رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور محمد سيد طنطاوي يكتب: منزلة الشهيد

فيتو

في جريدة الجمهورية مارس عام 1997 كتب الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر (رحل في 10 مارس 2010) مقالا بمناسبة يوم الشهيد قال فيه:


الشهداء من الناس.. هم الذين جاهدوا من أجل إعلاء الحق، ومن الدفاع عن دينهم وأموالهم وعن أنفسهم، وعن عزتهم وكرامتهم وعرضهم وأرضهم.. وعن كل ما يجب أن يدافعوا عنه، كما أمرتهم بذلك الشريعة الإسلامية التي يقول كتابها: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».

والذي يقرأ القرآن الكريم بتدبر وتفكر يراه قد بشر المجاهدين الذين استشهدوا وهم يجاهدون من أجل نصرة الحق بإخلاص وثبات.. بشرهم ببشارات متعددة:

بشرهم بأن خالقهم عز وجل ـــــ وهو المالك لكل شيء ــــ قد اشترى منهم أنفسهم وأموالهم التي بذلوها في سبيله، وأعطاهم في مقابل ذلك الجنة فقال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

أي إن الله تعالى منح المجاهدين جنة عرضها السموات والأرض، وذلك لأنهم ضحوا بأعز شيء لديهم من أجل إعلاء كلمته، وإظهار دينه.

وهذه الجنة التي هي جزاء الشهداء قد جعلها الله حقا لهم عليه، وأثبت ذلك في الكتب السماوية، ولا أحد أوفى بعهده من الله، وما دام الأمر كذلك فاستبشروا وافرحوا ببيعكم الذي بايعتم به، وارضوا به نهاية الرضا؛ فإن ذلك البيع هو الفوز العظيم الذي لا فوز أعظم منه.

قال الحسن البصرى بعد قراءته لهذه الآية: "انظروا إلى كرم الله، أنفس هو خالقها، وأموال هو رازقها، ثم هو يكافئنا عليها متى بذلناها في سبيله بالجنة، وقد بشرهم سبحانه وتعالى بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله".
الجريدة الرسمية