رئيس التحرير
عصام كامل

مجلس الدولة يلزم وزير التعليم بإعادة رئيس التعليم للثانوي والخاص: تأخير التنفيذ يهدر حجية أحكام القضاء.. الحكم يحمي المركز القانوني لصاحبه.. الطاعن أولى بقرار العدالة.. والأحكام ليست رخصة للحكومة

فيتو

أرست إدارة الفتوى لوزارة التربية والتعليم بمجلس الدولة برئاسة المستشار على زمزم، نائب رئيس المجلس مبادئ قضائية بشأن احترام أحكام القضاء كونها ضرورة لإقرار العدالة لا يجوز تأخير تنفيذها بأي مبرر لجهة الإدارة.


وانتهت إدارة الفتوى إلى إلزام وزير التربية والتعليم بإعادة "محمد سعد" إلى وظيفته القيادية رئيسًا للإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص والرسمي لغات بديوان الوزارة وفقًا لمقتضى الحكم القضائي الصادر بذلك.

قدسية أحكام القضاء
وأكدت إدارة الفتوى أن التأخير في التنفيذ أو المماطلة فيه أو التقاعس يمثل إهدارًا لحجية الأحكام القضائية بخفض قيمتها القانونية وتحويلها بالمخالفة للدستور والقانون إلى رخصة لجهة الإدارة إن شاءت أعملتها وإن أرادت أغفلتها.

جاء ذلك في الفتوى في الملف رقم 18/21/655 المرسلة إلى وزير التربية والتعليم ردًا على الخطاب رقم 1172 المؤرخ 21 يناير 2018 والوارد للإدارة برقم 35 بتاريخ 24 يناير 2018 بشأن كيفية تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 29 أغسطس 2017 في الدعوى رقم 46260 لسنة 71 قضائية.

حق بالمستندات
وتابعت، إدارة الفتوى بمجلس الدولة أن الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قضت بوقف تنفيذ قرار طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المطعون فيه رقم 97 لسنة 2017 فيما تضمنه من ندب "محمد سعد" لشغل وظيفة مدير مديرية التربية والتعليم بمحافظة البحيرة مع ما يترتب على ذلك من آثار حيث كان من ضمن أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه ارتباطًا لا يقبل التجزئة أن القرار المطعون فيه صدر متضمنًا ندب المعروضة حالته قبل انتهاء مدة شغله للوظيفة القيادية وهي " رئيس للإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص والرسمي لغات".

إكمال المدة
وأكدت إدارة الفتوى أنه بمقتضى تنفيذ هذا الحكم إنما يكون بعودة "محمد سعد" إلى عمله الأصلي بديوان عام الوزارة لإكمال المدة المتبقية له في شغل هذه الوظيفة من تاريخ إبعاده عنها في 12 مارس 2017 تاريخ صدور قرار وزير التربية والتعليم المقضي بوقف تنفيذه رقم 97 لسنة 2017 وذلك حتى 14 سبتمبر 2017 ومن ثم يتعين وفقًا للحكم بقاءه في وظيفته القيادية بديوان وزارة التربية والتعليم مدة معادلة لتلك المدة التي أبعد فيها عن شغل تلك الوظيفة.

إقرار العدل
وشددت إدارة الفتوى بمجلس الدولة على أنه لا يغير من ذلك القول بتعذر عودة المعروضة حالته إلى الوظيفة القيادية التي كان يشغلها لانتهاء مدة شغلها في 14 سبتمبر 2017 لأنه ولئن كان صحيحًا أنه إذا استحال تنفيذ الحكم بإعادة صاحب الشأن إلى الخدمة بأن قابلت جهة الإدارة عقبات قانونية أو مادية تحول دون التنفيذ الفعلي كما في حالة وفاة المدعي أو بلوغه سن التقاعد المقرر قانونًا أو لغير ذلك من الأسباب التي تحول بين جهة الإدارة وتنفيذ الحكم بصورة فعلية إلا أن ذلك مرهون بأمرين:

أولهما أن يكون عدم التنفيذ الفعلي راجعًا إلى صاحب الشأن الصادر لصالحه الحكم بصورة إرادية أو لا إرادية كأن يطرأ مانع قانوني كبلوغ سن الستين أو إصابته بعاهة مستديمة تجعله غير صالح لمباشرة العمل أو صدور حكم ضده بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو أن يتنازل صاحب الشأن عن تنفيذ الحكم وهو ما يجيز لها أن تقدم ذلك قبل الحكم أو تقيم إشكالًا إذا كان ذلك بعد صدور الحكم.

حجية الحكم
وثانيهما ألا يكون التأخير في التنفيذ أو المماطلة فيه أو التقاعس مرده الجهة الإدارية وإلا كان ذلك إهدارًا لحجية الأحكام القضائية بخفض قيمتها القانونية وتحويلها بالمخالفة للدستور والقانون إلى رخصة لجهة الإدارة إن شاءت أعملتها وإن أرادت أغفلتها حيث لا يدخل في هذه الأسباب "شغل الوظيفة الفعلية بشخص آخر" لأن هذا القول وفي هذا المجال يغفل الكثير من الاعتبارات الواقعية والقانونية، كما لا يدخل فيها انتهاء المدة المقررة لشغل الوظيفة وذلك لأن هذا القول يلغي حجية الأحكام بأن يجيز لجهة الإدارة الإبقاء على قراراتها الباطلة فعليًا بتنفيذ الأحكام حكميًا بإضافة المدة المقررة لشغل الوظيفة فعليًا إلى مدة الخدمة حكميًا بما يحيل التنفيذ إلى مجرد إضافة مدة خدمة اعتبارية وليس تنفيذًا لصحيح أحكام القانون واحترامًا لحجية الأحكام القضائية التي تجد حدها أيضًا في عدم إفراغ حجيتها من المضمون، ومن ثم فإن تنفيذ الأحكام يقتضي الإعادة إلى الخدمة "فعليًا" من تاريخ تنفيذ الحكم ليكون قائمًا على سند صحيح من الواقع والقانون.

حفظ المركز القانوني
وانتهت إدارة الفتوى لوزارة التربية والتعليم بمجلس الدولة إلى أحقية الصادر لصالحه الحكم "محمد سعد" الحق في شغل المدة المتبقية له في الوظيفة القيادية "رئيس للإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص والرسمي لغات" عند صدور حكم القضاء الإداري وهو ما يتفق ومضمون الدستور والقانون من حجية الأحكام، ولا ينطوي على خروج عليها، ولا يعد إنشاءً لمركز قانوني جديد على خلاف طبيعة الحكم بل يتفق وطبيعة الأحكام القضائية من كونها كاشفة عن مركز قانوني قائم قانونًا عدلته أو ألغته جهة الإدارة بالمخالفة للقانون فتولى ردها إلى صحيح القانون حيث إن مقتضى تنفيذ الحكم المشار إليه يكون بإعادة المعروض حالته إلى وظيفته القيادية التي كان يشغلها بديوان الوزارة لاستكمال المدة المتبقية له.
الجريدة الرسمية