رئيس التحرير
عصام كامل

«مبدعون» 15 شابا يصنعون الجمال.. «الفن لحد عندك» شعار زهرة المحروسة.. والتقنين بداية خطواتهم..التضامن الاجتماعي تمنحهم مقرا.. وتلوين جدران محطة الأوبرا أولى الخطوات في عالم «ا

فيتو

إذا كنت من رواد محطة مترو «الأوبرا» بشكل يومي، فعليك أن تخضع للتجربة كاملة، دون ملل أو استياء من تكرارها النمطي، فحين تعبر البوابة الإلكترونية للصعود لأعلى المحطة، وتحديدا أمام السلم المتحرك العلوي، تجدهم يمسكون بهواتفهم المحمولة، تملأ الابتسامة وجوههم، أب يداعب صغيرته، قائلا: «تعالي أصورك أمام صورة شادية»، وأخرى تلح على صديقها أن يلتقطا "السيلفي" بجوار صورة "نجيب محفوظ".


عالم النجوم
الألوان تسيطر كليًّا على المشهد، كأنك انتقلت من عالمك الأرضى لتسبح في فضاء النجوم اللامعة، والمجرات التي نحمل لها في أذهاننا “الكرات الصغيرة المحاطة بالزرقة البنفسجية”، مشهد لا تراه إلا بالولوج عبر بوابة مترو الأوبرا المحاذية لدار الأوبرا المصرية.. “خمسة راحة في حضرة الجمال والإبداع الفني”.. اللذين كانت الصدفة وراء طرقهما باب هذا المربع الصغير: “إحنا كنا معديين من مترو الأوبرا شفنا قد إيه الحائط فيه كلام سيئ وشكله بشع، قولتلهم إزاى مترو الأوبرا وشكله كدة، تعالوا نلونه”.

من هنا كانت البداية لمشروع شبابى قائم بالفعل منذ نحو أربع سنوات، وآن له أن ينفض عنه الغبار ليخرج إلى الآلاف من الجماهير، التي تلحقهم بدعوة أو كلمة ثناء، أو عبارة “الله ينور عليهم”.

فريق “مبدعون” الذي يحتضن نحو 15 شابًا، بين شاعر ورسام ونحات، وحتى خريجي الكليات النظرية، كان حلمًا طوَّعته جداريات مترو الأوبرا ليصبح حقيقة مكتملة الأركان.

التقنين
تقول زينب مصطفى، رئيس مجلس إدارة الجمعية: «إحنا أسسنا الجمعية في ديسمبر 2016، بدأنا العمل بشكل غير رسمى منذ 2013، لكن الجميع وقتها نصحنا في ظل الظروف اللى بتمر بيها البلد، بأن نتبع جهة قانونية، وبالفعل أصبحنا تابعين لوزارة التضامن الاجتماعي، وخصصت لنا مقرًا صغيرًا من حجرة وصالة؛ لأن شغلنا كله على أرض الواقع، لا نحتاج للمقر في شيء، فما هو إلا وسيلة لإثبات تواجدنا في المجتمع المدني، علشان لما نيجى نعمل مبادرة “تيجى نلونها”- في إشارة لمبادرة تلوين جدارية المترو- لا يعارضنا أحد أو يطلب إثبات شخصية».

لم تكن “تيجى نلونها” المنبثقة عن الجمعية كإحدى المبادرات التي حرص الشباب على تقديمها منذ أنشئت الجمعية، إلا درجة ضمن سلم طموحاتهم البسيطة التي لا نهاية لها: “إحنا كان هدفنا في “تيجى نلونها” إننا بدل ما بنعمل معارض زى اللى كوناها من قبل في قصر ثقافة الجيزة ومكتبة مصر العامة، من خلال إحضار الفنان وعمله الإبداعى ودعوة الناس لمشاهدته، لا إحنا أخدنا الفن لحد عنده وقلنا له اتفرج!”، فكل شاب وشابة ممن وضعوا لمساتهم التي لا يمكن أن تزيلها الأيام ولا حتى السنوات، باتوا يأتون بفنهم ويضعونه بين يدى العابر من مترو الأوبرا، أو المار من أمام ميدان “المحكمة” بمصر الجديدة، “جدارية ميدان المحكمة دى أول خطوة لنا في مبادرة “تيجى نلونها”، انطلقت في 1 أغسطس 2016، وانتهت خلال 20 يومًا”. العشرون يومًا هي الرقم الثابت لدى “مبدعون”، لا يحيدون عنه كأنه رقم الحظ بالنسبة لهم، “أي مشروع بنبدأه بيستغرق نفس العشرين يوم”، تتحدث “زينب” ضاحكة.

لم تحظ جدارية ميدان المحكمة، التي كانت نقطة انطلاق الشباب نحو الشارع، بالقدر الكافى من الحفاوة مثل ما حظيت به جدارية محطة الأوبرا، “إحنا كان هدفنا إن الشباب دول بدل ما ييجوا المعارض اللى بنظمها يعرضوا لوحاتهم ويروحوا بها مرة أخرى، إنها تفضل في الشارع؛ كل عين تمر عليها تقول الله”.

بات شغل “مبدعون” الشاغل هو إعادة إحياء روح الفن والإبداع إلى قلب الشارع المصري، لمسة أرادوا أن يتركوها في كل ركن من أركان قاهرة المعز، فأمس في مصر الجديدة ومترو الأوبرا، وغدًا في حى شبرا أو العمرانية، وبعد غد ربما أمام منزل أحدهم، “الفن بالطريقة دى ممكن يعيش مدة أطول”.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية