رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل الفعالية العربية الثالثة لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة

المنظمة العربية لحقوق
المنظمة العربية لحقوق الإنسان

عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالشراكة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر ثالث فعالياتها على هامش الدورة ٣٧ لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والتي تناولت "تحديات حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب.. مصر نموذجا".


أدار النقاش إسلام أبو العينين مدير البرامج بالأمانة العامة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وتحدث خلالها محسن عوض ممثلا عن المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، وعلاء شلبي الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان.

في البداية، وجه أبو العينين التحية المرأة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، منوها بأن المنظمة قد عنيت بعقد أولى فعالياتها على هامش الدورة ٣٧ لمجلس حقوق الإنسان لبحث قضايا المرأة ومعاناتها في سياق النزاعات المسلحة.

وأضاف "أبو العينين" أن خريطة التنظيمات الإرهابية في البلدان العربية شهدت تطورات متسارعة وغير مسبوقة، لا سيما في ظل مناطق النزاعات المسلحة أو في سياق بلدان الجوار.

ونبه إلى مخاطر التهاون في مواجهة الإرهاب أو في تفشي الانتهاكات في سياق مكافحة الإرهاب.

وفي مداخلته، قال "شلبي" إن الاضطراب الإقليمي في المنطقة العربية يرتبط بشكل كبير بالتكامل الحاصل بين النزاعات المسلحة والأنشطة الإرهابية، موضحا أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان، قد تتيح للحكومات التحلل من بعض الالتزامات، لكنها وضعت ضوابط واضحة لضمان أن تكون هذه التدابير ذات طبيعة مؤقتة وتنصب على الجوانب الضرورية فقط، موضحا أن البلدان العربية التي تنعم باستقرار نسبي وتكافح الإرهاب تتجاوز إلى تضييق المجال العام في غير الضرورات.

وأضاف "شلبي" أن المعايير الدولية تحظر المساس بالحقوق الأساسية، بما في ذلك في سياق الحروب والطوارئ، غير أن هذا الالتزام لا يلقى تجاوبا من طرف الدول التي تعاني الإرهاب لا على الصعيد العربي ولا على الصعيد الدولي.

وتمسك "شلبي" بضرورة احترام الحكومات العربية لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان خلال مكافحة الإرهاب، مؤكدا أن ذلك يشكل ضرورة لا مناص منها لنجاح هذه الجهود.

وأكد على أهمية تبني الحركة الحقوقية لمواقف موضوعية من التطورات وعدم الانزلاق للانخراط في الصراعات السياسية، موضحا أن الدفاع عن حقوق المشتبه بهم لا يعني التغافل عن حقوق ضحايا الإرهاب، وأن الإرهاب لا يمكن تبريره بالصراعات السياسية، ولا يمكن أن تكون جهود الدفاع عن حقوق الإنسان أداة في الصراع السياسي.

وأشار إلى الإسهام في خلق حالة عدم الاستقرار واحتمال الانزلاق لنزاعات مسلحة يؤدي لتقويض شامل لحقوق الإنسان ويضعف قدرة الدولة الوطنية على النهوض بمسؤولياتها في حفظ الأمن وتلبية الاحتياجات المعيشية للمواطنين، موضحا أن حقوق الإنسان لا تنمو في ظل الاضطراب.

وأكد أن هناك اعتزاز كبير بالقدير "محسن عوض" الأمين العام السابق، والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر الذي يضم في رئاسته وعضويته نخبة متميزة من قيادات وأعضاء المنظمة المصريين في المجلس، موضحا أن الشراكة المتميزة التي لطالما جمعت المؤسستين فيما يتصل بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، لا سيما أن رهان الآباء المؤسسين للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في العام ١٩٨٣، كان إضافة لقوة مصر الناعمة وتأثيرها في المنطقة العربية، واختيار لتكون مقرا للمنظمة.

ونوه "شلبي" بتراوح الأوضاع في مصر بين تقدمات في بعض المجالات وتراجعات في البعض الآخر، مشددا على أن تعزيز جهود حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب يشكل ضرورة لا غنى عنها لمنع استفادة الإرهابيين من المظالم في تبرير جرائمهم والتستر خلف سواتر سياسية.

