رئيس التحرير
عصام كامل

سوريا أفسدت الربيع العربى


عندما أدلى الرئيس بشار الأسد بأول خطاب مهم له ردا على اندلاع الاحتجاجات، كان رد الفعل على تويتر يشير إلى أنه يسير على نفس خطى زين العابدين فى تونس وحسنى مبارك فى مصر، فى إلقاء خطابين والوعد بإجراء سلسلة من الإصلاحات قبل الرحيل لكن تحت الضغط الشعبى رحلا، لكن مضى وقت طويل للغاية فى انتظار الخطاب الثالث.


وبعد عامين ووقوع أكثر من 70 ألف قتيل وملايين من اللاجئين، فمن المؤلم تذكر السخرية السهلة من حتمية التغيير، لإطلاق الأسد العنان للقوة العسكرية ضد شعبه ومن المحتمل أن يحدث فى سوريا نفس البرنامج النصى الذى حدث فى ليبيا ويتدخل حلف الشمال الأطلسى بتفويض من الأمم المتحدة.

لقد أفسدت سوريا الربيع العربى، لاستمرار العنف، وربما لا تكون مصر وتونس سلمية تماما مثلما يميل الكثيرون للاعتقاد، فالكثير من المحتجين قتلوا فى اشتباكات مع الشرطة، لكن ما يهم أن الجيش اختار ألا يفتح نيرانه على الشعب، وتدخلت قوات الناتو فى ليبيا بعد شهر تقريبا من الأيام الأولى للثورة قبل أن يكتسب رد فعل معمر القذافى العنيف قوة كاملة. إلا أن نطاق القتل غير المفهوم فى سوريا والدمار استمر منذ عامين مع فظائع أسوأ تلوح فى الأفق.

وهذا يذكرنى بالطبعة الثالثة والأخيرة لكتاب الحرب الباردة لمالكولم كير، ومرح الأيام الخوالى للسياسة العربية فى عام 1967، وكتب كير أن الحرب كانت بمثابة لعبة كارثية وتركت العديد من اللاعبين مصابين بالشلل مدى الحياة والآخرون شعروا بالمرارة لأنهم أخذوا القتال بشراسة فيما بينهم.

لم يترك الأسد وسيلة متاحة أمامه إلا استخدمها من أجل التمسك بالسلطة، وأدت من تحول انتفاضة سلمية إلى حرب عسكرية لا يمكن وقفها، وتلك الفظائع كانت مرئية بشكل واضح وتم توثيقها بعدد لا ينتهى من الفيديوهات على موقع يوتيوب، وقد أدى التدخل فى ليبيا والحشد الدبلوماسى العربى حول سوريا فى وقت مبكر إلى إمكانية تشكيل قاعدة إقليمية جديدة ضد القادة الذين يقتلون شعوبهم، لكن تلك الآمال تلاشت الآن.

وتتصرف الولايات المتحدة بالطريقة التى تعتقد أنها سوف تخدم المصالح الأمريكية لكن تظهر أمريكا بصورة أن رد فعلها استجابة لأفعال العنف المروعة فى سوريا، وبدلا من مواصلة هذا النقاش الآن، أريد أن ننظر خطوة إلى الخلف ونرى مدى الكابوس الذى تسببت فيه الثورة السورية وفقد شعبها روح المرح والأمل وأصبح الربيع العربى وسيلة للعنف فى سوريا والذى يبدو أنه طويل الأمد.

نقلا عن فورين بوليسى 

الجريدة الرسمية