درس الرئاسة!
خرج الحزب الشيوعي الحاكم في الصين قبل أيام ليفجر مفاجأة من العيار الثقيل، حين أعلن إلغاء حد الفترتين على مدة الرئاسة، ليبقى الرئيس الصيني شي جين بينج مدى الحياة في السلطة، أو على الأقل لفترة أطول قد تستمر 10 سنوات أخرى، وهو أمر داعب خيال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صاحب النزعة الفردية، الذي أشاد بالخطوة الصينية، وقال بوضوح في سياق تعليقه عليها: "أعتقد أن هذا شيء عظيم، ربما يتعين علينا أن نجرب ذلك يومًا ما".
غير أنه على الضفة الأخرى من النهر، نجد أن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأيا مختلفا، حيث أكد بحسم أنه لا يخطط لإجراء تعديل دستوري يسمح له بالبقاء إلى ما بعد 2024، مؤكدًا أنه لن يقدم على الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الصيني، وليس لديه مثل تلك النوايا.
أكثر من هذا راح بوتين، الذي يسعى لولاية رابعة في انتخابات 18 مارس الجاري، يرد على اتهامات لخصومه حول إخفائه نوايا للبقاء في السلطة لفترة غير محددة قائلا: "لم أغير الدستور أبدا، لم أفعل ذلك ليتوافق معي وليس لدى أي مخططات للقيام بذلك اليوم"، متسائلا: "لماذا تظنون أنه من بعدي سيتولى السلطة في روسيا بالضرورة أشخاص مستعدون لتدمير كل ما فعلته في السنوات الماضية؟".
والحقيقة أن تصريحات بوتين جاءت بمثابة درس هو أول من يعى أهميته، فهو يدرك أنه ليس بإمكان أحد الخلود على كرسي الحكم، وهنا في مصر أعطى التاريخ درسا لنا جميعا حين عدّل الرئيس الراحل أنور السادات الدستور ليصبح بإمكانه البقاء في منصبه "مددا" وليس "مدة" فقد شاءت الأقدار أن يرحل بعدها ويترك أمر مصر لقادم من بعده شاءت الأقدار أيضا أن يسقط بعد 30 عاما في الحكم.
ولعل تصريحات الرئيس السيسي بأنه يرفض تعديل الدستور بخصوص فترة الرئاسة تؤكد التزامه التام بفترتى الرئاسة، وتقدم أيضا درسا لهواة نزعات البقاء الذين يحلو لهم الدوران عكس عجلة التاريخ.