وقال إنه على الرغم من أن الإرهابيين ليسوا مدنيين بالمعنى الاصطلاحي القانوني لاتخاذ تنظيماتهم أشكالا شبه عسكرية، فإن المنظمة تدعو إلى محاكمتهم أمام محاكم عادية، وتدعو إلى الحد من تنفيذ عقوبة الإعدام بصفة عامة، ولا تنساق إلى الاقتصار على الدعوة لمنع تنفيذ العقوبة بحق الارهابيين وحدهم دون غيرهم، وإلا أصبحت دعوات مشوهة.

وفي مداخلته، أشار "عوض" إلى جهود المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر في رصد جرائم الإرهاب وجهود مكافحة الإرهاب ضمن جهوده لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر بصفة عامة، وإيفاد المجلس لبعثات تقصي حقائق ميدانية في العديد من الأحداث، بما في ذلك خمس بعثات في الحزام الصغير، الواقع في أقصى شمالي سيناء، الذي يشهد كثافة في الجرائم الإرهابية.

وأضاف "عوض" أن مصر تتشارك مع شقيقاتها من البلدان العربية في أوجه المعاناة من الإرهاب وجهود مكافحة الإرهاب، لكنها تفردت بإطلاق مواجهة أكثر شمولية تشمل مكافحة التطرف والأفكار الإرهابية، وتشمل إطلاق جهود تنموية كثيفة لسد الفجوات التي يستغلها الإرهاب، بما في ذلك بهدف الإدماج الاجتماعي للسكان في المناطق الحدودية.

وأوضح "عوض" أن الإرهاب، شهد طفرات نمو وتطور كبير، مثل تحول تنظيم "أنصار بيت المقدس" الإرهابي إلى ولاية سيناء التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، ومثل تطور التنظيمات المنبثقة عن جماعة الإخوان من تنظيمات "أجناد مصر" و"كتائب حلوان" إلى تنظيم "حسم" الأكثر شراسة وقدرة على تنفيذ جرائم نوعية.

وأكد "عوض" أن جهود الدولة أسهمت في تراجع المعدلات الكمية للجرائم الإرهابية، لكن التحولات النوعية لتلك الجرائم أسفرت عن جرائم أكثر بشاعة وتهديدا للبلاد، مثل تفجير الطائرة الروسية، والاعتداءات على الكنائس وقتل نحو ٢٥٠ من المواطنين المسيحيين، ثم استهداف المصلين المسلمين كما حدث في مسجد الروضة بشمالي سيناء، وأدى لمقتل ٣١٥.

وأضاف، أن الدولة اتجهت لفرض حالة الطوارئ لمواجهة التهديدات الإرهابية، واتخذت تدابير أكثر تشددا.

وقال إن مصر، حرصت على عدم الدخول فعليا في تحالفات لمكافحة الإرهاب، في ظل مناخ التخبط على المستويين العربي والدولي، وحرصت على الحيلولة دون انخراط قطاعات مجتمعية في المعركة الأمنية، على نحو ما حدث في شمالي سيناء عندما سعت بعض القبائل للانتقام من الإرهابيين الذين قتلوا ٢٥٠ من السكان في سنة واحدة.

وقال آن السلطات أطلقت الشهر الماضي العملية الشاملة باسم "سيناء ٢٠١٨" لكنها شملت كافة الاتجاهات الإستراتيجية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.

وكشف "عوض" عن جهود متنوعة يبذلها المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر حاليا مع كبريات المنظمات الحقوقية غير الحكومية ومنها المنظمة العربية لحقوق الإنسان لحث الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب في سياق يتوافق مع ضمان حقوق الإنسان ويمنح المجال لتعزيزها بالشكل الذي كفله دستور مصر ٢٠١٤ بضمانات متميزة.

وفي المناقشات، أعرب المشاركات والمشاركين عن تقديرهم لمخاطر الإرهاب على لاستقرار وعلى التنمية بمفهومها الشامل، داعين لبذل كل جهد ممكن لضمان احترام وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، وعدم تغول التدابير على الحريات العامة وحريات الاجتماع والجمعيات والتعبير لأهميتها في مكافحة الإرهاب.
الجريدة الرسمية