رئيس التحرير
عصام كامل

فيتو عربي لصفقة القرن


كل الأنباء التي تتعلق بصفقة القرن الخاصة بالحل الأمريكى للمشكلة الفلسطينية تشير إلى أن هذه الصفقة فشلت قبل أن تتم أو بالأصح قبل أن تطرح ويتم التفاوض بين أطرافها! فها هو نتنياهو يتحدث عن مباحثاته مع ترامب فيقول إن المشكلة الفلسطينية لم تأخذ من وقت هذه المباحثات سوى رُبع دقيقة فقط، وإن نصف وقت المباحثات خصص لبحث الخطر الإيراني، فضلا عن أن ترامب لم يطرح عليه أي خطة مفصلة وزمنية لحل المشكلة الفلسطينية..


بينما نقل قادة حماس عن مسئولين مصريين أن واشنطن لم تطرح على القاهرة أي مشروعات للسلام وحل المشكلة الفلسطينية، وأنهم أكدوا رفض مصر التام والقاطع تلك الأنباء المتداولة حول فحوى صفقة القرن؛ لأن المصريين لن يفرطوا في أرض سيناء ولا يقبلوا بأي حلول لتصفية القضية الفلسطينية أو تقديم حلول منقوصة لها لا تعطي الفلسطينيين كل حقوقهم المشروعة.. أما البيان المشترك الصادر في ختام زيارة ولي العهد السعودي لمصر فقد أكد دعم كل من مصر والسعودية الكامل لجميع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام ١٩٦٧ وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة واستنادًا لحل الدولتين بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني..

وهذا البيان يرد ويفند كل ما أذيع وأشيع حول أن السعودية تروج لصفقة القرن الأمريكية، وتحاول إقناع السلطة الفلسطينية بقبولها بما في ذلك التخلي عن القدس واتخاذ أبو رديس عاصمة بديلة للدولة الفلسطينية، مثلما يرد كذلك على تلك الأكاذيب التي شككت في الموقف المصري، وتحديدًا فيما يتعلق بتبادل أراضٍ في إطار هذه الصفقة.

إذن نحن أمام صفقة وهمية للقرن لم تعرف معالمها، ولم يتم طرحها بعد على الأطراف المعنية، لا العرب أو الفلسطينيين ولا الإسرائليين أيضًا، ولم يقل لنا السيد ترامب متى ينوي طرحها، رغم أنه يتحدث عنها منذ أكثر من عام مضى.. بل لعله الآن هو وبعض المسئولين الأمريكيين يلوحون بأنهم لا يعتزمون طرح هذه الصفقة في القريب العاجل؛ لأن الجانب الفلسطيني غير جاهز ورافض للتفاوض من أجل حل المشكلة الفلسطينية، وذلك بعد رد فعله الصارم على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، ورفض أمريكا راعيًا للسلام في المنطقة.

وحتى لو لم تكن هذه الصفقة وهمية، وكانت إدارة ترامب تخطط فعلا لطرحها في غضون شهرين أو أكثر قليلا على الفلسطينيين والعرب، بل ربما تسعى إلى فرضها أيضًا، فإنها صفقة مرفوضة عربيًا، وليس فلسطينيًا فقط.. فها هما الدولتان الأهم في المنطقة العربية بالنسبة للقضية الفلسطينية يعلنان بوضوح كامل لا لَبْس فيه رفضهما في بيان رسمي مثل هذه الصفقة بما روج حولها من معلومات واقترن بها من تكهنات والتمسك بالحل العربي الذي أقر على مستوى القمة العربية، والمتمثل في المبادرة العربية، والذي يقوم على مبدأ حل الدولتين الذي يتيح للفلسطينيين إقامة دولتهم المستقلة على كل الضفة الغربية وغزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.. أنه فيتو كامل على صفقة القرن أو صفقة ترامب قبل أن يطرحها، وهذا سوف يجعله يتردد بالطبع في طرحها الآن.
الجريدة الرسمية