسري على مدار فترة حكمه. وربما الأسباب السياسية كانت بقصد إحداث التوازن السياسي مع الاتجاه اليساري الذي كان سائدًا إبان الفترة الناصرية. وربما يكون قد أحدث ميلًا في الموازين لصالح الاتجاه اليميني، ضد الاتجاه اليساري الذي فشل في الإلتجاء إلى نفس الآليات والأدوات والكوادر، التي توافرت بالفعل للاتجاه اليميني. بالإضافة إلى ميل مسبق لدى القيادة السياسية للاتجاه اليميني.
وظلت تلك العلاقات غير متوازنة منذ البدء، وحتى نهاية فترة حكم مبارك. فبعد اغتيالهم للرئيس السادات، ترك لهم مبارك حبل المجتمع على الغارب. فقد ترك لهم التعليم، من مستوى ما قبل التعليم الأساسي، والمرحلة الإعدادية، مرورًا بالمرحلة الثانوية والجامعية، وانتهاء بمرحلة ما فوق التعليم الجامعي.
والاهتمام بمراكز الشباب والساحات الشعبية والمناطق الشعبية، والاهتمام بالاحتياجات الضرورية في حدودها الدنيا. وذلك يعني أن الدولة المصرية قد تخلت عن دورها تمامًا لصالح الجماعة.
وليت الفعل / الدافع هو الإسلام، وإنما المستهدف هو شراء الولاءات، حتى أنه يمكن القول بأنهم قد نجحوا بالاستيلاء على المجتمع واستلاب إرادته، ليس لسلامة دعوتهم، وإنما لميل طبيعي في سليقة المصري تجتذبه في اتجاه الدين.
وظل الوضع قائمًا في تلك العلاقة الشائكة بين الدولة والجماعة، حتى تيسر للجماعة ـ مع مرور الوقت ـ التغلغل داخل مؤسسات الدولة، والوصول للحكم عن طريق المشاركة السياسية الحزبية، فشاركوا الوفد، واستولوا على حزب العمل الاشتراكي، وفاوضوا النظام على عدد المقاعد البرلمانية، مقابل سكوت الجماعة على فساد النظام، وتمرير التوريث، والتعايش الموبوء فيما بينهما.
وهنا يأتي التساؤل: هل إخوان مصر، ومصر مبارك، هم إخوان مصر، ومصر السيسي؟!
بالقطع البون بينهما قد اتسع على مصاريعها على نحو يصعب معه لملمة الفتوق على الريوق. فإخوان المرحلة الانتقالية، الربيع خريفية، بين الرئيسين، وضعت الإخوان تحت الشمس، فبانت الحقائق وتمحصت، وتعرت السوءات وتكشفت، وخرجت الصراصير والديدان، وهاجت الخفافيش والغربان. واستغاث الناس بمن يرفع عنهم بلاءات الإخوان ونداءاتهم. فكانت ثورة 30 يونيو،التي قام بها المجتمع ضد حكم الإخوان، ونظام المرشد، بإرادة مصرية خالصة تحت حماية القوات المسلحة. ولم تقم الثورة ضد الإخوان من قبيل التسلية والترف، أو رغبة المجتمع في التغيير لمجرد التغيير، وإنما لما ارتآه من وجه قبيح، وما لمسه من مسالك متعالية انتهازية باطشة بطش الجبارين.
وقد فقد إخوان مبارك المناطق العشوائية واحتياجاتها الضرورية والملحة، بدخول دولة السيسي لهذه المناطق، وتغطية احتياجاتها، ونقلها نقلة نوعية فارقة، يتعذر على قدرات الجماعة النهوض بها. وقد كان النتاج الطبيعي خوض غمار مراكز الشباب وما تحتاجه وتفتقر إليه، والولوج إلى المناطق والساحات الشعبية، والارتقاء باحتياجاتها الضرورية.
وقد أفضى تدخل الدولة في مراحل التعليم المختلفة إلى تآكل دور الجماعة في مجال التعليم، وتقزم دورها الفاعل في هذا المجال.
وقد كان من الفوارق الفارقة بين إخوان مبارك، وإخوان السيسي، فقدان إخوان مبارك للجلد الناعم الملمس الذي كانت لتبدي به في تعاملها مع البشر.
أما إخوان السيسي فقد تخلوا عن تلك النعومة، وبدت خشونتهم، حين كشفوا عن حقيقتهم بإعلان حربهم على الدولة، وقد جمعوا قضهم وقضيضهم، سياسيًا، واقتصاديًا، وإعلاميًا، وعسكريًا. وفي ذات الوقت أعلنت الدولة حربها على إرهاب الجماعة، وتجييش المجتمع لمواجهة أطراف المؤامرة الإقليمية والدولية، والتي تمثل الجماعة وامتدادها مخالب القط لها.
وفقدت الجماعة بذلك قواعدها الاجتماعية أثناء معركتها مع الدولة وذلك دون حرب، وذلك لأن أي خسائر للدولة في الأفراد والمعدات يعد خصمًا من رصيدها، وخصمًا بالضرورة من رصيد الجماعة.
وفقدت الجماعة بذلك قواعدها الاجتماعية أثناء معركتها مع الدولة وذلك دون حرب، وذلك لأن أي خسائر للدولة في الأفراد والمعدات يعد خصمًا من رصيدها، وخصمًا بالضرورة من رصيد الجماعة.