رئيس التحرير
عصام كامل

الفراعنة أصحاب مقولة «النظافة من الإيمان» وأول من عرفوا الزينة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قال مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة الآثار، إن الأمم المتحدة أقرت الرابع عشر من مارس بداية أسبوع للنظافة، مشيرا إلى أنه كما كان الفراعنة أول من أبدع في كل شيء كان المصريون القدماء هم أول من مارس النظافة سواء النظافة الشخصية؛ حيث كان حريصا على الاغتسال صباحا ومساء وغسل يديه قبل الطعام، ويكفيه فخرا أن من ضمن اعترافاته في محكمة الآخرة أنه لم يلوث مياه نهر النيل، لذلك نلقي الضوء على كيف مارس القديم النظافة قولا وعملا من خلال التقرير التالي:


كشف الدكتور حازم الكريتي، الباحث الأثري ومفتش آثار بمنطقة سقارة، إن المرأة الفرعونية كانت على وعي تام بأن النظافة هي مفتاح الجمال، ولذلك كانت سباقة في وضع سلوكيات وآداب التحضر.

وذكر أن "المرأة الفرعونية" كان لها السبق في وضع أسس ومقاييس الجمال لحواء، ولم تهتم بجانب واحد دون الآخر، إنما شملت قواعد العناية بالوجه، فاخترعت له العديد من الماسكات، منها ما هو طبيعي كطمي النيل، أو بعض الزيوت والعسل، إلى جانب ذلك اختارت أرقى الملابس وأبدعت حياكتها وفقا للعديد من خطوط الموضة التي مازالت بيوت الخبرة العالمية تقتدي بها حتى الآن.

وأكد "الكريتي" أن المرأة الفرعونية أولت بشرتها عناية كبيرة، فقد عرفت أقنعة العناية بالبشرة، بهدف تقويتها وتجديد شبابها وإمدادها بالعناصر اللازمة لبقائها يافعة، استخدمت لذلك "الغرين"، الذي يجلبه النيل زمن فيضانه، لصنع قناع للوجه والجسم، كما أن بيوت الخبرة في مجال العناية بالجمال اتجهت إلى استخدام أنواع الطينات التي تتوفر فيها العناصر الطبيعية والمعدنية سهلة الامتصاص، لعمل أقنعة للبشرة لما لها من أثر فعال في تغذية البشرة وتقويتها وتجديد حيويتها والمحافظـة على نضارتها وليونتها وصفائها.

واستخدمت العديد من أنواع الأقنعة، منها التي استخدمت فيها عسل النحل ومطحون الحلبة والأعشاب، وأيضًا العديد من أنواع الزيوت النباتية لترطيب بشرتها وتغذيتها، فاستعملت زيت البابونج الذي بدأت شركات إنتاج مستحضرات التجميل في استخدامه كعنصر فعال في تغذية البشرة والعناية بها، بعد أن تأكد لها أنه أفضل أنواع الزيوت فعالية في هذا المجال لما له من فوائد متعددة ولأنه ليس له أي آثار جانبية.

كما أنها استخدمت زيت الحلبة، الذي يتميز بقدرته الفائقة على مقاومة التجاعيد وتأخير ظهورها، إضافة إلى أثره الفعال في القضاء على النمش، وقد ثبت أن الملكة "كليوباترا" استخدمته بغرض العناية ببشرتها والمحافظة على شبابها.

وأدركت أن للشعر دورا كبيرا في إضفاء مظاهر الجاذبية والجمال على المرأة، فقامت بعمل تصفيفات تناسبت مع ملامحها وتكوين وجهها، وقد عرفت مصففات الشعر في مصر الفرعونية باسـم "ناشت" وكان دورهن يكمن في ابتكار التسريحات وتهذيب الشعر ونظافته، فعرفت المرأة العديد من التسريحات نعرفها نحن اليوم "كالكاريه"، و"البانك"، والشعر المسدل المجعد والمتدرج والقصير، والطويل، والجدائل بمختلف أشكالها، إضافة إلى الشعر المضموم لأعلى بطريقة "الشينيون".

وأضاف الكريتي: كانت المرأة المصرية تغير تسريحة شعرها من وقت إلى آخر ومن مناسبة إلى أخرى، والمرأة الفرعونية أول من استخدم "الباروكة"، حيث شاع في ذلك الوقت استخدام الشعر المستعار بجميع أشكاله كالخصلات والجدائل والحشو.

واستخدمت مثبتات الشعر المتنوعة "الجيل" من الدهون الحيوانية والشمع لتثبيتها، وحرصت على استكمال زينة شعرها بإضافة بعض اللمسات الجمالية بوضع دبابيس التثبيت التي صنعت من مواد مختلفة، إلى جانب ما استخدمته حواء من أمشاط للزينة وأشرطة مشغولة ومزخرفة وخرز وريش وزهور وحلي ذهبية وفضية.

ولنظافة شعرها استخدمت منقوع أوراق شجر الدر "النبق" وذلك لتخليصه مما يعلق به من دهون ومواد عضوية، إضافة إلى استخداماتها العادية لمواد قريبة الشبه بالصابون، وللتغلب على المشكلات المتعلقة بشعرها، استخدمت مجموعة من الزيوت الطبيعية مثل زيت الخروع وزيت الزيتون المضاف إليهما خام الحديد لإكساب الشعر النعومة والبريق، وقد عرف حاليا باسم "البرماتنت".

وعن حرص المرأة المصرية القديمة وعنايتها بعيونها، فتؤكد البرديات أن المرأة المصرية بالغت في الاهتمام بجمال عيونها، حتى تبدو ساحرة وجذابة، واستخدمت لذلك كحلا وظلالا للعيون، وكانت أنواع الكحل التي استخدمتها كثيرة منها كحل الملاغيت، وهو خام أخضر مائل للزرقة من خامات النحاس، وكحل الجالينا وهو خام أشبه بخامات الرصاص، والكحل البلدي السناج، ويحضر هذا الكحل عن طريق إحراق بذور الكتان أو قشر اللوز، وقد استعملته حواء الفرعونية لتحديد خطوط العين من الداخل، باستخدام المرود.

وظهرت المرأة المصرية كحيلة العينين، ونجدها أيضا اهتمت بجمال حاجبيها، حيث تدخلت في شكلهما حذفا وإضافة لتصل بذلك إلى أكمل وأجمل صورة تناسبهما، واستخدمت المقصات صغيرة من الذهب والنحاس والبرونز لذلك الغرض.

وتابع الكريتي: من الواضح على رسوم المعابد والجدران أن حواء الفرعونية كانت تتعامل مع مستحضرات التجميل بخبرة ووعي وإدراك وبلا مبالغة أو إسراف، حتى أن "المكياچ" الذي استخدمته كان غاية في الشفافية والنعومة فلا يخفي ملامحها أو لون بشرتها الطبيعي.

ويتضح من دراسات البـردي أنـها كانت تستخـدم لـذلـك الحجر الـثلجي أو السيلكا، وذلك بعد إعدادها بطحنها وتنعيمها ووضعها في أوان خاصة بذلك، ولإضافة مزيد من الحيوية والجمال لوجهها لوّنت حواء وجنتيها بلون وردي، كانت تحصل عليه من العديد من الأكاسيد الطبيعة، مثل المغرة الحمراء أو أكسيد الحديد الأحمر أو ثمار الرمان الجافة بعد إعدادها، كما لونت شفاهها بطلاء أحمر وكانت تخلط هذا الطلاء بمزج الأكاسيد الطبيعية وبعض الراتنجات والدهون للمحافظة على ليونة الطلاء والشفاه، ولإكسابها بريقا مميزا، واستخدمت كذلك الفرشات لتحديد الشفاه وتلوينها، وهو ما نعتبره حاليًا من أحدث الصيحات في فن التجميل.

وعن مدى اهتمام المرأة المصرية بالرياضة، أكد الدكتور حازم الكريتي أن المرأة الفرعونية مارست العديد من أنواع الرياضات البدنية، مما كان له الأثر الكبير في إكسابها الرشاقة وجمال النسب والتوافق العضلي، والإيقاع الحركي والليونة، بل أكثر من ذلك أنها عرفت فنون التدليك، وعنيت بدراسته وممارسته على أساس علمي دقيق مستخدمة في ذلك أنواعا من الزيوت للمحافظة على ليونة ولياقة العضلات التي تعاملت معها بعلم وفن ودراسة لتنشيط الدورة الدموية.

زيوت الجسم
الجو في مصر كان حارا وبه عواصف ويسبب جفافا في الجلد، ولذلك كان مهم جدا للمصريين أن يستخدموا زيوتا لأجسامهم لتبقى رطبة وحتى العمال كانوا يستخدمون زيوتا يرطبون بها أجسامهم وهذا كان جزءا من رواتبهم، والعسل كان للترطيب أما السيدات فكانت تستخدم الكريمات التي تشد الجلد، والرجال استخدموها لشعرهم حتى ينبت ويقضوا على الصلع.

النظافة الشخصية
والصابون كان شيئا أساسيا للنظافة الشخصية، وكان المصريون يعتقدون أن الجسم غير النظيف ورائحته كريهة غير طاهر، ولذلك كانت أجسامهم نظيفة ومهندمة والصابون استخدموه من الطين أو الرماد المخلوط بالزيوت العطرية، واخترعوا الصابون ومعجون الأسنان والكريمات، وهم من قالوا الجملة الشهيرة: "النظافة من الإيمان"، واستحمموا أكثر من مرة في اليوم بمعجون التطهير من الماء والنطرون، وهذا كان روتينا يوميا، وفركوا زيت اللبان في بشرتهم وهذا يجعل الجلد رطبا ولينا.

العطور
مصر كانت أكبر دولة على مستوى العالم في صناعة العطور ومتعاونة بشكل كبير مع تجار العطور الدوليين، والمصريون استخدموا الروائح القوية من البابونج واللافندر والقرفة وزيت الزيتون وزيت اللوز مخلوطا مع الدهون الحيوانية والزيوت، وفي العالم القديم أغلى أنواع الروائح وأكثرها جودة كانت من مصر والأكثر شعبية منها كان يصنع من الزنبق والقرفة، والروائح كانت تخزن في زجاجات جميلة من المرمر، وفيه أدلة أنه كان فيه علب زرقاء استخدموها، وأكثر الروائح المصرية شهرة صنعت في مدينة مندس بالدلتا، وكانت تصدر لروما وتتكون من الراتنج.
الجريدة الرسمية