رئيس التحرير
عصام كامل

محمود قورة يكتب: جراح صامتة

محمود قورة
محمود قورة

أدركت يا صغيرتي أن الواقع مرير حقا، وأن الحياة تقسو علينا فوق ما تقسو، وأنني عاجز حتى عن إخراج آهات القلب، بل إنني أذوب في التفكير بك، وكلما يشتد بي الألم أتوه بين مصارعي، حتى أنضوي تحت راية الصمت العاجز، وهنا تبدو مسكنتي.


إلا أننى بدونك لا أرى الحياة مزهرة، تترصد بي الظروف التي سابقا ما كنت أشرد فيها، لتفتح وراءها دوامة اليأس، وحينها أتذكر كيف أن قلبك النبيل ينتشلني من ذاك الركام المستبد.

يا عزيزتي إن البعد حطم ضفتي وسلب شراعي، وأن قلبى ما عاد يتحمل تلك البيروقراطية المسيطرة على فص القلب المنعم، إلا أنني أتصبر برؤياك عن كثب مخافة الضجر مني.

وبقلب هَرِم أقلب صفحات زلاتي الماضية، لأرى كم كنت ذاك الأناني، حتى اجتررت طعم جوارحي، واكفهر قلبي، وأدخلت في دوامة من الندم، لا يهتدى فيها قلبى الآثم، ولا يرحم فيها منعم.

إلا أننى يا عزيزتى لم أعد أطيق، فكل الأشياء بعدك بدت باهتة وباردة، وحينها أنظر إلى نفسي في غرابة واستخفاف وأتساءل هل عندما أحللت هجرك أكنت أعي؟ أكنت راشدا رزينا؟ كلا والله، بل كنت شارد اللب، مزدرى النفس، خائر القوى.

أريد أن أعلم هل أنا من أولئك المغضوب عليهم أم من الضالين الذين لا هداية لهم، ولا سبيل من الخروج من ربقة حبك، فلترحمي نفسا تجرعت العذاب ألوانا، وألبسها بعدك أساور العذاب المميت.

وأخيرًا أعترف أنني مخطئ، فقلبي يئن، ولن تهدأ ثورته إلا بك، ولتعلمي أني لا أود سواك، فلترجعي.
الجريدة الرسمية