رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عن «الأشباح» الذين ثأروا لعبد المنعم رياض!


المشهد الأول:
عبر الخط الساخن الذي يربط الزعيم جمال عبد الناصر مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة الجنرال الصارم الذي أعاد بناء الجيش العظيم وقتها الفريق أول محمد فوزي كان الاتصال من 6 كلمات لا أكثر: "نتقابل يا فوزي الواحدة بعد الظهر"! وفي اللقاء كان الأمر المباشر هو: "أريد الثأر لرياض قبل حلول ذكرى الأربعين له"، وكان رد الفريق فوزي مختصرًا ومتوقعًا ومعروفًا: تمام يا فندم!


كانت جنازة الفريق أول عبد المنعم رياض أسطورية حتى أن الحشد الجماهيري أطاح بعيدًا بحرس الرئيس عبد الناصر ويسجل فيلم الجنازة كيف ذاب عبد الناصر وسط الجماهير التي اقتربت وحمته بدلا من الحرس بينما الهتافات تتعالى تطالب بالثأر!

المشهد الثاني:
تم استدعاء البطل الأسطوري إبراهيم الرفاعي بالعملية هو ومجموعته الشهيرة الآن بالمجموعة 39 قتال، وكانت تسمى وقتها مجموعة "الأشباح" نظرًا لقيامها في حرب الاستنزاف بعمليات عديدة خلف خطوط العدو الإسرائيلي بضربات موجعة جدًا..

كان التخطيط للعملية يقتضي دراسة الموقع الموجود على الضفة الشرقية للقناة الذي انطلقت منه القذائف التي أصابت الشهيد عبد المنعم رياض وأدت لاستشهاده بعد الاتفاق على أن الثأر لا يتم إلا بتدميره بالكامل! كان الفريق محمد صادق متابعا للاجتماعات وتقرر أن تتولي المخابرات الحربية مهمة الحصول على كل صغيرة وكبيرة عن الموقع، فضلا عن معلومات مجموعة "الأشباح" أنفسهم الذين راقبوا الموقع على مدى الساعة وعرفوا تحصيناته ومدفع اشتهر لخطورته باسم "أبو جاموس"، وكذلك وعد دخول وخروج الضباط والجنود وكل شيء له علاقة بالموقع الحصين!

المشهد الثالث:
معلومات مفاجئة تشير إلى وصول 3 من كبار قيادات جيش العدو للموقع المذكور بعد أيام فتقرر تنفيذ العملية في وقت الزيارة واغتيال القيادات الثلاثة معًا ولكن كيف يمكن ذلك؟! هذا يتطلب تحضيرًا خاصًا وترتيبًا وتدريبًا على اقتحام موقع مشابه، ويجب أن يتم ذلك بسرعة فلا وقت أمام المجموعة، خاصة أن القيادة تنتظر تمام نجاح العملية! وعلى أساس هذه المعطيات تقررت العملية موعدها وخطة تنفيذها كاملة!

المشهد الرابع:
عمليات الصاعقة تقوم بها مجموعات صغيرة لا تتعدى في الغالب 6 أو 7 أفراد إلا أن هذه العملية سجلت أكبر عملية شارك فيها عدد من الضباط والجنود في التاريخ، حيث بلغ 66 عنصرًا! كان آخر ضوء في ليلة 19 أبريل عام 1969 يقترب ليلعن انتهاء النهار وهي اللحظة التي قرر فيها البطل الشهيد إبراهيم الرفاعي أن تنطلق المدفعية المصرية لتربك العدو وتشتت قياداته، بينما كانت المجموعة تتسلل لتأخذ أماكنها حول الموقع كانت المجموعات يقودها الرفاعي، بينما قيادات الاقتحام كانت من النقيب وقتها محيي نوح وكان النقيب الجلاد والأبطال سمير نوح ومحسن طه وأحمد رجائي عطية وطبيب على نصر ووئام سالم وإسلام توفيق وملازم بحري ووسام حافظ وعلى الضفة الغربية العميد مخابرات مصطفى كمال وكل قائد مجموعة خلفه مجموعته!

المشهد الخامس:
تم العبور إلى الضفة الأخرى في الموقع المواجه لمدينة الإسماعيلية وتحدد جيدًا أمام مقر إدارة هيئة قناة السويس الحالي، وذهبت كل مجموعة إلى موقعها، واستمرت العملية لأكثر من ثلاث ساعات كاملة بلغت حد استخدام الأسلحة البيضاء ووجهًا لوجه ورجل لرجل وانتهت العملية بقتل وتصفية 44 مجرما صهيونيا ثم تدمير الموقع بكامله بكل ما فيه من عتاد وأسلحة!

المشهد السادس:
في اليوم التالي للعملية الزعيم جمال عبدالناصر يزور الأبطال في مستشفى المعادي العسكري ويصافح ويداعب أسرة النقيب البطل محيي نوح -أطال الله عمره وقد شرفنا بإهدائنا كتابه عن بطولاته وذكريات القتال- والذي سأله الزعيم عن كيف كان الجندي الإسرائيلي في مواجهتكم في هذه العملية الكبيرة؟ فرد اللواء نوح قائلا: سيادتك يا فندم كنت تسمع صراخهم واستغاثاتهم أمس بأجهزة التنصت على اتصالاتهم!

ضحك كل من في الغرفة أسرة نوح والفريق فوزي والفريق صادق وآخرين، وكان ذلك في 20 من أبريل 1969، وفي اليوم التالي للعملية، كما قلنا إلا أننا لم نقل أنها كانت في ذكرى الأربعين بالتمام لرحيل الجنرال الذهبي الشهيد عبد المنعم رياض، والذي استشهد في مثل هذا اليوم 9 مارس، والذي تقرر اعتباره يومًا للشهيد نحتفل به كل عام !!

المجد للأبطال.. احكوا لأولادكم بطولات آبائهم وأجدادهم وقد غيبوها عنهم وعنكم سنوات طويلة احتكر فيها البعض كل شيء، بينما ظل الشهيد البطل الخالد عبد المنعم رياض عندهم -عندهم- ليس إلا اسم شارع في بعض المدن!
Advertisements
الجريدة الرسمية