رئيس التحرير
عصام كامل

مصطفى أمين يكتب: الشعوب تصنع الأبطال

فيتو

في جريدة الشرق الأوسط عام 1978 كتب الصحفى مصطفى أمين مقالا قال فيه:


أتمنى أن نعيد كتابة تاريخنا على أساس جديد، وهو أن التاريخ هو تاريخ هذه الشعوب لا تاريخ الذين حكموها، أن الذين يكتبون التاريخ اعتادوا أن ينسبوا كل المفاخر إلى بضعة رجال وان ينسبوا كل المساوئ إلى عشرات الملايين.. وهذا غير حقيقى..

قد لا يكون كل الشعب أبطالا ولكن المؤكد أن البطل هو الشعب.. نعم إن ثلاثين فارسا بقيادة عبدالعزيز بن سعود حرروا الجزيرة العربية ولكنهم كانوا في الواقع طليعة الشعب السعودي كله وهم رأس الحربة التي تبعها الشعب كله. وإذا لم يكن الشعب السعودي في تلك الأيام في مستوى هذه البطولة لما استطاع عبدالعزيز بن سعود أن يصنع كل هذه الأمجاد.

فالشعوب هي التي تصنع الأبطال وليس صحيحا أن الأبطال هم الذين يخلقون الشعوب، كان سعد زغلول يقول إنه كان يستمد كل قوته من الشعب فإذا هب الشعب واقفا على قدميه أحس أنه أقوى ألف مرة مما هو، وإذا تخاذل الشعب وضعف وتهاوي أحس أنه أضعف ألف مرة مما هو.

وفي أحيان كثيرة ننسي أن شعبنا الصغير صمد للإمبراطوية الفرنسية وهزمها وأن سوريا لم تحن رأسها عندما انهالت عليها قنابل الجيش الفرنسي، وأن مصر والعراق والسودان وفلسطين قادت حركات وطنية مشهورة ضد الاحتلال البريطاني!

ننسي أنه لم يحدث في أي منطقة من العالم أن وقع فيها ثورات بهذا العدد الضخم الذي حدث في بلادنا، ثورة المهدي في السودان، وثورة سعد زغلول في مصر وثورة سلطان الأطرش في جبل الدروز وثورة الأمير عبدالكريم في مراكش وثورة عرابي وثورة ٢٣ يوليو وثورة ١٥ مايو في مصر وثورة المليون شهيد في الجزائر وثورة عمر المختار في ليبيا وثورة الحبيب بورقيبة في تونس وثورة رشيد عالي الكيلاني وثورة ١٤ يوليو في العراق وعشرات غيرها من الثورات الذين قاموا بهذه الثورات لا يمكن أن يكونوا عبيدا، ولا يقبلون أن يكونوا عبيدا، السلاسل لا تقيدهم، المشانق لا تؤدبهم، قطع الرءوس لا يخيفهم، ولهذا فهم أحق الشعوب بالحرية كل المحاولات التي بذلت على مدي التاريخ لإذلالهم لم تنجح في تنكيس رءوسهم ولا في إحناء ظهورهم ولا في تكمين أفواههم.
الجريدة الرسمية