رئيس التحرير
عصام كامل

حكم قضائي ناصف في قضية امرأة الكفيف في اليوم العالمي للمرأة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بمناسبة احتفال العالم ومصر باليوم العالمي للمرأة، منذ أن أقر هذا اليوم كمناسبة عالمية بعد انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في 7 مارس 1945، ، ذكرت مصادر حقوقية تناصر المرأة المصرية أن حكمًا قضائيًا سابقًا  شاهدًا على إنصاف وتقدير المرأة المصرية في عيدها العالمي في أول تطبيق للدستور المصري عام 2014 بعد صدوره بعشرة أيام فقط، أصدرته محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ  في الدعوى رقم 6216 لسنة 11 ق بجلسة 28 يناير 2014 برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في قضية المعروفة إعلاميًا بامرأة الكفيف، حيث قضت بإلغاء قرار صادر من وزارة الصحة برفض تمكين امرأة تعمل ممرضة بمستشفى بلطيم المركزي من السهر بالليل لرعاية زوجها الكفيف الذي قضت المحكمة بإلغائه، وأكدت المحكمة أن المرأة مصباح الحضارة المصرية في النضال والتضحية.


وأعربت منظمات حقوقية مهتمة بشئون المرأة، أن هذا الحكم  القضائي المهم رغم مرور الوقت يعتبر ميثاقًا متجددًا يعكس رؤية المجتمع كله بكلمة الحقيقة التي نطقت بها منصته الرفيعة، وتعتبره المرأة المصرية وثيقة فخار لها في سجلها التاريخي الناصع.

قالت المحكمة في حيثيات حكمها الساطع، إن المرأة المصرية كانت سندًا ركيزًا للرجل في كفاحه ضد الاستبداد على مدار ثوراته في التاريخ خاصة منذ أوائل القرن الماضي حتى الآن سعيًا للحرية وبلوغًا لأواصر الديمقراطية، وضربت للرجل مثلًا في القدوة والوطنية وغدت مصابيح الحضارة المصرية في النضال والتضحية، وكان دورها في تنمية المجتمع عنصرًا فاعلًا بعد أن ذاقت القهر والمهانة والاضطهاد في عصور الظلام على الرغم من أنها الكوكب الدري الذي يستنير به الرجل وبدونها لا تستقيم الحياة فهى في الحق تاج الخليقة ومكونة المجتمع فلها عليه سلطة المشاركة فلا يعمل فيه شئ إلا بها ولأجلها.

وأضافت المحكمة في حكمها التاريخي المنصف للمرأة موضحة الفضائل الكريمة وآداب السلوك للمرأة المصرية وأثرها على حسن أداء الوظيفة العامة بقولها أنه كان حريًا  بالرجل ألا يستأثر بجني ثمار الحرية وأن يهدهد من أطماعه العاتية لتبسط المرأة يديها الحانية فتشاركه قطوفها الدانية، وما من ريب في أن ما تعطيه المرأة لأسرتها من الفضائل الكريمة واَداب السلوك يؤثر حتمًا على حسن اضطلاعها بالوظائف العامة التي تقوم بها، مما يستوجب على كافة المسئولين بالدولة ألا يتغافلوا تجاه المرأة عن كفالة التوازن والتوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل وهو ما ارتقى به المشرع الدستورى ليضحي من الحقوق الدستورية الأصيلة للمرأة.

واختتمت المحكمة في حكمها الإنساني العادل أن وجدانها  يهتز وترتعد السماء بحسبان أن زوج المدعية كفيف يواجه الظلام الكوني في الليل والظلام البصري الذي ابتلاه الله عز وجل والمحكمة وهى الحارس الأمين على الحقوق والحريات العامة لا تقف مغلولة في تقدير تلك الاعتبارات، بل تنزل رقابة المشروعية الحقة التي وسدها إليها الدستور والقانون في توازن دقيق بألا تضع الإدارة من العراقيل ما يحول بين قيام المدعية برعاية زوجها الكفيف بالليل بإجبارها كرها على السهر بالمستشفى بعيدا عنه مما يعرض حياته للمخاطر وهي مصلحة اجتماعية أوجب بالرعاية والاعتبار وكان يمكنها تكليف المدعية بأحد الفترتين أثناء النهار، إلا أنها اعتبرت أن فقدان البصر ليس سببا طبيا يخصها مخلة بذلك بحق دستورى المتمثل في تمكين المدعية من التوفيق بين واجبات أسرتها ومتطلبات عملها ومهدرة أيضًا لحق دستوري آخر لذوى الإعاقة في الرعاية طالما كافحوا للحصول عليه، ولا يخفى أن القرار الطعين يؤدى إلى تمزيق الأسرة وتفريقها عندما يجد الزوج الكفيف زوجته تتركه في أحلك الأوقات.
الجريدة الرسمية